بين فترة وأخرى تخرج لنا تقارير عن مواطنين أو مواطنات من المملكة العربية السعودية قاموا بأول اكتشاف أو اختراع أو أول عملية جراحية من نوعها ليس على مستوى المملكة، بل سمعنا أن بعضها الأول على مستوى العالم. ويتم من خلال الصحف المحلية لدينا نشر الخبر من احد مراسليها أو محرريها. ومع أننا نتمنى دائما أن تكون مثل تلك الأخبار صحيحة، إلا أن الكل يعلم بأن أي إنجاز طبي أو علمي لا يأتي بين يوم وليلة. وأهم من ذلك أن مثل تلك الأمور لا يمكن أن يقوم بها شخص واحد، بل مراكز أبحاث تصل مصروفاتها إلى بلايين الدولارات، وفي أحيان كثيرة تذهب هذه البلايين أدراج الرياح في حالة عدم نجاح البحث عن علاج لمرض معين، ووصل الامر إلى أننا سمعنا قبل فترة عن مواطن ذكرت الصحف أنه اكتشف علاجا لأكثر من مرض، وانه رفض عروضا وصلت للمئات من الملايين من الدولارات من شركات أمريكية. ولكن في نفس الوقت اشتكى من أنه قام بتغطية نفقات بحثه من جيبه الخاص؛ بسبب رفض الجامعات السعودية تبني أبحاثه. وأرجع سبب رفضه مئات الملايين من الدولارات من شركات أمريكية إلى أنه يريد الأبحاث لمساعدة المرضى في وطنه، ولا أعرف لماذا لم يأخذ ملايين الدولارات من الشركات الأمريكية ومن ثم يطور علاجا له مردود على صحة مواطنيه. ولا ننسى قيام إحدى الصحف بنشر خبر عن عملية قيل انها تُجرى لأول مرة في الشرق الأوسط عن طريق إحدى بنات هذا الوطن بصورة أضحكت من قرأ الخبر من الأطباء وأصحاب الشأن. إنه شرف كبير لنا أن يقوم أي باحث أو طبيب أو عالم من المملكة بتقديم شيء مفيد لوطنه أو للبشرية كلها، ولكن يجب أن لا ننشر خبرا إلا بعد التأكد من صحته؛ لأن مثل تلك الأخبار تسلط الضوء على أناس من محبي الشهرة على حساب زملائهم الذين قد يكونون أفضل منهم ولكنهم يعملون بصمت. وآخر شيء هو ما سمعناه عن ادعاء أحد المبتعثين عن تحقيق علاج غير مسبوق لمرض السرطان، ليقوم أحد المراكز العلمية بدفع مبالغ ضخمة له، ولكن في نهاية الأمر اتضح عدم صحة الخبر. ولعلم القارئ، فإن أي اكتشاف أو اختراع يتضمن الكثير من الأمور القانونية التي قد تأخذ سنين للتأكد من صحتها أو فعاليتها، وخاصة فيما يتعلق بالطب، وهناك فرق بين الاختراع والاكتشاف والتصميم والتعديل وغيرها، فهناك مراكز أبحاث عالمية، ولكن الكل يعرف أن وجود أي سعودي فيها يعتبر إنجازا بحد ذاته، ولكن نشر أي صحيفة محلية خبرا عن اكتشاف علاج لمرض الإيدز أو علاج نهائي لمرض مثل السرطان فهذه أمور يجب أن يتم التأكد من صحتها؛ لأن هذا النوع من العلاقات العامة من الممكن أن يكلف الكثير، فهناك فرق بين الإنجاز وبين من يستخف بعقول الآخرين، فأصحاب الشأن من السهل عليهم اكتشاف صحة أي خبر وخاصة في المجال العلمي. كاتب ومحلل سياسي