×
محافظة المنطقة الشرقية

عام / التحالف الدولي ينفذ 15 ضربة جوية ضد داعش

صورة الخبر

عمان: ماجد الأمير أكد رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور أن الحكومة أعدت خطة لمكافحة التطرف تشمل كل قطاعات الدولة الأردنية، ومنها التربية والتعليم، سواء في المناهج أو تأهيل المعلمين، إضافة إلى العمل في قطاع المساجد، مشيرا في هذا الصدد إلى خلو مئات المساجد من الأئمة وحضور أئمة غير مكلفين. وقال خلال رعايته مؤتمر «نحو استراتيجية شاملة لمحاربة التطرف، فرص التوافق الوطني وتحدياته» الذي نظمه مركز القدس للدراسات السياسية في فندق لاند مارك بعمان أمس: «إن العمل اليوم بدأ لتأهيل الأئمة في المساجد، وقد بدأت بالتوظيف، وتستقطب من المتقاعدين المدنيين والعسكريين من حملة شهادات الشريعة، وإنه تم تعطيل ديوان الخدمة المدنية (ديوان التوظيف) من أجل ذلك». وأضاف أن مشكلة التطرف والإرهاب على الساحة العربية والإسلامية برزت بشكل خاص، وعلى الساحة الدولية بشكل عام، كطابع مميز ومؤثر في الأحداث، وأصبحت هذه الظاهرة من الأمور التي تهدد الأمن والسلم العالميين. وأشار إلى أن هذه الظاهرة أدت إلى تدهور أمني فأسقطت أنظمة كثيرة ونشرت رائحة الموت والتفجير ورائحة الدم وجز الأعناق وتهجير الناس وتدمير مقدرات الأمة بصورة تجاوزت الخيال. ونوه النسور في المؤتمر الذي بدأ بالوقوف دقيقة صمت على روح الشهيد الطيار معاذ الكساسبة بأن المتطرفين أصبحوا يصدرون أحكاما بالكفر ويعيثون فسادا في الحياة، وهي مظاهر تستوجب الوقوف لإيجاد الحلول الفورية والبعيدة المدى وإنهاء هذا التعصب. وتابع: «رغم أن الأردن ينعم بنعمتي الأمن والاستقرار، فإن هذه المخاطر لم تعد بعيدة عنا»، مشيرا إلى أن المملكة بادرت بالوقوف في وجهها دفاعا عن الوطن والأمة والإنسانية، مشيرا إلى قرار القيادة المشاركة مع المجتمع الدولي لمحاربة الظاهرة ومحاربتها. وقال: «أثبتت الأحداث الأخيرة نجاعة القرار خصوصا بعد طريقة استشهاد الطيار البطل معاذ الكساسبة». وأضاف النسور أن بذرة التطرف لها جذور عميقة في التاريخ، وتطورت هذه الفرق فاغتالت أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ثم أصبح لها مقاتلون في عهد الخليفة علي بن أبي طالب، فانقسمت الأمة إلى فريقين متقاتلين في حرب أزهقت فيها أرواح عشرات الألوف، مشيرا إلى أنه منذ ذلك الوقت بدأت حالة التطرف. وأوضح أن فكر الخوارج على وجه الخصوص تطور من مجرد رفض اختطاف الرأي إلى اعتقال المجتمع ثم تكفير حتى علي بن أبي طالب. وتابع: «هذه هي الصورة الأوضح لهذا الفكر المتطرف، وهو ما يشكل أخطر تلك الفرق وأكثرها ضررا». وقال النسور: «إن من أسباب نشأة الفكر المتطرف متعددة ومتنوعة، منها أسباب فكرية وسياسية، وأخرى اجتماعية واقتصادية». وأضاف: «بالنظرة الشاملة المتوازنة نجزم بأن الأسباب متداخلة ويجب عدم الوقوف عند سبب واحد»، مشيرا إلى أن الظاهرة مركبة ومعقدة وأسبابها كثيرة ومتداخلة. وأوضح أن من تلك الأسباب انتشار الجهل بحقيقة الدين ومفاهيمه وغياب دور العلماء الوسطيين لحساب أصحاب الأصوات العالية وضعف دور المؤسسة الدينية الرسمية وضعف الثقة فيها وضعف مستوى الكثيرين من العاملين في المساجد وانتشار المفاهيم المغلوطة للقيم الإسلامية وإخراجها عن سياقها الطبيعي مثل الحاكمية والجهاد والخلافة. كما أن من أسباب هذا التطرف - وفق النسور - الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها معظم المنطقة وانتشار الفقر والبطالة، ونوه بأن الإحصاءات تشير إلى أن الدول العربية والإسلامية أكبر متلق للمنح والمساعدات من الدول الغنية. وقال: «نصف برامج المنح يقدم للدول الإسلامية، وهو مبلغ يصل إلى 70 مليار دولار». وتابع: «الظلم والتمييز بين الأفراد وغياب العدالة وانتشار الواسطة والمحسوبية أدى إلى شعور الفرد بخيبة الأمن، فيخرج عن القانون والنظام». أما السبب الرابع فقال إنه في التسلط الذي يفقد الإنسان حريته ويؤدي إلى مصادرة حقوقه الأساسية الذي يؤدي إلى فقدان النظام الأساسي واعتماد رأي الفرد أو السلطة فقط، مشيرا إلى أن قيادة الأردن مستنيرة وتؤمن بحقوق الإنسان وتحترم كل رأي حتى وإن كان موغلا في معارضته. وتابع: «كل ذلك يقتضي أن تقوم مؤسسات الإرشاد والتربية بواجبها بجميع المؤسسات المعنية لمعالجة ظواهر التطرف والتشدد، كل في ميدانه وعبر وسائل أقرت هذه الخطة بعد سلسلة من الدراسات جرى اعتمادها على مستوى الدولة». وتطرق رئيس الوزراء إلى السبب الخامس ويتعلق بالظروف السياسية المحيطة والإحباطات المتوالية والظلم الواقع على الأمة والفشل المزمن في حل القضية الفلسطينية، جوهر الصراع ليس في منطقة بل في هذا العالم، التي لن تحل قضايا المنطقة إلا بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وليس في الاستمرار في الحوم حولها. وأشار إلى أن الإرهابيين استغلوا بقاء القضية على حالها من أجل كسب التعاطف والتأييد للتعاطف معهم، فأفسدوا. وقال: «فلسطين القضية عادلة، ومن هنا بات واجبا علينا وعلى القوى الدولية الفاعلة ضرورة بذل المزيد لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وتمكينه من حقوقه وبناء دولته». وحول موقف الأردن من القضية الفلسطينية قال: «لا يوجد موقف أنبل وأكثر إعلانا من موقف الأردن في القضية الفلسطينية، نحن مع شعب فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومع استقلال دولة فلسطين على ترابها الوطني، بما فيه القدس الشرقية، ونسعى بكل الوسائل لدعم إخواننا». وأكد النسور أن معالجة التعصب تكمن في معالجة أسبابها، وقال: «ترون أن بعضها آني وبعضها قريب المدى وبعضها بعيد المدى، وآخر لا يتوقف مع مرور الزمان»، مشيرا إلى أن القرار الأردني جاء لوضع خطة استراتيجية على مستوى الدولة على مبدأ الشراكة بين المؤسسات العامة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني لتكون معالجة شاملة لا جزئية تشمل إعادة النظر في السياسات والاستراتيجيات بما يكفل القضاء على أسس ومنطلقات هذا الفكر المتطرف. ونوه بأن عناصر الخطة الاستراتيجية في مكافحة التطرف تشمل تحقيق الأمن بمفهومه الشامل الذي يشمل الأمن الفكري والسياسي والاقتصادي. كما تشمل في المجال السياسي والحقوق والحريات ترسيخ أسس الديمقراطية وحكم الأغلبية وترسيخ دولة المؤسسات والقانون، إضافة إلى احترام حقوق الإنسان الأساسية. وقال: «من هنا جاء قرار الحكومة وضع اللامركزية والبلديات اللذين يرفعان خلال الأيام المقبلة إلى مجلس النواب، إضافة إلى قانون الانتخاب في الصيف المقبل». ونوه الرئيس بإعادة وتطوير التشريعات بما يكفل مزيدا من الحريات وترسيخ قيم العدالة والمساواة. أما في المجال التربوي فقال: «إن أهل العلم هم المكلفون ومحاطون بمسؤولية كبرى تقع على عاتقهم لبذل جهدهم لتحصين الناس وتأصيل معاني الخير لنفوسهم ليكونوا عناصر بناء لا تخريب». وأكد على أن إجماع علماء ومدنيين وعسكريين للقاء هذا الصباح تحت هذا العنوان يشي بإجماع الشعب الأردني ووحدته حول هذه القضية الخطيرة وإجماع الشعب للخروج من هذا الخطر الماحق منتصرين. وقال: «من الخطة كذلك إعادة النظر في المناهج المدرسية بما يبني الشخصية المعتدلة وإعادة الاحترام لرسالة المسجد برعاية الأئمة والوعاظ وتأهيلهم»، مشيرا إلى أن منهج الحكومة ثابت بإتاحة المجال بمزيد من الحريات دون تدخل ومصادرة في الرأي. وختم بأن الجماعات المتطرفة استخدمت الإنترنت لتلويث أفكار الشباب وبث أفكار التطرف والتحريض ضد الدول والحكومات ومحاولة إسقاط العلماء الكبار والمفكرين والتجنيد العسكري والدعوى الواضحة إلى الفوضى. وحول موقف الأردن من المهجرين المسيحيين في العراق قال النسور: «إن المملكة سمحت للمهاجرين المسيحيين في العراق بدخول الأردن، فكان لهم ما لجميع إخوانهم اللاجئين، أما إذا كان ثمة تمييز فلصالحهم. ونحن لسنا دولة علمانية ولا دينية، بل مدنية ديمقراطية، أي للدين مكانته المحترمة والفاعلة، وفي الوقت نفسه للدين المسيحي مكانته الإيمانية، كما أن إخواننا المسيحيين هم منا ونحن منهم، فهم ليسوا آخر». وتناقش جلسات المؤتمر الذي يشارك فيه عدد كبير من الشخصيات الرسمية والحزبية والأكاديمية والخبراء، ويستمر 3 أيام، عددا من المحاور المتعلقة بمكافحة الإرهاب، من بينها الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي كأداة لمحاربة التطرف، وتجديد الخطاب الديني، والسياسات الأمنية، والعنف المجتمعي، وسيادة القانون، ودور الحركات والتيارات الإسلامية في محاربة التطرف.