نشأ هنري هينز مغرما بالخضراوات. بدأ في بيع الفجل.. لكن تعرّض لخسائر متتالية. انتقل إلى بيع الطماطم؛ بيد أن تجربته لم يكتب لها النجاح. جرّب أن يبيع صلصة الطماطم، وهنا أحس أن منتجه يحقق نموا وإقبالا جيدا. ركز على الصلصة وطريقة توزيعها وتعليبها. انتصر على أهم المنافسين بفضل سخائه مع المصممين. عندما يسمع عن مصمم مميز يقوم بإغرائه وضمه إلى صفوفه. دفعه نجاحه إلى خوض تجارب جديدة نجحت كلها بسبب الاسم الذي كونه عبر الصلصة الشهية التي ينتجها واللمسات التي يضعها. لم يقتصر تفوقه على ما يقدمه؛ بل طريقة تقديمه. فالحرص الذي اشتهر به في التغليف جعله ينال اسما كبيرا في السوق، وينتزع ثقة المستهلك. أي شيء يقدمه كان ينجح بسهولة. فلقد اشتهر بالجودة والعناية بالتفاصيل الفنية التي لم تكن ذات اهتمام في الثلاثينيات وما قبلها. استمر هينز متصدرا للمشهد خاصة بعد تطويره لمنتج (الكاتشاب)، لكن في التسعينيات بدأ بالأفول نظرا لدخول منافسين فهموا أصول اللعبة، وقدموا منتجات لا تقل لذة وأناقة عن التي يقدمها هينز. تكبد خسائر بالجملة، وتراجع قليلا رغم اسمه القوي. العودة إلى الواجهة من جديد كانت مفاجأة. فقد جاءت إثر استلهام فكرة لباول براون. فقد قام براون بإيجاد حل للوصول إلى بقية الشامبو المتبقي في قعر العلبة عبر وضع فتحة العلبة بالمقلوب. فلم يعد هناك معارك مع علبة الشامبو بعد هذا الحل السحري. استوحت شركة هينز هذا الحل من براون، وقامت بإنتاج (كاتشاب) بالمقلوب. وجد هذا المنتج قبولا كبيرا لدى المستهلكين الذين كانوا يضربون علبة الكاتشاب ويعانون الأمَرَّيْنِ قبل الحصول على مبتغاهم. بعضهم كان يتعرض لمواقف محرجة، ويخرج بملابس متسخة بسبب العذاب المستمر مع هذه العلبة الماكرة. أسعدت العلبة المقلوبة أيادي البشر التي عاشت أياما عصية مع الصلصة التي كانت تكابر ولا تخرج من العلبة. فقد أصبح الكاتشاب يهطل صاغرا بانسيابية، زادت مبيعات هينز وخفضت الحرج الذي كان يعلو وجوهنا كلما قابلنا الكاتشاب في مطعم أو مكان عام. إن نجاح علبة الكاتشاب المقلوبة قد يدفعنا إلى أن نفكر في أن نقلب حياتنا رأسا على عقب. فإذا كنا غير فعالين وناجحين، فسيبدو أنه لا خيار أمامنا سوى تغيير الاتجاه لعلنا نتذوق النجاح.