كلما نعِمت بزيارة الحرمين وتجوّلت في أرجائهما وملأت عينيّ بما أراه فيهما من رعاية وعناية وتوسع مستمر وخدمات متميزة، أحمد الله تعالى على ما وفّق له هذه الدولة وسخّرها للقيام به؛ حتى يتشرف رأسها وقائدها بلقب خادم الحرمين الشريفين. وكلما تأملت في وجوه الوافدين على الحرمين والزائرين للمشاعر المقدسة، رأيت الشوق الكبير والحنين الصادق والمشاعر الفياضة، يأتون من كل فج عميق، ويبذلون في سبيل وصولهم إلى هذه الأماكن الطاهرة الغالي والنفيس، ويغسلون قلوبهم بطهارة زمزم ويملؤنها سكينة بأصوات المقرئين العذبة. ومع هذا كله يشعر الزائر لهذه البقاع الطاهرة بأن هناك قصة غائبة ومعنى مفقوداً لا يليق بأهل الحرمين إغفاله أو التهاون فيه، وهو أجلّ ما يمكن أن يحمله الزائر ويعود به إلى أهله بعد قبول عمله وتحقق مراده، أتدرون ما هو؟ إنها رسالة هذه البقاع التي قدّست من أجلها وقصتها التي تحتاج الأفواج الصادقة إلى تشرّبها وتتشرف بحملها، ولا يليق بالقائمين على الحرمين أن يتركوا روايتها لمرتزقة المطوّفين الجهلة، ولا لأهل الأهواء والاتجاهات المضللة، إنها قصة الهداية والرعاية الربانية التي ينبغي أن يتصدى لرواياتها خيرة الناس، ويُبذل في سبيل وصولها لكل البشرية أنفس الثروات. إنها أجلّ قصة تروى، ولا ينبغي أن تبقى لغة أو جنسية لم تسمعها أو تدركها، ولا بد أن تُروى لكل الفئات والأعمار. إنها الخدمة التي يحتاج إليها زوار الحرمين، ويشتاق إليها كل وافد لهما، عبر متحف الحرمين أو معرض الحرمين، الذي يحكي عبق ماضي هذه الأرض الطاهرة، ويروي خبرها للوافدين عليها، بعد أن تم محو كل -أو جُلّ- معالمها، أو صالة تاريخ تحاكي قصة الحرمين، وتقف عند كل حجر من أحجارها وزقاق من أزقتها شهد جزءاً من رسالتها. مهما كانت الصيغة لا يهم، المهم أن هذه القصة ليس لها إلا خادم الحرمين؛ فهل هي الإضافة التي كانت تنتظره؟؟