أوضح تقرير اقتصادي صدر أمس، استقرار مستويات التفاؤل في القطاعات غير النفطية للربع الأول من عام 2015، فيما ضعفت في قطاع النفط والغاز. ووفقاً للتقرير، تراجعت أسعار النفط الخام بنحو 50 في المائة منذ صيف عام 2014 إذ يتراوح سعر بيع خام برنت حالياً تحت مستوى 50 دولار للبرميل، بعد أن كان يبلغ سعره نحو 115 دولارا للبرميل في شهر حزيران (يونيو) من عام 2014، مسجلاً أدنى مستوى له على مدى خمسة أعوام ونصف. ويعزى انهيار أسعار النفط لمجموعة من العوامل، تشمل تسارع وتيرة العرض في الولايات المتحدة الأمريكية وزيادة كفاءة الوقود في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والنمو الاقتصادي العالمي بأقل من المتوقع، والاستقرار الجيوسياسي، وقوة الدولار الأمريكي. ولا تبدو بحسب التقرير آفاق الاقتصادات الرئيسة واعدة لعام 2015، حسب التقرير الصادر عن البنك الأهلي التجاري ودان آند براد ستريت لجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط المحدودة، في نتائج تقرير الربع الأول من عام 2015 لمؤشر البنك الأهلي ودان آند براد ستريت للتفاؤل بالأعمال في السعودية، حيث يتوقع لنمو الطلب على النفط أن يكون أبطأ من إمدادات الدول خارج منظمة أوبك، على الرغم من توسع النشاط الاقتصادي العالمي، وقد تراجع متوسط السعر الشهري لسلة أوبك من 85.06 دولار للبرميل في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2014 إلى 75.57 دولار للبرميل في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2015، وأعلى قليلاً من 61 دولارا للبرميل في شهر كانون الأول (ديسمبر) من عام 2014. واتخذت أوبك قراراً ضد تخفيض الإنتاج سعياً للحفاظ على حصة المنظمة من السوق، بيد أن أوبك تواجه آفاق استيعاب عودة الإمدادات الإيرانية الضخمة إذا تم زيادة العقوبات في العام المقبل، وهناك أيضاً حالة عدم اليقين بشأن عودة الإنتاج الليبي الذي تراجع أخيراً، ولكن لديه إمكانية أن يعود بما يقارب مليون برميل يومياً. وبلغ متوسط إنتاج المملكة من النفط الخام 9.69 مليون برميل يومياً في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2014، و 9.61 مليون برميل يومياً في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2014. ومن شأن هذا الهبوط في أسعار النفط الخام أن يُحدث تراجعاً فورياً في إيرادات النفط الحكومية، غير أن المملكة مهيأة جيداً للتعامل مع مثل هذا التأثير، مدعومة بكمية ضخمة من احتياطيات النقد الأجنبي التي تم بناؤها على مدى الأعوام الماضية. وستواصل الحكومة السعودية انتهاج سياسة مالية توسعية، كما اتضح من ارتفاع الإنفاق بالميزانية بمعدل 0.6 في المائة ليسجل مستوى أعلى في عام 2015، حيث تهدف الميزانية لتحفيز النمو وتوفير فرص عمل.وأوضح مسح مؤشر تفاؤل الأعمال للربع الأول من عام 2015، أن آفاق قطاع النفط والغاز السعودي تراجع بحدة في الربع الأول من عام 2014 مقارنة بالربع السابق من العام ومع الفترة نفسها من العام الماضي، وانخفض مؤشر تفاؤل الأعمال المركب للقطاع من 34 نقطة للربع الرابع من عام 2014 و50 نقطة للربع الأول من عام 2014 إلى 16 نقطة للربع الأول من عام 2015. وضعفت التوقعات إزاء مكون أسعار البيع، ليتراجع مؤشره من 18 نقطة في الربع الرابع من عام 2014 إلى ثماني نقاط في الربع الأول من عام 2015 إذ يتوقع 15 في المائة من المشاركين انخفاضا نتيجة للهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية. وسجل مؤشر التفاؤل لصافي الأرباح هبوطاً حاداً على أساس سنوي بمقدار 46 نقطة ليبلغ 22 نقطة للربع الأول من عام 2015، متأثراً سلباً بتراجع حجم المبيعات وعدم توافر مشاريع جديدة. انعكس أيضاً ضعف التوقعات على هبوط في مؤشر تفاؤل الأعمال لعدد الموظفين بمقدار سبع نقاط، حيث سجل المؤشر 25 نقطة للربع الأول من عام 2015 مقارنة بـ 32 نقطة لربع العام السابق. وتعززت التوقعات في بيئة الأعمال لقطاع النفط والغاز خلال الربع الأول من عام 2015 مقارنة بربع العام السابق، مع توقع 65 في المائة من المشاركين في المسح عدم ظهور أي عوامل سلبية تؤثر في أعمالهم خلال الربع الأول من عام 2015، مقارنة بـ 28 في المائة للربع الرابع من عام 2014. وتوقعت 13 في المائة من الشركات المشاركة من القطاع أن يكون لهبوط أسعار النفط تأثير سلبي عليها، في حين تشكل المنافسة عائقاً متوقعاً لنسبة 10 في المائة من الشركات، وأبدى 8 في المائة قلقهم إزاء توافر العمالة الماهرة. وأبدت توقعات الاستثمار ضعفاً، حيث أورد 38 في المائة فقط من المشاركين توافر خطط لتوسعة الأعمال خلال الربع الأول من عام 2015 ، مقارنة بـ 68 في المائة من الشركات لربع العام السابق. ووفقاً للمسح، فإن شركات القطاعات غير النفطية حافظت على المستوى نفسه من التفاؤل لربع العام السابق، وسجل المؤشر المركب للقطاعات غير النفطية 48 نقطة للربع الأول من عام 2015 مقارنة بـ 47 نقطة للربع الرابع من عام 2014 وأيضا للربع الأول من العام الماضي. وأشارت الشركات المشاركة بالحصول على مشاريع جديدة من العملاء الحاليين والجدد، وارتفاع مستوى الطلب، وزيادة الاستثمارات، كأسباب لقوة توقعاتها. وفي حين أن مؤشري تفاؤل الأعمال لحجم المبيعات والطلبات الجديدة انخفضا بمقدار أربع وثلاث نقاط على التوالي ليسجلا 58 نقطة و55 نقطة، إلا أن مؤشر تفاؤل الأعمال لمستوى أسعار البيع تماسك مرتفعاً بمقدار ست نقاط إلى 27 نقطة. وانعكس الانخفاض في توقعات الطلب على التراجع الطفيف في مكوّن الربحية، حيث هبط مؤشر تفاؤل الأعمال لها بمقدار نقطتين إلى 57 نقطة. وكسب مؤشر تفاؤل الأعمال للتوظيف ثلاث نقاط مسجلاً حالياً 41 نقطة. وتعليقاً على نتائج المسح، قالت شريهان المنزلاوي، اقتصادية في مجموعة البنك الأهلي التجاري، خلال مؤتمر عُقد في جدة، إنه في الوقت الذي تراجع مؤشر التفاؤل لقطاع النفط والغاز بحدة إلى مستوى 16 نقطة، متأثرا بانهيار أسعار النفط، فإن مؤشر التفاؤل للقطاع غير النفطي حافظ على مستواه ليسجل 48 نقطة في الربع الأول من عام 2015. وأضافت، أنه من الواضح أن القطاع الخاص يتوقع أن الحكومة ستستمر في سياستها المالية التوسعية، رغم تراجع أسعار النفط، وأنها سوف تمول أي عجز في الميزانية من خلال السحب من الاحتياطيات النقدية الأجنبية الكبيرة، مشيراً إلى أن هذا قد دعم مستوى ثقة الأعمال، حيث إن 59 في المائة من شركات القطاع غير النفطي لا تتوقع أي عوامل سلبية قد تؤثر في أعمالهم خلال هذا الربع الذي هو أعلى بنسبة 4 في المائة عن مستواه في الربع الرابع للعام 2014، غير أن خطط الاستثمار توجهت إلى الانخفاض قليلا، إذ أن 47 في المائة من شركات قطاع غير النفط والغاز أشارت إلى توسعة أعمالها في الربع الأول لعام 2015، أقل قليلا عن مستوى 53 في المائة الذي تم تسجيله في الربع الرابع من عام 2014". من جهته، قال براشانت كومار، من الإدارة العليا لدان برادسـتريت لجنوب شـرق آسيا والشرق الأوسط المحدودة، إن "أوساط الأعمال أظهرت مستويات متباينة للتفاؤل في الربع الأول من هذا العام، إذ تراجع مؤشر تفاؤل الأعمال لقطاع النفط والغاز إلى 16 نقطة، عاكسة ضعف لكل المكونات التي تشكل المؤشر الرئيس، وعلى الرغم من تراجع مستوى التفاؤل في قطاع النفط والغاز، إلا أن الشركات في القطاع أشارت إلى توقع بيئة أعمال قوية خلال الربع الأول من عام 2015 ، حيث أشار 65 في المائة من المشاركين في المسح عدم ظهور أي معوقات لعملياتهم. وتمثل مصدر القلق الرئيس في تأثير هبوط أسعار النفط. وأضاف، أن التوقعات إزاء خطط توسعة الأعمال أبدت ضعفاً، حيث يعتزم 38 في المائة و47 في المائة من المشاركين من قطاعي النفط والغاز والقطاعات الأخرى على التوالي الإقدام على مثل هذه النشاطات، وأوضحت نسبة أقل (54 في المائة من المشاركين) أن سياسات العمل لن يكون لها تأثير سلبي في عملياتهم خلال هذا الربع من العام.