بدت حلقات تعليم القرآن واللغة العربية في رحاب المسجد الحرام، والتي استحدثت مؤخرا من قبل الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي كمعلَم تربوي لافت. فهناك مدرس قرآن يستند إلى سارية المسجد، وحوله حلقة من الحجاج يتناوبون «ميكروفونا» لترتيل القرآن غيبا أو من المصحف، فيما المدرس يستمع ليبدأ بالتصحيح وتبيين الخطأ في جو تعليمي تحفه الملائكة. «أنوار» حاج باكستاني قال بعد إتمامه تسميع آيات من سورة مريم «لقد استمعت إلى الشيخ وأنا أقرأ، وصحح لي كثيرا من الأخطاء، أنا ممتن للشيخ وللقائمين على هذه الحلقات على هذه العناية بالقرآن». واللافت في هذه الحلقات تزايد إقبال الحجاج عليها بشكل كثيف، ويحرص بعضهم على تعلم الأبجدية العربية عبر دراسة «القاعدة البغدادية». بالقرب من الحرم وتحت ظلال جدار جسر المشاة المؤدي إلى الدور الثاني في «أجياد» جلس شابان من أبناء مكة أحدهما يحمل لافتة «الطوافة» أو مجموعة الخدمة المدنية والآخر يقف بجواره يستقبل الحجاج، ورغم قيظ الظهيرة إلا أنهما لم يبخلا بابتسامات يصافحان بها الحجاج ويتسللان بها إلى قلوبهم، يقول طارق شاوي: نعمل منذ ثلاث سنين ضمن طاقم الإرشاد والنظافة والتغذية ونقل العفش وتحميله، مضيفا بعد سؤاله عن مقدار راتبه «راتبي يناهز الألفين وأربعمائة في الموسم». ونحن نتحدث مع «طارق» أقبل أحد الحجاج فتبين لي أن عمل الشابين هو جمع أحذية الحجاج عند دخولهم إلى الحرم وبعد وضعها في كيس قماشي وكتابة اسم الحاج أو تعليق صورته عليها يرتبانها بجانب الجدار ويقفان بجانبها في انتظار عودة الحجاج، ويقول «طارق» إن أصعب ما يواجههما في هذا العمل «حاجز اللغة» وهو ما يسبب غالبا صعوبة في التواصل. وعند الحاجز الأخير للسيارات في أجياد كان منظر طلاب «مدارس الأهلية» وهم يشيعون الفرح ويسهمون في إبراد لفحات الظهيرة بماء بارد وهدايا يقدمونها للحجاج ضمن نشاط مدرسي يشرف عليه المعلمون المرافقون لهم. وقال عبدالعزيز عادل رائد النشاط بالمدرسة «لقد شاركنا بعدة فعاليات حول الحرم، فقد أسهم طلابنا في تنظيف الحرم، واستقبال الحجاج عند مراكز التفويج، وكذلك توزيع الهدايا على الحجاج في الفنادق وأماكن سكناهم». على رصيف الشارع المؤدي إلى الرئاسة العامة لشؤون الحرمين، كان هناك حاج جزائري، فعبر عن امتنانه وشكره لكل الجهود التي تبذل في ضيافة الحجاج، مبينا أن سكنهم الذي يبعد عن الحرم قرابة الـ 200 متر مريح جدا وعامر بكل الخدمات. وأوضح أنه كان يترقب ظهور اسمه ضمن القرعة التي تجرى سنويا للحجاج في الجزائر منذ سبع سنين، وبفضل من الله ظهر اسمه هذا العام، مشيرا إلى أن تكلفة الحج تصل إلى ثلاثمائة وثمانون ألف دينار جزائري، بما يعادل 12160ريالا سعوديا.