أعربت رئيسة كوريا الجنوبية بارك غيون هيه عن ارتياحها لمستوى العلاقات بين المملكة وبلادها. وقالت في حديث خاص ل «الرياض» عشية زيارتها إلى المملكة ولقائها الملك سلمان بن عبدالعزيز، ان المملكة وكوريا الجنوبية «رفيقتان مخلصتان لبعضهما البعض ودائماً نسعى إِلى تعزيز علاقة التعاون الاستراتيجية استنادًا إلى الصداقة المتينة بيننا والتي يرجع عمرها إلى أكثر من نصف قرن.» وأشارت إلى «أن المملكة لعبت دوراً مهماً كشريك مقرّب لجمهورية كوريا في مسيرة تطوير الصناعة الكورية.» استراتيجية السياسة الخارجية لكوريا تأثرت بسبب الاضطرابات في الشرق الأوسط واستطردت الرئيسة الكورية قائلة «إن جمهورية كوريا يمكن أن تكون شريكاً جيداً في سياسات تطوير المفاعل النووي للمملكة. وعلمت «الرياض» أن البلدين سيوقعان اليوم، بحضور خادم الحرمين والرئيسة هيه، مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون وشراكة تتعلق بمفاعل «سمارت»، الذي ينتمي للمفاعلات النووية الصغيرة الحجم والذي يولد ما حجمه 300 ميغاواط من الطاقة ويتميز بالأمان، إضافة إلى مفاعل (إيه.بي.آر 1400) . فإلى نص الحديث: * فخامة الرئيسة، التعاون الاقتصادي بين المملكة وكوريا وخصوصاً في المجال النفطي متميز، لكن ماهي رؤيتكم من أجل التعاون في مجالات أخرى؟ - كوريا والمملكة العربية السعودية حليفتان لبعضهما البعض، حيث يسعى البلدان إلى تطوير العلاقة الودية بينهما منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1962م. وتعتبر المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجاري من بين دول الشرق الأوسط لجمهورية كوريا وأكبر مزوّد للنفط الخام وأكبر سوق في مجال بناء المشاريع والتشييد. ولاشك أن المملكة لعبت دوراً مهماً كشريك مقرّب لجمهورية كوريا في مسيرة تطوير الصناعة الكورية. شكّل التعاون مع المملكة الذي شوهد من خلال دخول الشركات الكورية في أسواق الشرق الأوسط في عهد التصنيع الكوري أساساً متيناً في تطوير الاقتصاد الكوري وما زال الشعب الكوري يتذكر جيداً عمق هذا التعاون. وفي الآونة الأخيرة، تعمل جمهورية كوريا والمملكة العربية السعودية على تنويع وتوسيع دائرة التعاون الى ما وراء المجالات التعاونية القديمة مثل البناء والطاقة لتشمل مجالات الصحة والطب والطاقة المتجددة والتعليم وتقنية المعلومات والاتصالات. وسَبَقَ أن سَمعت عبارة "الرفيق" في اللغة العربية وهو تشير إلى الشخص الذي يصحب الآخر في مِشوار طويل. إنني على يقينٍ تام بأن البلدين جمهورية كوريا والمملكة العربية السعودية رفيقتان مخلصتان لبعضهما البعض ودائماً نسعى إِلى تعزيز علاقة التعاون الاستراتيجية استنادًا على الصداقة المتينة بيننا والتي يرجع عمرها إلى أكثر من نصف قرن. * فخامة الرئيسة، قلتم إنكم تتطلعون لنقل التعاون من المجالات القديمة إلى أخرى جديدة، هل لدى بلادكم رغبة كبيرة من أجل الدخول في تطوير مصادر الطاقة في المملكة ومنها الطاقة النووية، ماهي استراتيجية بلادكم في التعاون مع المملكة في هذا المجال؟ - حسب معرفتي، خلال الفترة الأخيرة تسعى المملكة العربية السعودية إلى تشجيع نمو الطاقة الذرية والمتجددة من أجل مواجهة زيادة استهلاك الطاقة الكهربائية وتَحقيق تنويع مصادر الطاقة. أما كوريا من جهتها فعملت منذ زمنٍ على تقوية صناعة الطاقة النووية والطاقة المتجددة بما يجعلها تتمتع بخبرات واسعة النطاق. لهذا السبب، أرى أن هناك إمكانيات كبيرة للتعاون في هذه المجالات. وأيضاً تتمتع كوريا بخبرة إدارة المفاعلات النووية منذ ثلاثة عقود ماضية بشكل مستقرّ ويَجري حالياً البناء في مشروع المفاعل النووي للإمارات العربية المتحدة بالنجاح. ومن هنا أعتقد أن جمهورية كوريا يمكن أن تكون شريكاً جيداً في سياسات تطوير المفاعل النووي للمملكة. وفي الواقع، إن هناك مشروعات تعاون عديدة بين البلدين مثل مشروع إنشاء معمل للطاقة النووية الوطني وتسويق مفاعلات نووية صغيرة الحجم والمعروفة باسم "سمارت". وكما أتمنّى أن نشهد تعاونا بناء وحقيقياً في بناء المفاعل النووي وتشغيله وبناء القدرة البشرية واختراع التقنية الجديدة وغيرها من المجالات. * فخامة الرئيسة، فيما يخص الجانب السياسي تدركون أهمية وأمن منطقة الخليج العربي بالنسبة للاقتصاد الكوري، مامدى إسهام كوريا في الحد من الطموحات الإيرانية في تطوير برنامج نووي غير سلمي، وهو أمر من شأنه الإخلال بموازين القوى في المنطقة؟ - تُجَابِهُ جمهورية كوريا تهديد كوريا الشمالية النووي، وتدرك تماماً أهمية عدم انتشار الأسلحة النووية وحل مشكلة الملف النووي الإيراني. لذلك تلتزم كوريا التزامًا تاماً بإجراء العقوبات التي اتّفق عليها المجتمع الدولي، كما تشدد على الوفاء بالإجراءات الدولية التي جاءت خلال إجراء المفاوضات الخاصة بحل الملف النووي الإيراني. والآن تَجري مفاوضات كثيفة بين الدول الغربية وإيران وأتمنى أن هذه الجهود تثمر إنجازات بما يزيل المخاطر المثيرة للقلق للدول المجاورة والمجتمع الدولي قبل انتهاء المهلة المحددة. * في ذات التوجه، فخامة الرئيسة، كيف أثرت الأزمات السياسية في الشرق الأوسط خلال الخمسة أعوام الماضية في الاستراتيجية الخاصة بالسياسية الخارجية لبلادكم ؟ - تعتبر دول الشرق الاوسط شريكا حيويا لكوريا خاصاً في مجالات الطاقة والبناء والتجارة في الفترة الماضية. وبلا شك، إن كوريا تعتبر شريكاً حيوياً للتعاون في مسيرة تنويع الصناعات لدول الشرق الأوسط. وأمر طبيعي أن تتأثر إستراتيجيات السياسة الخارجية لجمهورية كوريا من الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك نظراً للعلاقات القوية والاستيراتيجية بين كوريا ودول الشرق الأوسط. لذلك، تشترك كوريا في دعم اللاجئين السوريين وجهود المجتمع الدولي، لكي تسهم في إرساء الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. كما تبذل كوريا جهودها لترسيخ الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال تنويع التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام والمملكة العربية السعودية بوجه خاص. * لو انتقلنا إلى موضوع السلام في شبه الجزيرة الكورية، قبل حوالي شهر وجهتم كلمة لمنتدى "دافوس"، ودعوتم إلى "وحدة كورية"، هل ترون ذلك ممكناً في ظل سلوك كوريا الشمالية العدائي، وخصوصاً الأنباء التي تتحدث عن إمكانية إعادة تشغيل مجمع " يونغبيون " النووي في كوريا الشمالية؟ - لا أحد يستطيع التكهّن متى يتم تحقيق توحيد شبه الجزيرة الكورية، لكني أثق بأن مفتاح مستقبل التوحيد يكمن في الجهود المستمرة لإعداده بناء على المبادئ والاتجاه الصحيح. وكما يقول المثل العربي "أول الغيث قطرة". تتطلع الحكومة الكورية لترسيخ قاعدة التوحيد ابتداء من التعاون الصغير كتحسين معيشة الشعب، وحماية البيئة، والتعاون الثقافي مما يتسع في نطاق قاعدة التوحيد تدريجياً. ومازالت كوريا الشمالية ترفض دعوتنا لبدء الحوار، وبالرغمٍ من ذلك تجري الحكومة الكورية سياسات التمهيد للتوحيد القادرة على التطبيق، كما تستمع الحكومة إلى أراء وأفكار الشعب الكوري من خلال لجنة تحضيرية لإعادة توحيد كوريا. وحسب معرفتي، استمرت دول الشرق الأوسط في إرساء وترسيخ الثقة من أجل حل الخلافات والصراعات الإقليمية حيث لعبت المملكة العربية السعودية دوراً محورياً فيها. وترغب كوريا في أن تتبادل وتشارك بما حظيت من خبرات ترسيخ الثقة مع المملكة العربية السعودية ودول الشرق الأوسط لتحقق السلام والاستقرار المستدام في شبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا.