كانت كاميرا مباراة الأهلي والنصر تتنقل بين وجوه المشجعين قبيل انطلاقة مواجهتهما أمس في نصف نهائي كأس ولي العهد، وتنقل الفرح الذي يرتسم عليها.. ها هنا مشجع نصراوي يهزج، وهناك أهلاوي يتمايل على أنغام أغاني فريقه. كانت الكاميرا تنقل موسم فرح تصنعه كرة القدم، وكنت أتذكر أحداث أول من أمس أمام ملعب الدفاع الجوي في القاهرة، حيث قضى نحو 22 مشجعاً زملكاويا نتيجة تعامل غير سليم مع إدارة الحشود. كرة القدم وجه الفرح، ويجب أن تبقى كذلك، وحينما تبدأ الحياد عن هذا الوجه فحينها يجب أن نعيد النظر فيها، وفي المبررات التي تخرجها عنه. في ملاعبنا هناك بوادر أزمات، وإن كنا ما زلنا بعيدين عنها، ونحمد الله على ذلك.. وهذه الأزمات منبعها التعصب، وأسلوبها الأبسط الإساءات التي تظهر سواء بالهتاف الجماعي، أو التصرف الفردي، وسلاحها الأبرز مواقع التواصل الاجتماعي التي تشهد انفلاتا بلا ضوابط، وبدل أن تكون منابر للتحاور والنقاش والرقي، حوّلها البعض وهماً ساحات للوغى، وميادين للمبارزة ببذيء الكلام، وسهل الاتهامات، ومجافاة الحقائق، وعدم احترام آدمية وإنسانية الآخر. يستل البعض منذ دخوله عالم هذه المواقع رماحه، ويغير كأنه يريد محاربة طواحين الهواء، فيسفّه هذا، ويطعن في ذمة ذاك، ثم يتكئ على كرسيه مطمئنا وهو يرى دوائر بذاءات الحجر القميء الذي ألقاه في الماء الراكد للآخرين. بوادر الأزمة موجودة، وعلينا أن نقطع دابرها قبل أن تلسعنا نارها، فدرهم الوقاية خير من قنطار العلاج، والتحرك السابق أجدى بكثير من الندم اللاحق.