وصف عضو اللجنة الخارجية بمجلس الشورى دكتور زهير الحارثي الحراك الدبلوماسي المكثف الذي شهدته المملكة منذ تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم بملمح جديد لنهج السياسة الخارجية في عهد الملك سلمان ورسالة واضحة لدورها المرتقب في القادم من الأيام. وقال دكتور الحارثي لـ»المدينة»: بأن تشكّل الواقع الإقليمي الجديد دفع السعودية للتعاطي مع متطلبات المرحلة لاسيما وان هناك ضرورة حتمية للقيام بذلك في ظل الإفرازات السلبية للأحداث، فمنذ تولى الملك سلمان سدّة الحكم والرياض تستقبل من كل حدب وصوب زعماء ورؤساء من كافة أرجاء العالم حيث وصل عدد من التقاهم خادم الحرمين خلال خمسة اسابيع 13 زعيما.وأكد دكتور الحارثي أن قادة الدول الذين زاروا المملكة مؤخرا لديهم قناعة ومعرفة بحجم تأثيرها واهمية الدور الذي تلعبه سياسيا وامنيا واقتصاديا لا سيما في ظل المتغيرات والاحداث الراهنة. وأوضح دكتور الحارثي بأن الدبلوماسية السعودية كانت ولا زالت تنزع للتدخل في اللحظات الحاسمة ليس فقط لإنقاذ الموقف العربي من الانهيار بل لتعزيز الامن والاستقرار الدوليين وبالتالي فان تلك الزيارات لم تأت بمعزل عما يدور في الساحة الدولية، وذلك ما يجعلها تكتسب أهمية خاصة نظرا لتوقيتها والآمال المعقودة عليها في حلحلة الملفات المطروحة باتجاه الانفراج السياسي. والمتابع لانطباعات النخبة والمثقفين في عالمنا العربي، يلمس حجم التفاؤل الملقى على عاتق الملك سلمان كقائد للامة، وأنه مهيأ للعب دور استثنائي وتاريخي للمّ الشمل الإسلامي والعربي وتنقية العلاقات الخليجية والعربية من الشوائب وقدرته على تعزيز العمل العربي المشترك، وبالتالي يتضح هنا محورية السعودية ودبلوماسيتها الهادئة ما جعلها تحظى بهذا التقدير والاهتمام.وأشار دكتور الحارثي إلى وجود تقارير إعلامية عن أن ثمة استراتيجية تتبلور في الرياض على نار هادئة لحل الخلافات وتعزيز العمل العربي المشترك نظرا لأهمية الدور المفصلي للدبلوماسية السعودية وما يمكنها القيام به في سبيل تعزيز المصالحة الخليجية ومعالجة ملف المصالحة القطرية المصرية رغم تعقيداته الشائكة، أضف الى ذلك الملف التركي وعلاقاته بدول الخليج ومصر أيضا. ومن الطبيعي ان محادثات الملك سلمان مع القادة والزعماء تناولت تلك المواضيع وغيرها، غير ان ما يهمنا هنا هو الإشارة الى قدرة السعودية على حل الخلافات وإدارة الازمات العربية وبلورة مشروع عربي-إسلامي يواجه المشروعات التوسعية في المنطقة لان السعودية لديها من المقومات والعوامل ما يساعدها على ترجمة تلك الرؤية على الأرض.كما ان توجهات سياستها الخارجية ترتكز على توسيع آفاق التعاون السياسي والاقتصادي مع دول العالم، وتربطها صداقات مع الجميع منطلقة من مفهوم الاعتدال ما شكل لها نموذجا في فكرها السياسي جنّبها التورط في التجاذبات الدولية. ويبدو ان الزيارات ستؤسس لتفاهمات يتشكل منها محور جديد قادر على مواجهة الارهاب وداعم للقضايا العربية فضلا عن تحجيم نفوذ إيران المتنامي ومشروعها التوسعي. وهذه الزيارات والمناقشات التي دارت في قصر خادم الحرمين- كما يبدو- توظفها المملكة لتوحيد الصف ومعالجة الخلل لإعادة بناء التضامن العربي، مستندة على رؤية منطقية مؤداها أن اختلاف وجهات النظر لا يعني أن تؤدي نتيجتها إلى القطيعة أو الخلاف. وان المخاطر الراهنة تستدعي تفعيل التعاون والتنسيق والتشاور وتجاوز المعوقات وصغائر الأمور. وأخيرا.. فإن لقاءات الملك سلمان مع القادة والزعماء تعكس مكانة وثقل المملكة ما يجعلها رقماً صعبا في معادلات المنطقة ولاعباً أساسياً في الساحة الدولية، وتكشف عن قدرة دبلوماسيتها في تنقية الأجواء واحتواء الأزمات وبلورة تفاهمات مع كافة الأطراف من اجل استقرار الإقليم ودعم القضايا العربية وتعزيز الامن والسلم الدوليين.