×
محافظة مكة المكرمة

الجعيد لـ”المواطن” : إهداء سيف ” شاعر المعنى” لمحافظة الطائف شائعة

صورة الخبر

أكَّد مختصون على أنَّ التعسّف جريمة يُحرمها الشرع والنظام، سواء أكان التعسّف ناتجاً عن فرد أو جماعة أو صاحب سلطة أو مركز اجتماعي أو حتى من جهة حكومية أو جهة خاصة ضد شخص معين أو جماعة معينة، موضحين أنَّه لا يجوز إلحاق الضرر والأذى بأيّ شخص مهما كان السبب، مُشيرين إلى أنَّ الأنظمة في المملكة تستمد قواعدها ومبادئها العامة من مصادر الشريعة الإسلامية، مُبيّنين أنَّ هذه الأنظمة جاءت لتؤكد حمايتها لجميع أفراد المجتمع ومنع كل ما يؤدي للفرقة والاختلاف بينهم وحماية الفئات الضعيفة من أيّ تعسّف أو ظلم، إلى جانب منع أيّ تصنيفات تلحق الضرر بفئة أو جماعة معينة، فالجميع متساوون في الحقوق والمزايا أمام النظام لا فرق بينهم، لافتين إلى أنَّه من الواجب على كل من يقع عليه تعسّف أن يتجه للجهات المعنية لرفع الضرر عنه ومحاسبة من ظلمه. وشدَّد الجميع على أهمية دور الأسرة والمدرسة في استقامة المجتمع، مُضيفين أنَّ التعسّف قد ينطلق من داخل الأسرة، وذلك حينما تمارس التمايز بين الأبناء أو شعور أحد أفرادها بالحرمان العاطفي، ممَّا قد يدفع الأبناء الذين لا يستطيعون السيطرة على مشاعرهم إلى الانتقام من أحد أفراد العائلة، وهو ما ساقه الله –سبحانه وتعالى- في الأقوام السابقة، كما في سورة "يوسف". جريمة محرّمة وأكد "د.عبدالله بن متعب بن ربيق" -باحث حقوقي، وقانوني- على أنَّ التعسّف والاضطهاد جريمة تتعارض مع مبادئ الدين الحنيف، مُضيفاً أنَّها تكون في الغالب ضد فرد ضعيف أو مريض أو امرأة أو شخص كبير أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أو أقلية أو جماعة أو فئة معينة، وذلك بسبب ديني أو عرقي أو لأيّ سبب يراه المضطهد. وقال إنَّ الضرر مرفوع في الشرع، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار"، مُضيفاً أنَّ هذه قاعدة فقهية معتبرة في كل الأنظمة السعودية وفي النظام الأساسي للحكم، حيث نصّت المادة ال (11) على: "يقوم المجتمع السعودي على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرقهم"، كما نصّت المادة ال (12) على: "تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام". وأضاف أنَّ كل الأنظمة الأخرى لم تفرق بين المواطنين، كما أنَّ موادها جاءت شاملة للجميع لا تفرق بينهم، وتمنع وتعاقب كل ما يؤدي لذلك، مُضيفاً أنَّ "هيئة حقوق الإنسان" تحرص على كل ما يحقق المساواة بين المواطنين في الأحكام الشرعية والأنظمة وتحقيق ضمانات حقوق الإنسان التي كفلها الشرع المطهر والنظام الأساسي للحكم وكل مرجعيات حقوق الإنسان في المملكة من مواثيق دولية وإقليمية. وأشار إلى أنَّ جريمة التعسّف أو الاضطهاد لا تتحقَّق إلاَّ بتوفر أركانها الثلاثة الشرعي والمادي والمعنوي، مُضيفاً: "توجد نصوص في الشرع والأنظمة تحرم التعسّف وسوء المعاملة والسب والاهانة وتجريح الشخص أو الجماعة أو نشر البغضاء والنعرات العصبية التي تؤجج الكراهية وتثير الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، أو أيَّ أفعال أو ممارسات أو سلوكيات تمس بشعور الشخص أو الجماعة، مشيراً إلى أنَّ هذه النصوص المجرِّمة لهذه الأفعال تمثل الركن الشرعي للتجريم والمعاقبة. قلة وعي ولفت "د.الربيق" إلى أنَّ الركن المادي لهذه الجريمة يتمثَّل في الأفعال التي تمارس ضد الشخص من المُضطَهِد، سواءً كان شخصاً أو جماعة أو منظمة عامة أو خاصة بقصد الانتقاص من قيمة وكرامة الإنسان أو المساس بالشعور الإنساني أو تجريح الشخص والتعبير عن الكراهية ضده، مُضيفاً أنَّ هذا الفعل من الناحية القانونية يعني كل تصرف جرمه القانون، سواءً كان إيجابياً أو سلبياً، كالترك والامتناع ما لم يرد نص على خلاف ذلك. وبيَّن أنَّ قلة الوعي القانوني والحقوقي لدى البعض ساعد على انتشار مثل هذه الأفعال في بعض المنظمات وبين بعض الفئات، مُشيراً إلى أنَّ هناك من يضطهد مرؤوسيه ويتعامل معهم بطرق مهينة، كما أنَّ البعض يفعله في دور التربية والتعليم فيُفرق بين طلابه، موضحاً أنَّ المعلمون والمعلمات هم بمثابة الآباء والأمهات للطلاب والطالبات، كما أنَّهم هم من يبني الجيل ويربيه التربية الإسلامية الصحيحة، فكيف يضطهدون الطلاب والطالبات؟. وأشار إلى أنَّه ينتج عن التعسّف جيل حاقد مبغض للمجتمع، جيل يحمل فكرا مناهضا لكل تقارب وتلاحم بين طبقات وأطياف المجتمع، مؤكداً على أنَّ هذا الجيل سيرث هذه الأفعال ممَّن قبله، وقد تستمر هذه الأفعال التي تسبب الخلل والاختلافات والفرقة بين فئات المجتمع، فيصبح لدينا مجتمع مُفكك متباعد يعيش أفراده في خلاف مستمر. توازن اجتماعي وشدَّد "د.زيد بن عبدالله الدريس" -باحث في علم الجريمة- على أهمية دور الأسرة والمدرسة في استقامة المجتمع، مُضيفاً أنَّ الأسرة والمدرسة أبنية اجتماعية تتكون من عدة ادوار ومكانات وعلاقات تحكم جميع تعاملاتهم وحفظ وتحديد حقوقهم وواجباتهم، وذلك من أجل الحفاظ على التوازن الاجتماعي لكل الأطراف، موضحاً أنَّ الكل يؤدي دوره ومساندة الآخر، وإذا اختل توازن هذا البناء بسبب سلب حق طرف من طرف آخر فسوف تكون له أضرار نفسية واجتماعية سلبية تُضعف أفراد هذا البناء. وأكد على أنَّ حرمان الشخص وتجاهله واضطهاده له تأثير سلبي وردة فعل عكسية تأتي مستقبلاً تجاه نفسه وأسرته ومدرسته ومستواه التعليمي والمهني، موضحاً أنَّ كل إنسان يحمل استعدادات بيولوجية جسمية وفكرية تجعله يتوقع لنفسه تأدية دور مهم أكثر من غيره بإيجابية، مُشيراً إلى أنَّ آماله وطموحاته ومكانته في هذا البناء ستزداد سوءً يوماً بسبب أنَّ الاتجاه يسير ضده. ولفت إلى أنَّ تجاهل أولياء الأمور لبعض الأبناء أو البنات وحرمانهم من بعض الأمور المعنوية والمادية تجعلهم يعيشون في زاوية ضيقة وتتكون لديهم ردود أفعال عكسية سلبية تبدأ بسلوكيات بسيطة بعدم الرغبة في المذاكرة وكثرة الخروج للشارع والحديث مع الآخرين الذين لا تحكمهم معرفة سابقة من قبل والبحث عن رفاق لديهم المستوى التفكيري نفسه والتقارب فيما بينهم، كما أنَّها تتكون لديهم ثقافة سلبية تجاه مجتمعهم. أعمال إجرامية وأضاف "د.الدريس" أنَّ الخيارات تصبح أمامهم مفتوحة لفعل أيّ عمل غير اجتماعي تعبيراً عن ذواتهم المسلوبة، موضحاً أنَّ منهم من يمارس التفحيط لأجل جلب اهتمام الناس، إلى جانب الاستعلاء والاعتداء على الآخرين لإثبات وجودهم، وقد تصل بعض السلوكيات إلى أعمال إجرامية كردة فعل للتعبير عن التعسّف والحرمان الذي زرع فيهم بسبب ضعف التوازن والاختلال في بنائهم الاجتماعي الأول، وهو الأسرة. وأوضح أنَّ الخطر هنا يزداد في ظل تطور وسائل الاتصال الالكترونية وسرعة الحصول على المساعدة من الآخرين، سواءً الرفقاء أو جماعات أخرى لديها أهداف إجرامية يكون الشباب بالنسبة لهم هو الأساس، ومن ثمَّ يعملون بكل الوسائل لاستقطابهم، من أجل الإفادة منهم واستغلالهم في تنفيذ عمليات إجرامية وإرهابية داخل الوطن أو خارجة؛ لأنَّه أصبحت لديهم قابلية نفسية لأداء أيّ سلوكيات اجتماعية وغير اجتماعية، من أجل تفريغ طاقاتهم الكامنة ومحاولة الدفاع عن حقوقهم. حرمان عاطفي وأكَّد "د.منصور الشمري" -متخصص بالجماعات المتطرفة والإرهاب- على أنَّ التعسّف قد ينطلق من أصغر مُكوّن للمجتمع، وهي الأسرة، وذلك حينما تمارس التمايز بين الأبناء أو شعور أحد أفرادها بالحرمان العاطفي، مُضيفاً أنَّ هذا قد يدفع الأبناء الذين لا يستطيعون السيطرة على مشاعرهم إلى الانتقام من أحد أفراد العائلة، ومثل هذه ونظائرها قد ساقها الله –سبحانه وتعالى- في الأقوام السابقة، كما في سورة "يوسف". وقال إنَّ الشعور بالتعسّف يورث ردود أفعال سلبية، موضحاً أنَّ بعض من يقاتلون في مناطق الصراع يشعرون باضطهاد النفس اللوامة، فيهربون ممَّا يظنونها ذنوباً؛ ليكفّروا عنها بالموت، كما أنَّ هناك من يهرب من واقعه الأسري لشعوره باضطهاد عاطفي، مؤكداً على أنَّ العدالة الاجتماعية هي أنجع علاج يمكن للباحثين وصفه في أدبياتهم، ابتداءً من الأسرة ووصولاً إلى مكونات المجتمع المختلفة.