* تلقيت ذات يوم سؤالاً ساخناً هذا نصه: في زمن العولمة وتكنولوجيا المعلومات لا تزال بعض أجهزة الدولة تعاني من تفشي البيروقراطية في أطرافها ومفاصلها.. كيف يمكن وضع وصفة علاجية فعالة لها تخلصها من هذا الداء الإداري المزمن؟ * * * * وقد جاء ردي دافئاً ومباشراً، فقلت: * أولى الوسائل في تقديري لتقليص سلبيات العمل الإداري في هذا الوطن هي الكفُّ عن إسقاط اللوم كله بأشكاله ومصطلحاته على (البيروقراطية) العامة، وتحميلها وحدها وزرَ المشكلات التي يتحدث عنها السؤال! * * * * هنا دعوني أصرح بكل شفافية ويقين: 1) أليس (المواطن) شريكاً في اللوم حين يصر على مخالفة القاعدة المقننة للأداء الإداري اصطفاءً لمصالحه الخاصة، ملتمساً الوسائل المشروعة وغير المشروعة لخدمتها وصولاً إلى ذلك؟! * * * 2) أليست (الإدارة) الحكومية مسؤولة حين تغفل سبل التحديث لأنظمتها وإجراءاتها، وتهمل فرص التدريب (والتنوير) للعاملين فيها كيلا يقعوا في المحظور، فيسيئوا للناس عن علم أو جهل، أو (يستثمروا) الثغرات والعثرات في الجهاز الإداري لخدمة مصالحهم الذاتية.. على حساب المواطن نفسه، استغلالاً لظرفه، و(استعباداً) لحاجته؟ * * * 3) ألسنا مواطنين ووافدين شركاء في المسؤولية عن الفشل الإداري.. حين (نتستر) على (ضعيف الذمة) داخل المنشأة الإدارية، إمّا خدمة لمصالحنا أو تطبيقاً لمبدأ (هذا أمر لا يعنيني)، أو حين نلتمس العذر لضعيف الأداء من العاملين، تجنباً للحرج أو دفعاً لوزر (قطع رزق العيال)! فنخسر نحن وتخسر الإدارة.. ويخسر الوطن، ويظل ذلك الموظف (يرفل) في لباس غفلتنا أو تسامحنا، أو ضعفنا الأخلاقي.. أو كل تلك الأمور مجتمعةً! * * * 4) دعوني أكون في حديثي هذا أكثر صراحة وجرأة فأقول: إن غياب التطبيق الحازم والصارم والمباشر لما يسنّ من قوانين وتعليمات، إما تهاوناً أو مجاملة أو ضعفاً في الصلاحيات.. كل ذلك وأكثر يلعب دوراً رئيسياً في (استغفال) إدارتنا بتمرير الأخطاء أحياناً إلى غير فاعلها. وبعد! * الحق أقول لكم إن العزف (الفلكلوري) على (قيثارة) البيروقراطية، أمر عفا عليه الزمن وعافه! نريد حلولاً جديدة، بعزائم جديدة.. وأساليب حديثة وإرادة مشتركة بين أجهزة الخدمة العامة والمستهدفين بها، مواطنين ووافدين، تريحنا من ضنك الفشل الإداري وتداعياته!