معالي الوزير نبارك لكم أولاً الثقة الملكية الكريمة المضاعفة بتكليفكم بمهمّة قيادة زمام وزارة التعليم بمستوييها العام والعالي، بعد دمجهما في وزارة واحدة. ومن المؤكد أنها مهمّة صعبة وتستوجب من معاليكم جهدًا مضاعفًا أعانكم الله على ذلك، ووفقكم لتحقيق تطلّعات القيادة الكريمة، وطموحات أبناء الوطن، والوصول بنظامنا التعليمي إلى ما نصبو إليه جميعًا، ولعلّي هنا ومن باب المشاركة المستوجبة في الرأي من قبل ذوي الخبرة والتجربة المتقادمة في هذا الميدان الواسع المتشعّب المسارب فأقول: إن عملية دمج الوزارتين الكبيرتين الذي اتّخذته القيادة الكريمة -رعاها الله- لأهداف أراها ذات صبغة إستراتيجية تستوجب من معاليكم إعادة النظر في كافة مدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها، ويقيني أن هذا الأمر لن يتحقق في أيام أو أسابيع، ولن يتحقق بقرارات فردية، بل يستوجب العمل لعدة أشهر، كما يحتاج إلى استقطاب الكثير من الكوادر البشرية ذات المعرفة الواسعة، والخبرة والتجربة العالية من الخبراء العالميين في مجال التعليم بصورة عامة، والتخطيط والتدريب بصورة خاصة، تكون مهمتهم صياغة كاملة وجديدة لكافة الأنظمة والهياكل والإجراءات، ولعلّ أنجع الطرق هو الاستعانة بشركات عالمية متخصصة في ذلك الدور بعد تطعيمها ببعض الكوادر الوطنية المختارة بعناية فائقة، كما تحتاج إلى الإفادة من تجارب الدول الكبرى التي تنحو نفس الاتجاه، حيث إن نظام التعليم في كافة الدول ذو صبغة واحدة، وإن اختلفت المنهجيات، فهو لا يختلف في أغلب معارفه ومهاراته، وخاصة ذات الاتجاه الطبيعي والعلمي، ومن هذا المنطلق أقترح: - أن يستمر العمل هذا العام بتنفيذ المهام القديمة في الوزارة بكافة مسارات مستوييها كما هو، مع إجراء بعض التعديلات الضرورية جدًّا، والتي يثبت إعاقتها لمسار العمل، وأن يتم التعديل الإداري المطلوب من خلال استقطاب بعض القيادات التي يثبت دعمها لهذا الاتجاه الجديد، بالإضافة إلى تعديل بعض جوانب الهيكلة الضرورية في المسار الإداري وخلال الفترة المتبقية من هذا العام يتم الإعداد لكافة المهام والأنظمة والإجراءات والهياكل الإدارية المستقبلية للوزارة من قِبل الجهات ذات العلاقة المذكورة سلفًا، حيث إن ذلك الإجراء الهادئ سوف يُجنِّب الوزارة مستقبلاً تلافي الوقوع في مطب التجارب غير الناجحة التي شكونا منها في نظامنا التعليمي عبر السنوات الماضية. - أن تعيد الوزارة النظر في كافة المناهج الدراسية في مراحل التعليم العام، بما يتوافق ومطالب سوق العمل، وما يتوافق مع الاتجاهات الحديثة في الأنظمة العالمية، وأن يُعاد النظر في آليات ومنهجيات التدريس في الجامعات، بما يتوافق مع سوق العمل، وما يحقق أعلى مراتب التهيئة المهارية والعلمية التطبيقية لطلابها. - أن يُستحدث كادر تدريسي يتم ربطه بالمعايير العلمية التي تتضمّن في محدداتها الشهادة العلمية، والدورات التدريبية، وسنوات الخبرة، والإنتاجية العلمية، ودرجة الإبداع في العمل، بحيث تتدرّج مسمّياتها من مسمّى معلم، فمعلم أول، فمشرف تربوي، فأستاذ مساعد، ثم أستاذ مشارك، ثم أستاذ. - أن يتم توحيد أنظمة الدراسة وأزمانها وإجازاتها في كافة أجهزة الوزارة لكل من الكادر التدريسي والكادر الإداري؛ كي تتحقق عملية التكامل والشمول بين المستويين. وفي الختام، أتمنّى من الوزارة ممثلة في قيادتكم الكريمة ألاّ تخضع لأي ضغوط فئوية خارج نطاق الجهة ذات العلاقة بمن يضع النظام، حيث إن التجارب السابقة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشكّ أن تلك التدخلات كان لها بالغ الأثر في إحداث بعض جوانب الخلل التي أدّت إلى إعاقة التجارب الناجحة. والله من وراء القصد.