صحيفة المرصد: من خلال اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين نشرت صحيفة الرياض مقالا للكاتب سعود المطيري تناول فيه قصة أحد المستشرقين الانجليز يدعى الكولو نيل ديكسون مع زوجته ومرفقه سام المزين سكنوا مخيم في منطقة برقان جنوب الكويت.. يقول المطيري: في ختام يوم طويل أمضاه الكولونيل الانجليزي ديكسون مع زوجته ومرافقه سالم المزين وأسرته , عادوا من إحدى رحلات القنص عام 1931م إلى مخيمهم في منطقة برقان جنوب الكويت عند أحد المنحدرات اللطيفة فرمق بالقرب من المخيم صفا من الآكام المنخفضة تضم تسعة من القبور المتجاورة وعند ما سأل مرافقه علم بما حدث في هذا الموقع وتحديدا سنة 1926م وأشار مرافقه وهو يحكي له بعض تفاصيل المذبحة إلى قبر الفتاة الوحيد بين ثمانية رجال كانت سببا في مقتلهم جميعا مع عشيقها الذي ينتمي لقبيلة أخرى عند ما ضاقت بهم أفق القبيلة في لحظة من لحظات غليان الدم رغم انهم لم يقترفوا ذنبا أكثر من رجائهم إتمام رغبتهم بالزواج على شرع الله وسنة نبيه فقدر الله أن تفرقهم القبيلة ويجمع بينهم تراب القبور التسعة من خلال قبرين متجاورين وحتى يبين ديكسون الأسباب التي يمكن أن تعترض زواج كهذا فقد استرسل أولا في توضيح ظروف ترحال ولقاءات البدو وما قد ينشأ عنها من علاقة بين فتى وفتاة لا تسمح تقاليد إحدى أو كلا القبيلتين بزواج أبنائها من خارج القبيلة الا في أضيق الحدود. فأثناء الصيف وأوائل الخريف وفقا لديكسون ( الكويت وجاراتها ) كان أبناء عشيرة العشيق يعيشون على ضفة ترعة الغريفية بالقرب من سوق الشيوخ أما في فصل الشتاء والربيع فكانوا يهاجرون جنوبا إلى الكويت مع غيرهم من قبائل الرعاة من المنتفق إذ يمكن لأي شخص أن يميز بسهولة بين هؤلاء وبدو الكويت والعربية السعودية فهم يغطون رؤوسهم عادة بكوفية زرقاء داكنة ذات مربعات ومن فوقها عقال أسود سميك يضعونه بحيث يميل قليلا نحو أحد الجانبين فوق الرأس , أما بدو هذا القسم من شبه الجزيرة العربية فيرتدون جميعا كوفية قرمزية ذات مربعات أو بيضاء ومن فوقها عقال غير سميك أو مجرد قطعة من حبل تلتف حول الرأس أما النساء فلا يستخدمن الحجاب ووجوههن وأذرعهن وكواحلهن مزدانة بنقوش الوشم . كان لأبناء عشيرة هذا الفتى العديد من الأصدقاء في الكويت والإحساء وبعض القبائل وكانوا على علاقة طيبة مع أحدى الأسر التي تقيم في منطقتي أبو حليفة والوفرة في الكويت والتي كان أبناؤها يخطرون ( يضيفون ) قبيلة الفتى أثناء تجوالهم في الكويت تلك الأيام العصيبة بأنباء وتحركات المغيرين من الإخوان الذين يظهرون في المنطقة . حتى يمكنهم الانتقال إلى أماكن أخرى عند ما يلوح الخطر . كان كبير عشيرة العشيق يدعى فزاع من أقرب أصدقاء الرحالة وسبق ان تعرف عليه أيام عمله في سوق الشيوخ وكان هو وأحد أقاربه الملقب بالمسمار هم من أخبره بتفاصيل المذبحة قالا له : في عام 1925م هطلت الأمطار مبكرة فاستبشر أبناء البادية بربيع متميز , ولكن الأوضاع لم تكن مستقرة , وكان المغيرون من الإخوان لا زالوا يقومون بمغامراتهم بالقرب من مدينة الكويت نفسها ويستولون على الأغنام والجمال , ولكن مهما كانت الأوضاع كان من المحال منع رحلة الشمال التي درج عليها القوم كل عام منذ القدم , فقطعان الماشية وإناث الخيل لا بد لها أن ترعى على أعشاب وأزهار الربيع بالإضافة إلى ذلك فمع بداية هطول الأمطار في أراضي المنتفق تبدأ حراثة الأرض وزراعة المحاصيل الجديدة , مما يتطلب نقل الأغنام والحمير بعيدا عن المساحات المخصصة للزراعة . كانت كل قبائل الرعاة تأتي من الفرات في العراق كالمعتاد , ولكن لم يحدث في أي وقت أن تجاوزت قبيلة المدى الذي اعتادت أن تصل اليه في اتجاهها نحو الجنوب وفي فبراير 1926م ضربت عشيرة العشيق خيامها على امتداد الجانب الغربي من سلسلة تلال الظهر المطلة على آبار عريفجان حوالي 8 أميال جنوب شرق تلال برقان , ووفقا لعادة بدو العراق جميعا , لم يضربوا خيامهم في صفوف , كما يفعل بدو العربية السعودية , ولكنهم وزعوها متناثرة أو كل خيمتين معا , حتى يسهل على أغنامهم الوصول عند عودتها , ولكن بحيث لا تبعد المسافة بين كل خيمة وأخرى عن القدر الذي يسمح بوصول صوت النذير عند ما يطلق رصاصة التحذير في الهواء , وكان الشباب من عشيرة العشيق شأنهم شأن الشباب من سائر القبائل يتميزون بالوسامة والصحة وقوة البنية , وكان لأغلبهم فرس يركبها وهو في الطريق للكويت , وكثيرا ما كانوا يشاهدون في أسواق المدينة يعقدون صفقاتهم ويشترون احتياجاتهم تاركين الفرس لتأكل في إحدى الحظائر المجاورة . كان ( شريب ) ابن مضرب أحد هؤلاء الشباب وهو أكبر أبناء عم فزاع وكانت تجمعه منذ عدة أشهر قصة حب لا يعرف أحد عنها شيئا مع فتاة تدعى ( رخيصة ) . من قبيلة صغيرة تعيش على الزراعة . ( يتبع الأسبوع القادم ) .. ديكسون مع زوجته بالزي العربي