القاهرة: خالد محمود في سابقة هي الأولى من نوعها منذ توليه مهام منصبه العام الماضي، شن عبد الله الثني، رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، أمس، هجوما حادا على مواقف الحكومتين الأميركية والبريطانية، بالإضافة إلى برناردينو ليون رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، تجاه الوضع السياسي والعسكري الراهن في البلاد. وقال الثني إن حكومته ترى أن «ليون يحاول بدعم من حكومتي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا إيجاد صيغة لإدخال الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، في حكومة الوفاق الوطني التي يقترحها». وأكد الثني، في بيان أصدرته الحكومة الليبية وحصلت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «أي حكومة تكون هذه الجماعات المتطرفة جزءا منها لن تعمل لصالح وحدة الدولة الليبية ولا لصالح الاستقرار فيها؛ بل ستؤجج الصراع وتطيل أمده وتفسح المجال للجماعات الإرهابية للتغلغل في المجتمع الليبي أكثر فأكثر»، معتبرا أن خير دليل على ذلك العمليات الإرهابية في طرابلس وقتل المصريين الأقباط في سرت والعملية الإرهابية الأخيرة في القبة. وطلب الثني من رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم والمبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما أمس، أن يكون له موقف مشرف وتاريخي محايد يدعم وحدة البلاد واستقرارها، وأن تنتج عن الحوار حكومة وحدة وطنية تتكون من شخصيات وطنية مستقلة لا تنتمي لأي تيارات سياسية أو دينية، لافتا إلى أن «هذه التيارات لو دخلت في الحكومة فستكون لها انعكاسات سلبية لا تخدم المصلحة الوطنية ولا يقبلها الشعب الليبي إطلاقا». وأوضح البيان أن الثني أبلغ المبعوث الأممي بأن «الحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب المنتخب، والجيش الليبي، يحاربان الإرهاب بمفردهما، وأن لجنة العقوبات الدولية في الأمم المتحدة لا تسمح بتسليح الجيش الليبي بينما تتلقى الجماعات المتطرفة تسليحا مكثفا من عدة دول معروفة لدى الجميع وعن طريق الموانئ والمطارات التي تسيطر عليها هذه الجماعات، ولم يتوقف سيل الأسلحة إليها رغم كل النداءات التي وجهتها الحكومة الليبية المؤقتة لكل الأطراف الدولية بهذا الخصوص». في المقابل، نقل البيان عن ليون قوله، إن «موقفه محايد ولا يميل إلى أي طرف من الأطراف، بل يسعى لتوحيد الجهود نحو إيجاد صيغة يتوافق عليها الجميع للخروج بليبيا من أزمتها الحالية والسعي بها نحو الأمن والاستقرار». في سياق آخر، نفت الحكومة الليبية صحة ما أشيع عن إصدار رئيسها الثني تعليمات في رسالة رسمية إلى اللواء عبد الرزاق الناظوري، رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، يدعوه خلالها إلى سحب القوات التابعة للجيش من المنطقة الحدودية مع مدينة درنة في أسرع وقت. وقالت الحكومة إن «هذه الرسالة المتداولة مزورة وليست رسمية». من جانبه، دعا تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل، مجلس النواب الليبي، إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة التفجيرات الإرهابية التي وقعت أول من أمس في مدينة القبة (شرق البلاد)، وطالب بدعوة الجامعة العربية لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك. وحث التحالف، في بيان أصدره أمس، الشارع الليبي للخروج في مظاهرات استنكارا لموقف بعض الدول الكبرى الرافض لرفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي، وتحميلها مسؤولية تعاظم الإرهاب في ليبيا، معتبرا أن «أي حديث عن حكومة وحدة وطنية ناتجة عن حوار جنيف أو غيره لا تضع برنامجا واضحا للقضاء على الإرهاب يعتبر حديثا لا قيمة له، وهو مرفوض تماما». وقال بيان التحالف إن «قيادة التحالف تضع نفسها تحت تصرف البرلمان إذا ارتأى تكليفها، وأنها على استعداد تام لتقديم كل الجهد الدبلوماسي والسياسي لمحاولة تغيير موقف بعض الدول الأوروبية الكبرى من تسليح الجيش الليبي ومن قضية الإرهاب ككل». في غضون ذلك، تقرر تأجيل الحوار الوطني الذي كان مقررا أن يعقد غدا (الاثنين) برعاية الأمم المتحدة في المغرب إلى الخميس المقبل، وقال أعضاء في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، إنهم طلبوا التأجيل «حدادا على أرواح قتلى تفجيرات القبة، خاصة بعد إعلان السلطات الليبية رسميا حالة الحداد لمدة أسبوع». وكان وفدان من مجلس النواب والبرلمان السابق قد عقدا، لأول مرة في 11 فبراير (شباط) الحالي في مدينة غدامس، محادثات «غير مباشرة» برعاية الأمم المتحدة. وشاركت السلطات الشرعية المعترف بها دوليا في حوار جنيف مع عدد من معارضيها، في غياب ممثلين للبرلمان السابق الذي يتخذ من طرابلس مقرا وتسيطر عليه ميليشيات «فجر ليبيا» وهي ائتلاف من مجموعات مسلحة. من ناحية أخري، قال مصدر في مطار الأبرق (شرق ليبيا) إن مهاجمين أطلقوا صواريخ على المطار الذي يعتبر أحد المطارات القليلة التي لا تزال تعمل في ظل الصراع الدائر بالبلاد. وأصبح الأبرق البوابة الرئيسية لشرق ليبيا منذ أن توقف مطار بنغازي عن العمل في مايو (أيار) الماضي، بسبب القتال. ووقع الهجوم على المطار بعد يوم من مقتل أكثر من 40 شخصا في هجمات انتحارية بسيارات ملغومة في «القبة»، أعلن متشددون موالون لتنظيم داعش مسؤوليتهم عنها.