تفشت ظاهرة إقبال اللاعبين التونسيين الناشطين بأوروبا على العودة إلى الأندية المحلية بشدة في دوري الدرجة الأولى التونسي لكرة القدم، وأصبحت تستهوي عددا كبيرا من اللاعبين أكثر من أي وقت مضى لتبلغ خلال العام الجاري أرقاما غير مسبوقة في النوادي الكبرى على وجه الخصوص. ولئن اختار بعض اللاعبين التونسيين على امتداد السنوات الأخيرة إنهاء مسيرتهم في دوري الدرجة الأولى المحلي، فإن استفحال الظاهرة في الموسم الجاري أثار جدلا واسعا في الأوساط الرياضية بشأن الدوافع التي تحفز الأندية على التعاقد مع هؤلاء النجوم رغم ارتفاع أجورهم السنوية. واستقطب النادي الأفريقي متصدر الدوري التونسي حاليا اهتمام النقاد والملاحظين عندما تعاقد مع ستة لاعبين سبق أن سطع نجمهم في أوروبا، وهم ياسين الميكاري والتيجاني بلعيد وصابر خليفة وحسين ناطر ونادر الغندري وزياد العيدودي, مما أثار انتقادات لاذعة لإدارته بدعوى البحث عن النتائج العاجلة وإهمال الفئات العمرية. انطلاقة جديدة وسلطت مختلف وسائل الإعلام في تناولها ظاهرة الهجرة العكسية للتونسيين المحترفين بأوروبا، الضوء على التكاليف الباهظة لأجورهم السنوية في وقت تحتد فيه الأزمة المالية في معظم أندية الدوري الممتاز. وقال مدافع منتخب تونس والنادي الأفريقي ياسين الميكاري إن انتقاله للدوري التونسي بعد تجارب في سويسرا وفرنسا لم يكن لدوافع مادية وإنما كان تحديا جديا في ختام مسيرته الكروية التي ناهزت 15 عاما. وقال اللاعب للجزيرة نت لم أفكر في المال لأني كنت أتقاضى أجرا سنويا مرتفعا في سوشو الفرنسي واختياري اللعب للأفريقي كان نابعا من رغبة خاصة في التتويج مع فريقي الحالي خصوصا أني لم أتوج بأي لقب خلال مسيرتي في الملاعب الأوروبية. ولعب الميكاري الذي انتقل للأفريقي الصيف الماضي لأندية لوسيرن وغراشهوبر السويسريين، وسوشو الفرنسي بين عامي 2001 و2014. من جهته مدد الترجي التونسي عقود كل من حسين الراقد الذي انتدبه من نادي كارابوك سبور التركي، وأسامة الدراجي الذي استعاده من سيون السويسري، وإيهاب المباركي القادم من نادي إيفيان الفرنسي بعد تجربة لم تعمر أكثر من ستة أشهر. واعتبر حسين الراقد أن اختياره الدوري التونسي من بوابة نادي الترجي لم يكن اعتباطيا، بل جاء بعد دراسة للعرض من كل جوانبه المادية والرياضية. وكان الراقد (32 عاما) انتقل إلى الترجي في 2012 بعد مسيرة طويلة في الملاعب الأوروبية تنقل خلالها بين أندية باري سان جيرمان إيستر وغوينيون الفرنسيين ومونس البلجيكي وسلافيا براغ التشيكي وكارابوك سبور التركي. إغراءات مادية من جانبه استعاد النجم الساحلي لاعبيه سيف غزال بعد تجربة في الدوري السويسري، وعمار الجمل الذي لعب لأندية يونغ بويز السويسري وكولن الألماني وأجاكسيو الفرنسي. كما تعاقد النجم وصيف الدوري التونسي حاليا مع أيمن صودا لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة قادما من نادي قاديس الإسباني. وسبق لعدد من اللاعبين التونسيين العودة إلى الدوري التونسي من بوابة فريق جوهرة الساحل مثل عادل الشاذلي وحامد النموشي ونبيل تايدر وأيمن بلعيد وغيرهم. واعتبر المدرب المساعد للنجم الساحلي رضا الجدي أن الظاهرة تنقسم إلى صنفين: صنف اللاعبين الذين تكونوا في أندية أوروبية ثم اختاروا وجهة الدوري التونسي في نهاية مسيرتهم، وصنف ثان من اللاعبين الذين بدؤوا مشوارهم الكروي في تونس ثم خاضوا تجارب في أوروبا قبل العودة إلى الدوري المحلي بسبب الفشل في أوروبا. وقال الجدي للجزيرة نت الغاية الأولى للهجرة العكسية مادية, فأغلب اللاعبين يختارون الأندية الكبرى في تونس ويلجؤون إليها في نهاية مسيرتهم, أما الصنف الثاني فالعودة إلى تونس ضرورة وليس اختيارا أمام فشل أغلب هؤلاء في فرض أنفسهم هناك. وتختلف أجور اللاعبين العائدين إلى الدوري التونسي الممتاز من ناد إلى آخر غير أنها لا تقل عن 6 آلاف دولار (ما يناهز 12 ألف دينار تونسي) شهريا وتصل إلى 30 ألف دولار للبعض منهم.