×
محافظة المنطقة الشرقية

أنا إبراهيموفيتش – سارق الدراجات الذي أنقذته كرة القدم من القتل

صورة الخبر

ميسون زايد فتاة فلسطينية أميركية متحدثة رائعة خاصة في Ted البرنامج الشهير بالمتحدثين المميزين قالت مرة: أنا مسلمة، لكن هذه ليست كل مشكلاتي على كل حال. أتذكر ذلك عادة ويثير دهشتي، ميسون ليست محجبة، ولا شيء تضعه على رأسها يخبر الآخرين بأنها مختلفة، أو بالأحرى مسلمة. ذات يوم وقفت وسط دائرة من البشر أمام شاشة ضخمة في لندن، كان يظهر فيها رجل مسلم يحمل ساطورا يتقاطر منه الدم وهو يصرخ: سيسيل الدم وسيغرق شوارع لندن، يومها مضيت حزينة جدا، شعرت بهزيمة كبيرة جدا وخذلان منا لكل مبادئ الإسلام العظيمة، ثم وجدتني أتعجب انتشار خبر مقتل الجندي على يد مايكل المسلم وتجاهل الإعلام البريطاني لمقتل شيخ بريطاني من أصل آسيوي عاش في لندن أكثر من 50 عاما ترصده طالب جامعي وقتله بعد أن خرج من مسجده لمجرد أنه لم يجد مسلما أضعف منه صلى العشاء تلك الليلة. سخرت بعدها من حزني لأنهم لم يشعروا بالذنب ولم يعتبروها جريمة دينية، ولم يتحدث أحد منهم عن الكنيسة أو معاداة الإسلام، فلمَ نخلط نحن الأمور؟ فمال الإسلام وهذا الأحمق الذي تربى وعاش في العالم الغربي الذي تستيقظ كل يوم على أخبار القتل فيه؟ يقرأها الناس في الصحيفة وهم يأكلون الكوكز. عندما حدثت حادثة شارل إيبدو كان هناك الكثير من الوعي في العالم الإسلامي، فشاهدنا الكثيرين يتجاهلون الربط بين الإسلام وتلك العصابة، وظهر العديد من المسلمين في القنوات العالمية يرفضون الاعتذار، فليس ذنبنا أن قام مجموعة من الصحفيين باستفزاز مليار ونصف المليار مسلم وعاملهم الجميع بصبر وتجاهل ما عدا أربعة أشخاص ولدوا وتربوا في العالم الغربي على أفلام العنف الأميركية ونفذوا عملية اغتيال هوليودية بامتياز. لكن رغم كل هذا الوعي إلا أن عاصفة من الإحباط تحيط بعالمنا الإسلامي خاصة، وهو يشاهد ما يفعله داعش وحزب الله، وكل من يظهر للعالم أنه يمثل الإسلام ويداه ملطخة بدماء الأبرياء. هل هذا هو ديني في الأخلاق والتعامل؟ ضرب هذا السؤال أعماق الشباب وتعالى صوت الهزيمة النفسية ليطغى على صوت العقل، وما هو آتٍ سيكون أكبر، خاصة مع هذا الاستغلال الدنيء لقصص كهذه في إدانة الإسلام بالالتفاف على معاني النصوص والأحداث واجتزاء كلمات الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والسلف الصالح - رضوان الله عليهم - ثم إخراجها عن السياق لإلصاق كل بشاعة بهذا الدين. في خضم هذا قرأت عن كارين أرمسترونج، وكارين هي إحدى أهم فلاسفة العصر الحديث وأستاذ في جامعة أكسفورد العريقة، قضيت معها أوقاتا متقطعة قراءة واستماعا ومشاهدة لمحاضراتها في اليوتيوب. لم تقل لي كارين شيئا أجهله عن ديني، لكنها فقط ذكرتني به، ذكرني اسم كتابها "محمد نبي لهذا الزمان" عشرات المواقف المحمدية التي تعالج مشكلات وقضايا عصرنا، خاصة تلك التي تنزع الكراهية من أعماق صدورنا وتذكرنا بإنسانية نبي الإسلام، صلى الله عليه وسلم. في الواقع، هناك غير كارين أرمسترونج كثيرون من عقلاء وسادة الفكر الغربي من تحدث ويتحدث عن ديننا، حتى مع انخداعنا نحن بأكاذيب الإعلام الغربي أو حتى الكتاب من بني جنسنا الذين سنوا أقلامهم لهزيمة أرواحنا بالادعاء أننا همجيون ومتخلفون، ويستشهدون بعبارات نقدنا لأشخاص لا قيمة لهم فكرياًّ في العالم كله، مثل كتاب ذلك الياباني الذي رأى العالم العربي ولم يستطع أن يرى كم وقعت بلاده فريسة للتقاليد الغربية وانسلخت عن موروثها، أو لم يستطع أن يرى بالأحرى كم من المحزن أن يسجد الإنسان في بلد يصنع الروبوت لحاكمه ويظل ساجدا بين يديه وقد أعزه الله وأكرمه عن تأليه الحجارة أو المخلوقين! من عظماء الفكر الغربي هربرت تشل صاحب كتاب "مبرمجو العقول والياباني توشيهيكو إيزوتسو صاحب كتاب الله والإنسان في القرآن"، وكذلك هيوستن سميث أحد أهم منصفي الإسلام وأحد أهم الفلاسفة الأميركيين المعاصرين. إن قراءة هذه الآراء حول الإسلام تدفعني كأم وامرأة مسلمة لإعادة قراءة ديني من جديد، وأجد من الواجب ككاتبة أن نقوم بهجوم مضاد وليس بدفاع عن ديننا، بإظهار حقيقته للناس، والحقيقة لطالما صمدت أمام الأكاذيب، فهي تغيب لكنها لا تموت.