كشف المحاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور علي الحمود عن أن استحداث نقد أدبي عربي ينطلق من خصوصية أدبنا من دون انفصال عن نظريات النقد في الأدب الغربي يسهم في الاستفادة من مناهج نقدية ومذاهب أدبية ومعرفية بُنيت عبر عشرات القرون من شعوب مختلفة. وأوضح الحمود في محاضرة ألقاها في مجلس حمد الجاسر يوم أمس (السبت) بعنوان: «علاقة النقد القديم بالحديث في الجامعات السعودية: الواقع والمأمول»، وأدارها الدكتور عبدالله العريني، أن العصر الحديث هو عصر استقلال العلوم وتأصيلها، مشيراً إلى أنه ظهرت مذاهب أدبية تحدد الأجناس الأدبية تزامناً مع تتابع ظهور المناهج النقدية، مشيراً إلى أن الغرب سبقنا في دراسة المذاهب والمناهج، والعالم الإسلامي تلقى تلك المذاهب والمناهج متأثراً بها من دون وعي بالفروق بين البيئات التي أوجدتها المناهج، مبيناً أنه من الأهمية حل الإشكالات في الصلات بين النقدين القديم والحديث. وقال: «عندما يتجه الدارس إلى النقد القديم يجده نقداً متداخلاً مع البلاغة في أعلامه ومؤلفاته وقضاياه ومصطلحاته، ويفتقد الرؤية الواضحة، كما قدمته كثر من الدراسات النقدية الحديثة، وفي الوقت ذاته يتفاجأ الدارس للنقد الأدبي الحديث بانقطاع الصلة بين ما درسه في مقررات النقد القديم، وما شرع في دراسته في مقررات النقد الحديث». وأضاف: «الباحثون يخضعون النصوص الأدبية العربية القديمة والحديثة على حدّ سواء إلى ذلك النقد، وهذا الأمر يجعل النظرة النقدية للنصوص تفتقد الإنصاف والدقة»، مستشهداً باتهام الناقد عبدالله الغذامي لمعلقة زهير بن أبي سلمى بالتناقض، في قوله: «وهذا تناقض غريب تقع فيه قصيدة زهير، ولا تقوى القصيدة على تفسير نفسها ما يوقعها في تصدع داخلي ويفككها»، موضحاً أن الغذامي من خلال استقرائه قارب معلقة زهير مقاربة تفكيكية تقويضية أو تشريحية، واتخذ من بيتين من المعلقة فجوة، توصل من خلالها إلى الحكم عليها بالتناقض الغريب، وحاول بعد ذلك الاعتذار له بتباعد مدد كتابة قصائده، وأفاد بأن المشكلة الحقيقية «ليست في معلقة زهير التي تخلو من التناقض، لكن المنهج النقدي الذي اتخذه الناقد وسيلة لمقاربة النص هو من أخفق في التعامل مع النص، فالتفكيكية تعزل النص عن المؤثرات الخارجية، وتتجاهل طبيعة العصر الذي أُنشئ فيه، وتُزعزع البنية الثابتة وتُخلخل المفاهيم القارة وتبحث عن التناقض، وهكذا تتكرر المشكلة في كل قراءة نقدية للأدب القديم بنظريات نقدية غربية حديثة». وذكر الحمود أن مشروع الدكتور الراحل عبدالعزيز حمودة النقدي المتمثل في ثلاثة كتب مهمة تعد محاولة جادة لتقديم البديل العملي ليكون للأمة العربية نقدها الخاص بها.