×
محافظة المنطقة الشرقية

5.5 مليون أولى صفقات مهرجان التمور وقريباً نسخة في الدمام

صورة الخبر

لسنوات طويلة من عقد التسعينات من القرن العشرين، تراجعت والى حدود كبيرة، الأعمال التلفزيونية والسينمائية الأميركية التي تقدّم «الروس» كأعداء تقليديين للولايات المتحدة. فلم يكن مُقنعاً وقتها، مُواصلة تقديم الصور العدائية ذاتها عن البلد الذي كان يَهدِم حدوده ويفتح أبوابه للعالم. كما كان من المُتعذر تقديم «الروس» كأعداء بشكيمة قاسية، في الوقت الذي كان الإعلام الغربي، ينقل بحرية، بؤس حياتهم اليومي، وتوقهم الى التغيير، وكيف يحاولون توجيه دَفَّة حياتهم صوب نموذج دول «رأسمالية»، من التي طالما تغنّى النظام الروسي الشيوعي السابق بعدائها. لكنّ العودة القوية للسياسة الروسية بقيادة الرئيس بوتين الى المسرح الدولي في السنوات الأخيرة، وتصادم روسيا مع العالم في نزاعات عدة، بعضها متواصل الى اليوم، ساهما في عودة البلد الى قائمة الأعداء لصناع مسلسلات أميركيين، من الكسالى بطبعهم، والذين يبحثون دائماً عن خُصُوم من الواقع العالمي المُضطرب لتوظيفهم في أعمالهم، غير عابئين بالتنميط او العواقب العنصرية التراكمية لما يفعلون. تَسدّ عودة روسيا الحالية هذه، كعدوة في مسلسلات الإثارة الأميركية، نقصاً لم تعوّضه هذه الأخيرة، بخاصة مع استبعاد الصين من قائمة «الدول الشريرة» في السنوات الأخيرة لاعتبارات اقتصادية بحتة، بعدما فُتحت السوق الصينية للنتاج الفنيّ الأميركي، ليعود الروس الى منافسة «العرب»، والذين لم تتزحزح مكانتهم في صدارة تلك القائمة. هذا الى جانب «الصرب» و»الكوريين الشماليين»، الذي يتبادلون مواقع الأشرار في أعمال من الأعوام الأخيرة. فعلى رغم أن مسلسل «الأميركي» الذي تعرضه قناة «أف أكس»، ما زال حاضراً بقوة كأحد الأعمال الناجحة شعبياً، اختارت قناة «أن بي سي»، تقديم عملها الجديد «ولاء»، والذي كحال العمل الآخر، يقدم قصة من عوالم الاستخبارات الروسية وعملائها في الخارج، وانشقاق بعضهم عن سلطة روسيا، أثناء مهماتهم المُخابراتية في الولايات المتحدة. يحمل عنوان المسلسل «ولاء»، معاني متضادة انزياحية تشير الى حال أبطال المسلسل، والذين هاجروا الى الولايات المتحدة كجزء من عملية تجسسية لصالح الاستخبارات الروسية، قبل أن ينشقوا عن الجهاز، ولكن من دون أن يعلنوا ذلك للسلطات الأميركية. يصل المسلسل الى العائلة بعد سنوات طويلة من تركها عملها السابق. هي تعيش حياة عادية أو هكذا تبدو. سريعاً سيتكشف أن الماضي لم يتوقف عن ملاحقة تلك العائلة، بخاصة أنها ما زالت، بسبب ابنها الذي يجهل تاريخ عائلته والملتحق للتو بجهاز «سي آي إيه»، في قلب صراع شرس بين «روس» يخططون لعمل إرهابي كبير في أميركا، والجهاز الأمني الأميركي الذي يعمل له ابنها. ينعطف مسلسل «ولاء» في شكل غير متوقع، عندما يوحي في حلقته الثانية، بأن الجهاز الأمني الروسي الذي يعمل منذ عقود في الولايات المتحدة، ربما يكون قد تمرّد على أوامر حكومته، وأسس نظامه الخاص الشرير، والذي لا يتورع عن القيام بأفعال قاسية جداً، بالغ المسلسل كثيراً في تصوير تفاصيلها العنيفة. كما بالغ في تضخيم قدرة «الروس». فهم في المسلسل، يعرفون كل شيء عن كل العاملين في «سي آي إيه»، وقادرون على الضرب في العمق وفي أي وقت يشاؤون. يُبرز المسلسل الجديد مجدداً، أزمة القنوات التلفزيونية الأميركية العملاقة في السنوات الأخيرة. أي مساعيها الفاشلة الى تقليد القنوات الصغيرة، التي قدمت أخيراً أفضل الأعمال التلفزيونية الأميركية (المسلسل الآخر من إنتاج قناة صغيرة تبث على الكيبيل فقط). فالخطأ الدائم الذي تقع فيه هذه القنوات العملاقة، هو التخبط في تحديد مساحة الحريات الممنوحة للمخرجين والمؤلفين، مقارنة بتلك المتوافرة في القنوات الصغيرة. كما أن معظم مسلسلات القنوات الكبيرة تمرّ بعمليات إعادة كتابة ومعالجة وتنفيذ، الى الحد الذي يفقد النتاج النهائي هويته الأصلية وإخلاصه لفكرة صانعيه. وهذه كانت الحال مع مسلسل «ولاء»، الذي يغرق بالكليشيات التي حوّلته سريعاً الى «كاريكاتير» عن المسلسل السابق، لينضمّ المسلسل الى قائمة أصبحت طويلة من المسلسلات الأميركية الباهظة التكاليف، والتي تفشل في ترك بصمتها الخاصة على المشاهد.