إبراهيم الحجري-أزمور انطلقت أمس الجمعة بمدينة أزمور المغربية (الوسط الغربي) فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان العربي للشعر العامي (الزجل) تحت شعار المرأة والكتابة الزجلية، وذلك وسط حضور كبير لعدد من وجوه المدينة من سياسيين وإعلاميين وعسكريين وممثلي السلطة، إضافة إلى وفد عربي مهم من الزجالين يمثلون الجزائر وتونس ومصر وليبيا والعراق والأردن. وقد امتلأت قاعة البلدية -التي احتضنت حفل الافتتاح- بعشاق الزجل الذين قدموا من كل ضواحي مدينة الشمع والبخور التي ارتبط اسمها بالزجل منذ القدم، حيث أنجبت شيخ الزجالين المغاربة عبد الرحمن المجذوب الذي ذاع صيته في كل أطراف العالم العربي. برنامج متنوع ويتضمن برنامج المهرجان العربي للزجل -المنظم من قبل المرصد الوطني للشباب والتنمية والجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة- عددا من الفعاليات المتنوعة التي ترتبط بفن الزجل. وقد استمتع الجمهور بقراءات زجلية وقعها عدد من الشعراء العرب الذين يمثلون عددا من الأقطار العربية، منهم رانيا النشار (مصر) وسميرة الشمتوري (تونس) ووفاء عبد الرزاق (العراق) وعبد الرزاق بوكبة (الجزائر) الذين تغنوا شعريا باللهجات المحلية التي تختلف حينا وتتقاطع أخرى مصحوبة بعروض موسيقية وفلكلورية نفذتها فرقة عيساوة. كما تم الاحتفاء بالزجالة الراحلة فاطمة شبشوب التي اعتبرتها نعيمة زايد -في شهادة وفاء للراحلة- رائدة القصيدة المغربية الزجلية الحداثية وحاملة أثقال المرأة البدوية في مشروعها الحقوقي والنضالي، واختتم حفل الافتتاح بتكريم الزجالة نهاد بنعكيدة (ابنة مدينة أزمور) تقديرا لتجربتها في الكتابة الزجلية. ويتواصل برنامج المهرجان -الذي يختتم فعالياته غدا الأحد- بندوة أكاديمية يحتضنها رحاب جامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة عن موضوع أسئلة الإبداع النسائي الزجلي، بمشاركة النقاد عبد المجيد فنيش ولطيفة الأزرق ونعيمة الواجيدي وزهيرة نغام والجليدي العويني ومحمد رمصيص. كما سيتم توقيع ديوان زجلي مشترك تحت عنوان الثلجنار للزجالين عبد الرزاق بوكبة وعادل لطفي (المغرب) بمشاركة كل من مراد القادري ومحمد الديهاجي وأحمد لمسيح. وتخصص الأمسيات طوال أيام المهرجان لقراءات شعرية زجلية، تتخللها سهرات ملحونية، في حين يخصص اليوم الأخير بزيارات سياحية لمشاهد المدينة الطبيعية والصوفية. آفاق مشتركة ويهدف المنظمون من خلال هذا المهرجان إلى إعادة الاعتبار للقول الشعري المكتوب باللغة العامية في كل أطراف العالم العربي، سعيا إلى تقريب الفوارق اللهجية، واكتشاف العوامل المشتركة بين اللغات اليومية التي تعد الأقرب إلى الوجدان الشعبي العربي. كما يسعى المهرجان إلى إضاءة الجوانب الأسلوبية والجمالية لهذا النوع من الفنون الشعرية، حيث أكد رئيس الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة مصطفى البيدوري أن دعم الجمعية للمهرجان العربي للزجل متواصل بشكل مطرد. وأضاف أن الاهتمام بالزجل هذه الأيام أصبح ضرورة أكثر من أي وقت مضى، بحكم قربه من التراب والحليب وحضن الأمومة المشترك، خاصة أن المهرجان يقام في فضاء أزمور التي ارتبطت تاريخيا بالثقافة الشعبية والتصوف والملحون والشعر العامي. ويتابع البيدوري أن العودة إلى الشعر العامي الذي يُرضع مع حليب الأم هو الجدير بتخليص الشباب من العنف والانحراف. من جهته، عبر رئيس الوفد العربي المشارك في المهرجان الزجال التونسي الجليدي العويني عن غبطته بمشاركته في المهرجان، معتبرا إياه محجا لشعراء العامية من كل أطراف العالم العربي، وتكريما للهجات العربية في تنوعها واختلافها، ونبضا لخفق المشترك القيمي الإنساني لدى المجتمعات العربية. وأكد العويني أهمية الحرص على الجمهور الكبير العاشق لهذا الشعر في البلدان العربية كونه لغة للسواد الأعظم من الناس الشعبيين الذين لا يستطيعون التواصل مع القصيدة الفصيحة.