جاء التشكيل الحكومي الأخير ليتوزر فيه جمع من القدرات والخبرات والكفاءات التي يؤمل منهم أن يحققوا تطلعات القيادة التي وثقت بهم وأوكلت إليهم أمانة خدمة ورعاية الناس الذين يلونهم من مواطنين أو مقيمين على هذه الأرض المباركة. الغريب أن مفردة "الوزير" يمكن تخريجها لغويا على أكثر من وجه، ومعظم هذه التخريجات تلقي عبئا غير يسير على هؤلاء المكلفين بهذه الحقائب، مما يدل على ثقل الأمانة التي حملوها. ففي كتاب "الجامع" لمعجم المعاني نجد أن الوزير مشتق من الوزر الذي هو الآخر أحد اشتقاقات الوزارة ومعناه الإثم أو الوقوع في الخطيئة، ونربأ بوزرائنا الجدد إن شاء الله أن يقترفوا الخطايا في أعمالهم، ونعذرهم على الأخطاء التي تأتي كمحصلة للاجتهاد. أيضا فإن من معاني الوزر: الحمل المرهق والشاق الذي لا شك فيه ولا مواربة أن الوزراء الجدد قد احتملوا إرهاقا ومشقة كبيرة، نسأل الله لهم الإعانة. وجمع الوزر هي الأوزار، وهي الذنوب، وفي محكم التنزيل نقرأ هذه الآية الكريمة: "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون"، وبعيدا عن سياق المناسبة التي نزلت فيها هذه الآية إلا أنه يمكن إنزالها على أكثر من وجه، ومن ذلك الوزراء الذين يلزمهم التحلي بالصدق والإخلاص والنزاهة والأمانة، وأن يراقبوا الله في أعمالهم، وأن يراقبوا نوابهم ووكلاءهم ومديري أقسامهم، لأن الآية تشير إلى أنهم – الوزراء – سيحملون أوزارهم، وكذلك أوزار الذين يضلونهم حتى ولو لم يعلموا، والمقصود هنا التحري في اختيار البطانة الصالحة الصادقة من الوكلاء والموظفين الذين قد يسرفون في الفساد المالي أو الإداري أو التجبر في حق المراجعين، وليحرص وزراؤنا الجدد على تسهيل الإجراءات والتيسير على الناس في إنجاز مطالبهم وتوفير الخدمات لهم. أيضا فإنني على يقين أن كل الذين حملوا الحقائب الوزارية الجديدة كانت لهم مآخذ وملاحظات على الوزراء السابقين، وذلك عندما كانوا خارج الحلبة، ونتطلع نحن المواطنين إلى أن يطبقوا أمنياتهم وتطلعاتهم وخططهم والأفكار التي كانوا يسمعونها ويستقونها من أفواه الناس. أيها الوزراء الجدد، لقد نزلتم داخل الحلبة ونحن نتفرج عليكم من خارجها وليس أمامنا إلا أن نصفق لكم تأييدا أو أن نصفر عليكم غضبا واستهجانا. من حقكم ومن خلال ما ستقدمونه للوطن والمواطن أن تكسبوننا إلى صفكم كمشجعين ومؤيدين أو أن تدفعونا – لا سمح الله – إلى عكس ذلك. أخيرا، أتمنى على كل الوزراء الجدد أن يكونوا قد تابعوا وما زالوا أداء الدكتور توفيق الربيعة وهو داخل الحلبة، يخطف الإعجاب ويقطف التأييد ويحصد المشجعين من كل الفئات التي وجدت فيه وزيرا يصارع في حلبته كل المطففين والغشاشين الجشعين الذين يغمطون الناس في حقوقهم، لكنه من خلال عمله الدؤوب استطاع أن يعيد إليهم حقوقهم، وأن يعلي قدرهم ومكانتهم أمام كل المستغلين، وأملنا كبير فيكم لتحذوا حذوه.