×
محافظة المنطقة الشرقية

#كارثة_مسك هاشتاق للمطالبة بوقف تلاعبات المضاربين وتدخل هيئة سوق المال

صورة الخبر

تتعالى أصوات التحذير مطالبة بمراجعة سريعة لواقع مجتمعنا، وذلك بعد تنامي سلوكيات وممارسات تكشفت في بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث عكست توجه شريحة ليست بالقليلة إلى ممارسة العنف اللفظي والسلوكي بشكل غير مبرر، وذلك في مؤشر لتراجع مساحة التسامح في حياتنا واختلال بعض القيم، ولم يعد مستغرباً انتشار مقاطع "فيديو" على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر حالات عنف واعتداء وصلت في بعض الأحيان إلى حد القتل، ومن ذلك تلك الجريمة التي شهدتها "حائل" بين طالبين أقدم أحدهما على قتل زميله نتيجة خلاف نشب بينهما، إلى جانب دهس طالب آخر زميله إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة، وكذلك الخلاف بين طالبين في "الأحساء" أقدم ولي أمر أحدهما على طعن معلم ابنه داخل مدرسته. وسجلت الجهات المعنية برصد حالات العنف بمختلف أنواعه أرقاماً كبيرة لحوادث تمَّ الإبلاغ عنها، ولا نذهب بعيداً حينما نتحدث عن حالات انفلات في قيادة المركبات وتحول بعض شوارعنا إلى ساحات معارك تنتهك فيها بعض القيم، وقد رصدت الجمعية الوطنية جانباً من هذه الممارسات وحذرت منها، داعيةً إلى التصدي لها ودراسة أسبابها وتدارك الخلل، معبَّرةً عن قلقها تجاه تراجع مساحة التسامح في مجتمعنا المحلي على المستويين الشعبي والرسمي، مُشددةً على ضرورة التصدي للتحريض بما ينتهك الحق الأساسي في التعبير. مشكلة حقيقية وأكَّد "د. محمد الغامدي" –عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى- أنَّنا أمام مشكلة حقيقية متشعبة متشابكة تلامس حياتنا في جميع مفاصلها، مُضيفاً أنَّ بعض أفراد المجتمع في غفلة عن تأثير الكلمة الجارحة وما يترتب عليها من عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، موضحاً أنَّ الغلظة وعدم التسامح أضحت سمات ظاهرة داخل بعض الأسر والبيوت. وأشار إلى أنَّ التجاوزات لا تختص بوسائل التواصل الاجتماعي فحسب، مُضيفاً أنَّ الغلظة والتعامل القاسي قد يكون من أحد الزوجين تجاه الآخر أو بين الوالدين مع أطفالهم، موضحاً أنَّ ذلك قد يمتد أيضا إلى داخل المدرسة من قبل بعض المعلمين مع طلابهم، إلى جانب حدوث مثل ذلك في العلاقة بين الزملاء داخل محيط العمل، لافتاً إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي حيث فاقمت من أسباب القطيعة والتنافر بين فئات المجتمع. أسماء وهمية وأضاف "د. الغامدي" أنَّ الأمر يزداد إيلاماً حينما يتخفى المتواصل وراء أسماء وهمية يخلع معها جلباب الحياء، ثمَّ يبيح لنفسه كل قبيح من السب والشتم، بل والقذف والتخوين أحياناً، وقد ينتهي به المطاف إلى المزايدة على الدين أو الوطن أو الكرامة، مُشيراً إلى أنَّه صدق على هؤلاء قول ربنا -جل وعلا-: "يستخفون من الناس ولايستخفون من الله، وهو معهم إذ يبيِّتون ما لايرضى من القول". وأوضح أنَّ هؤلاء لو علموا وتيقنوا أنَّ الله معهم، ومطلع عليهم، ولا يخفى عليه شيء من حالهم، ولا يغيب عليه شيء من مقالهم، فهو سبحانه العليم السميع البصير لاتخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، لكفّوا ألسنتهم وحفظوها عن الوقيعة في أعراض الناس، فكم من مقالة أو تغريدة أو تدوينة نجم عنها شرور كثيرة، وكانت سبباً في التدابر والتقاطع، وفشوّ الفحش والبذاءة في فضائنا، ثمَّ انتقلت إلى مجالسنا ومنتدياتنا، بل وولجت قاعات محاكمنا وموضع خصوماتنا. وحذَّر من العنف غير المبرر مع من يختلف معنا في رأي أو مذهب، مُضيفاً أنَّ البعض يجعل عرض خصمه ومخالفه حينئذٍ مباحاً، ومرتعاً خصباً يلغ فيه بلسانه دونما ورع أو خوف من الله أو حياء منه -عزّ وجل- أو من خلقه، وبالتالي يظن هذا المجترئ أنَّ خلافه مع الخلق يصيِّر أعراضهم المحرمة حلالاً؛ فيغتاب باسم الله ويسب باسم الله ويسخر ويهزأ باسم الله، بل ويكذب ويفتري ويقذف باسم الله. ممارسات خاطئة وقال "د. حسن النعمي" –عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز، ونائب رئيس نادي جدة الأدبي-: "إنَّ الانكشاف الإعلامي عرَّى سلوكيات وممارسات خاطئة في تعاملنا مع بعض كأفراد مجتمع واحد"، مضيفاً أنَّ المتتبع لما يتداول ويطرح في وسائل التواصل الاجتماعي يلحظ تدني مستوى الخطاب والتحريض الذي يستدعي توعية وتدخلا لتصحيح واقع لا يتقبل الرأي الآخر وقد يؤدي للعنف الفكري. ودعا إلى استحداث استراتيجية وطنية لتأسيس الوعي بأهمية الحوار لدى أفراد المجتمع للخروج من هذا المأزق الذي يمثل تهديداً للسلم الاجتماعي، إلى جانب مواجهة اختلالات تراجع ثقافة التسامح، وكذلك دراسة الأسباب التي أدت إلى هذا الانحدار، مؤكداً أنَّ هذه الاستراتيجية ينبغي أن تحشد لها كل الطاقات على المستويين الحكومي والمدني، على أن تتناول أبعاد المشكلة أمنياً واجتماعياً وثقافياً ونفسياً. استراتيجية وطنية وشدَّد "د. النعمي" على أهمية إشراك جميع أطياف المجتمع في صياغة هذه الاستراتيجية؛ لكي لا تخرج في قالب واحد، داعياً المؤسسات الفكرية والتربوية والدينية، لاسيما منبر الجمعة، إلى جانب المؤسسات الإعلامية، خصوصاً الإعلام الجديد، إلى أداء دورها في تأسيس وعي يحفظ الحقوق ويشيع التسامح وقبول الآخر، مُضيفاً أنَّ نادي جدة الأدبي تواصل في فترة سابقة مع عدد من الأندية الرياضية من أجل تنظيم ندوات وأمسيات ثقافية تعزز ثقافة الوعي وتسهم في توعية مرتادي الأندية وجماهيرها. وأضاف أنَّ التجاوب من قبل تلك الأندية الرياضية كان معدوماً، رغم أنَّها يفترض أن تكون أدوات بناء للقيم، كما أنَّ عليها مسؤوليات كبيرة تجاه الشريحة التي ترتادها، موضحاً أنَّها متى ما فعَّلت أنشطتها الثقافية، فإنَّها يمكن أن تسهم في التضييق على منابر التعصب، التي هي احد تهديدات التسامح وقبول الآخر، خصوصاً أنَّها باتت مشكلة في الوسط الرياضي. تحولات مجتمعية وانتقد "د. النعمي" افتقاد المناهج الدراسية لدينا لثقافة احترام التباينات الثقافية والفكرية، داعياً الجامعات إلى أداء دورها في تعزيز ثقافة الاختلاف والتسامح بين أفراد المجمتع، إلى جانب استضافة أصحاب الفكر المستنير الذي يسهم في تعزيز التسامح ونشره وإبعاد نجوم التحريض عن هذه المواقع، لافتاً إلى أنَّ الأمل في مستقبل أفضل يستدعي مواجهة تلك الإشكالات الفكرية والتحولات الثقافية في سلوك أفراد المجتمع. وبيَّن أنَّ ذلك سيتحقَّق من خلال تعزيز الجانب الوقائي المتمثل في تنشئة الأجيال المقبلة على ثقافة التسامح والبدء بذلك في مراحل التعليم العام، إلى جانب تثقيف جيل الشباب، مؤكداً أنَّ ذلك لن يكون إلاَّ من خلال خطاب يتناسب مع تفكيرهم ويكون بلغتهم ويصل إليهم في أماكن تواجدهم، على أن تتم الإفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، التي تمثل نقطة تواصل لشريحة كبيرة منهم. صناعة الرأي ولفت "د. صالح بن محمد الخثلان" -نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان- إلى أنَّ الإعلام الجديد أتاح الفرصة لتوظيف المعلومة وصناعة الرأي والمشاركة فيه بشكل يكاد يكون منفلتاً، مُضيفاً أنَّ ذلك دفع بعض الأفراد إلى سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ممَّا نتج عنه المساس بحقوق الغير، وذلك حينما يعبرون عن آرائهم، في ظل جهلهم بالمسؤولية القانونية تحت طائلة نظام مكافحة جرائم المعلوماتية. وأكَّد أنَّ هذا الانفلات في استخدام هذه المواقع يستدعي ضرورة التصدي للتحريض الذي تشهده وسائل التواصل الاجتماعي دون مساس بحق التعبير، إلى جانب تنظيم الجهات المعنية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة حملة واسعة لتعريف الأفراد بالمسؤولية القانونية المترتبة على ممارستهم حقهم في التعبير؛ لكي لا يتورطوا في قضايا وعقبات تشمل السجن والغرامة نتيجة جهلهم بالقيود النظامية لممارسة هذا الحق. نصوص فضفاضة وأشار "د. الخثلان" إلى أنَّ الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان رصدت رفع بعض الأجهزة الحكومية قضايا على مواطنين بحجة الإساءة إليها، مستخدمين نصوصاً فضفاضة في نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، لمنع حرية التعبير وتطويع النظام، مُضيفاً أنَّ ذلك كان لمنع انتقاد التقصير والخطأ في هذه الأجهزة، موضحاً أنَّ بعض الأجهزة الحكومية غير متسامحة مع النقد، الأمر الذي تسبب في إدخال أشخاص إلى السجن، بسبب عدم دقة النصوص في الأنظمة. وأضاف أنَّ هذه الأنظمة لا تفرق كثيراً بين التحريض وبين ممارسة حق التعبير وإبداء الرأي؛ ممَّا أدَّى إلى استثمار هذه النصوص في رفع دعاوى على مواطنين بسبب ممارسة حقهم في التعبير، مُضيفاً: "إنَّ تحسس كثير من الأجهزة الحكومية تجاه أيّ نقد نشأ بعد ما سُمِّي بالربيع العربي، في حين كان متوقعاً أن يكون لذلك آثار إيجابية على مستوى التحولات وعلى مستوى قبول الأجهزة الحكومية لهذا النقد". اتهامات متبادلة وأوضح "د. الخثلان" أنَّ النظام الأساسي والإعلانات الدولية والاتفاقيات الإقليمية التي صادقت عليها المملكة ضمنت حق الأفراد في المشاركة، ومن ذلك حقهم في مراقبة الأجهزة الحكومية ونقد أدائها دون تعد أو إساءة شخصية للقائمين عليها، مُضيفاً أنَّه رغم التطور الهائل في وسائل الاتصال ورفع سقف الحرية في هذه الوسائل، الأمر الذي يتوقع منه تعزيز القيم الاجتماعية وإشاعة المحبة والتسامح بين أفراد المجتمع، إلاَّ أنَّ ما تمَّ رصده خلاف ذلك. وبيَّن أنَّها ظهرت أشكال جديدة من التحريض وتصنيف أفراد المجتمع والتحزبات وإثارة النعرات واتهامات متبادلة بين مكونات اجتماعية، في مؤشر خطير على تراجع ثقافة التسامح على مستوى الأفراد والمجموعات، مُضيفاً أنَّها تمثل خطراً يهدد استقرار المجتمع، مُشيراً إلى أنَّ للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان رؤية لنشر ثقافة التسامح وإصلاح اختلال قيم المجتمع. حملة توعوية ولفت "د. الخثلان" إلى أنَّ هذه الرؤية تتضمن حماية الحق في التعبير من خلال ضبط الأنظمة ذات الصلة، إلى جانب حماية الحياة الشخصية للأفراد من إساءات استخدام الإعلام الجديد والتصدي للتحريض، وكذلك تنفيذ حملة شاملة مستمرة للتوعية بضوابط استخدام وسائل الإعلام الجديد، مؤكداً عدم دهشته من تحولات المجتمع التي أدت إلى اختلال القيم ونشوء الفردانية وغلبة النزعة الاستهلاكية واختفاء سلطة الضبط الاجتماعي. ورأى أنَّ معالجات "وزارة التربية" و"وزارة الثقافة والإعلام" والجهات الأخرى المعنية بالتنشئة والتوجيه لا ترقى إلى مستوى التحدي، لافتاً إلى أنَّ هناك خطرا أكبر يتهدد السلم الاجتماعي حين تتعدى التجاوزات تعاملات الأفراد إلى شرائح وفئات تتبادل اتهامات تحمل نفساً تحريضياً وتراشقات تتعرض للمذاهب والانتماءات المناطقية، مؤكداً أنَّ الجهد المبذول ليس بمستوى التحدي، سواءً من النخب أو مؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب عجز الأجهزة الحكومية عن مواجهة تلك المخاطر.