كشفت لـ "الاقتصادية"، مصادر في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في فيينا اهتمام المنظمة بتعميق علاقات الشراكة والتعاون مع شركة "سيمنز إيه جى" العالمية في مجال تكنولوجيا التنقيب في الدول الأعضاء في المنظمة. وأشارت المصادر إلى أن اجتماعا مشتركا بين قيادتي المنظمة والشركة العالمية عقد الأسبوع الماضي، بحث توقعات بالنسبة للطاقة على المدى الطويل خاصة السوق النفطية إلى جانب بحث التطورات التكنولوجية الحالية في قطاع الطاقة. وأشارت المصادر إلى أن اللقاء الذي حضره عبدالله البدري الأمين العام لـ "أوبك"، ركز على التكنولوجيا الحديثة في مجال توليد الطاقة وكفاءة استخدام الوقود في مجال إنتاج النفط والغاز وأفضل التكنولوجيات للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأفضل وأحدث آليات ونظم استخراج النفط، ما يعزز القدرات الإنتاجية للدول الأعضاء في المنظمة ويقلل أعباء وتكاليف الإنتاج. في سياق آخر، قال مختصون نفطيون "إن عودة الأسعار إلى التعافي في ختام الأسبوع الماضي تبشر بموجات ارتفاع جيدة في الفترة المقبلة"، مشيراً إلى أن الأسبوع الحالي سيشهد ارتفاعات مماثلة تعوض الخسائر الفادحة التي تعرضت لها الأسعار منذ حزيران (يونيو) من العام الماضي. وأوضح هؤلاء أن التسارع في تحسن الأسعار مرهون بتقلص حالة وفرة المعروض التي تتسم بها السوق حاليا على الرغم من ميلها للارتفاع، مؤكدين أنه توجد وفرة في المعروض في أسواق الخام تقدر بنحو مليوني برميل يوميا وأن التعافي الحالي ناتج عن تقلص الاستثمارات ولكن التحسن المستمر لن يتحقق إلا بتقليص المعروض. ويقول لـ "الاقتصادية"، رالف فالتمان المختص النفطي من مؤسسة إكسبرو الأمريكية، "إن تقلص الاستثمارات الجديدة والخطط التوسعية للاستثمارات القائمة في القطاع النفطي بفعل تدني الأسعار قاد إلى تنامي المخاوف على مستقبل العرض وأدى إلى انتعاش ملموس للأسعار خلال الأسبوعين الماضيين". وأوضح فالتمان أن بيانات اقتصادية أشارت إلى أن عدد الحفارات النفطية العاملة في الولايات المتحدة تراجع هذا الأسبوع إلى أدنى مستوى منذ آب (أغسطس) 2011 مستدركا أن رد فعل السوق لم يستجب بنفس الدرجة مقارنة بالأسبوعين الماضيين عندما قفزت الأسعار مع هبوط عدد الحفارات. وأضاف فالتمان أن "المخزونات الأمريكية ارتفعت أخيرا إلى مستويات قياسية، ما كان له تأثير واسع وممتد على وضع السوق خاصة بعد أن أظهرت بيانات حكومية أن مخزونات النفط التجارية في الولايات المتحدة قفزت الأسبوع الماضي إلى 418 مليون برميل وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق. وشدد فالتمان على أن الحوار والتنسيق بين المنتجين هو أمر ضروري وعاجل للاستقرار، مشيرا إلى أهمية الاتصالات التي قادتها روسيا أول أمس مع عضوتي "أوبك" الإكوادور وفنزويلا، حيث ناقش الأطراف الثلاثة سبل تحقيق الاستقرار في أسعار النفط العالمية. وذكر فالتمان أن الاقتصاد الروسي يواجه تحديات وصعوبات جمة نظرا لكونه من أكبر المنتجين العالميين للنفط خارج منظمة أوبك، ومثل هبوط أسعار النفط لموسكو ضغوطا اقتصادية هائلة، لأن النفط يعتبر أهم صادراتها لذا سعى الكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي إلى تكثيف الاتصالات والمحادثات مع المنتجين الآخرين خاصة فنزويلا والإكوادور.من جهته، يقول لـ "الاقتصادية"، بيتر فنش المختص في وكالة موديز، "إن ميل الأسعار للارتفاع يجب ألا يثني حكومات الدول المنتجة عن مراجعة سياساتها في الإنفاق خاصة فيما يتعلق بالدعم الواسع للطاقة". وأشاد فنش في هذا الصدد بإعلان فنزويلا من خلال وزير ماليتها رودولفو ماركو أن بلاده ستعلن تغييرا في السياسة المتعلقة بالبنزين قريبا، مشيرا إلى أن كراكاس قررت زيادة أسعار الوقود في خطوة طال انتظارها حيث إن أسعار الوقود في فنزويلا تعتبر أرخص سعر وقود في العالم. وأشار فنش إلى أن خلط العوامل السياسية بالاقتصادية أثر كثيرا في وضع سوق النفط العالمية التى تأثرت كثيرا بالصراعات في الشرق الأوسط وبالعقوبات المفروضة على روسيا وإيران بسبب مواقف سياسية، منوها بقرار للاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي وافق فيه على إعادة شركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية إلى قائمة الشركات التي تخضع للعقوبات، وهو ما يمثل مزيدا من الأعباء على الاقتصاد الإيراني الذى يعاني بشدة جراء تراجع الأسعار. ولفت فنش إلى وجود قلق دولي من نشاط تنظيم داعش وتأثيره في صناعة وتجارة النفط وهو ما دفع بريطانيا إلى التأكيد في الأمم المتحدة أنه توجد براهين مقلقة للغاية على أن جماعات مثل تنظيم داعش تحقق عائدات ضخمة من مبيعات النفط، مؤكدا أهمية قرار مجلس الأمن بشأن تجفيف منابع تمويل "داعش". من جانبه، أشار لـ "الاقتصادية"، كريستوف لايتل رئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية، إلى أن هناك مؤشرات إيجابية على تحسن الطلب على النفط قادمة من الاتحاد الأوروبي بعدما رصدت تقارير هيئة الإحصاء الأوروبية "يورستات" نموا في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بأكثر من المتوقع في الربع الأخير من عام 2014 مع تسارع نمو الاقتصاد الألماني بصفة خاصة، وهو الأمر الجيد والمؤثر في استقرار سوق الطاقة وتقليل حدة الفجوة بين العرض والطلب. وقال لايتل "إن هذا العامل ربما يكون واسعا وممتد التأثير في وضع سوق النفط في الفترة المقبلة ويسهم في تحسن جيد ومتنام للأسعار"، مشيرا إلى تقديرات أولية لهيئة يوروستات تؤكد أن اقتصاد دول منطقة اليورو سجل نموا نسبته 0.3 في المائة على أساس فصلي في الربع الأخير من 2014 بعد نموه بنسبة 0.2 في المائة في الأشهر الثلاثة السابقة. وأوضح رئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية، أن التقارير الاقتصادية حول وضع اقتصاد منطقة اليورو تنعش الآمال بأداء قوي في 2015 وسيمتد هذا التأثير الإيجابي إلى عديد من دول العالم التي ترتبط بعلاقات شراكة اقتصادية واسعة مع أوروبا. وكانت أسعار النفط أغلقت مرتفعة أول أمس في ثاني أسبوع على التوالي من المكاسب بعد هبوط آخر في عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة، وسجل خام برنت أعلى مستوى له منذ بداية العام فوق 60 دولارا للبرميل، لكن المتشائمين في الأسواق حذروا من أن هذا الصعود قد يتلاشى مع استمرار وفرة الإمدادات. ويعتقد متعاملون ومحللون كثيرون أنه توجد وفرة في المعروض في أسواق الخام تقدر بنحو مليوني برميل يوميا. ويقولون "إنه لم يحدث أي تغيير جوهري يفسر التعافي الذي شهدته الأسعار في الأسبوعين المنصرمين". وأظهرت بيانات أن عدد الحفارات النفطية العاملة في الولايات المتحدة تراجع الأسبوع إلى أدنى مستوى منذ آب (أغسطس) 2011، لكن رد فعل السوق كان فاترا نسبيا مقارنة بالأسبوعين الماضيين عندما قفزت الأسعار مع هبوط عدد الحفارات. وما زال شبح المخزونات يخيم على السوق بعد أن أظهرت بيانات حكومية أن مخزونات النفط التجارية في الولايات المتحدة قفزت الأسبوع الماضي إلى 418 مليون برميل وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق. وصعدت عقود خام القياس الدولي مزيج برنت تسليم نيسان (أبريل) 2.24 دولار أو نحو 4 في المائة لتسجل عند التسوية 61.52 دولار للبرميل منهية الأسبوع على مكاسب قدرها 6 في المائة. وتظل عقود برنت لأقرب استحقاق مرتفعة 15 في المائة عن مستواها في بداية شباط (فبراير)، بينما زادت عقود الخام الأمريكي 1.57 دولار أو 3 في المائة لتبلغ عند التسوية 52.78 دولار للبرميل.