«البطالة من سنن الله ولا يوجد مجتمع منذ عصر النبوة إلى الآن إلا وفيه بطالة»..! بهذه الكلمات «دغدغ» وزير الاقتصاد «محمد الجاسر» مشاعر المواطنين، حيث فهم من تصريح الوزير أن البطالة والفقر سنة قد كتبت على العاطل، ومن الصعوبة أو الاستحالة معالجتها، شعب تويتر- كعادته- بالمرصاد لأي تصريح، فهشتقوا تصريح معاليه، وأفضل الردود على تصريحه جاء من مغرد اسمه «العمدة» حيث غرد مخاطبا الوزير: «في زمن النبوة رجل سأل النبي فأعطاه فأسا وقال له احتطب، شاف له وظيفة ولم يقل له عندنا بطالة»!! يختلف عصر النبوة عن عصرنا، من حيث الإمكانات وتنوع الدخل، ومع ذلك فقد عالج الإسلام البطالة، وباشر النبي عليه الصلاة والسلام معالجة الفقر عملياً، ولم يعتبرها سنة يصعب تغييرها! أحاديث كثيرة تطالب الإنسان بالعمل، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «ما بعث الله نبيا إلا ورعى الغنم»، وقال: «لأَن يأخذ أحدكم حبلا، فيأتي بحزمة من حَطب فيبيعها، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه»، وشجع رسولنا الكريم المشاريع الاقتصادية بين المسلمين، وحثهم على «المزارعة» كما فعل مع الأنصار والمهاجرين الذين أخرجوا من مكة بلا أموال. وفرض الإسلام الزكاة التي تؤخذ من الأغنياء وتعطى للفقراء، كما حث على الصدقة، والاقتصاديون يرون أن الزكاة لو أخرجت لوسعت الفقراء ولقضت على الفقر! وفي السيرة النبوية تم معالجة أوضاع «أهل الصفة»؛ والصفة مكان في مؤخرة المسجد النبوي، أمر به الرسول فظُلل بجريد النخل، وأُطلق عليه اسم «الصفة» أو «الظلة»، وأُعدت الصفة لنـزول الغرباء العزاب من المهاجرين والوافدين الذين لا مأوى لهم ولا أهل فكان يقل عددهم حيناً، ويكثر أحياناً، وكان النبي كثيراً ما يجالسهم، ويأنس بهم، ويناديهم إلى طعامه، ويشركهم في شرابه؛ فكانوا معدودين في عياله، وكان الصحابة يأخذ الواحد منهم الاثنين والثلاثة من أهل الصفة فيطعمهم في بيته. نعم البطالة، والفقر الذي يعد أهم آثارها، موجودة في كل عصر، لكن الإسلام لم يتركها بلا حلول، وإذا كان الفقر موجوداً في مجتمعنا فهذا لا يعني أن نستسلم له ونتركه بلا حلول!! مشكلتنا اليوم مع «البطالة» أن الحلول ليست صعبة، لكن الوزارات لا ترى ذلك، خذ مثلاً الإحصاءات المتناقضة، ففي حين تصر مصلحة الإحصاءات العامة على أن نسبة البطالة %12، تقول وزارة الاقتصاد إن نسبتها %6!!! التناقض وعدم التنسيق ينبئك أن القضية ليست ذات بال عند بعض الوزارات، أضف لذلك عجز وزارة العمل عن «السعودة»، فنسبة الأجانب في القطاع الخاص في تصاعد ، فأين «السعودة» التي يتحدثون عنها، وعلى أي أساس تبنى خطط محاصرة «البطالة» بين الجهات الحكومية؟! مهتم بالشأن الثقافي والاجتماعي