يسلك المحرض طريقا متعرجا – في أي موقع – ساعيا إلى قلب الحقائق حتى إذا اتضحت وبان غبشها استغل أي متغير وأعاد بث التحريض بصيغ لا تبتعد كثيرا عن أكاذيبه الأولى. ولأننا نعيش زمنا استثنائيا بدأ بمسمى الثورة على الظلم والقهر والاستبداد إذ به ينتهي إلى إسقاط الدولة وإحلال الفوضى العارمة حتى وصل الأمر إلى القتل وتشريد المواطنين من أرضهم وسلبهم كل خيارات الوجود.. والزمن الاستثنائي الذي نعيشه أن المؤامرة على الأوطان حمل رايتها التقويضية جماعة أو فصيل من أبناء البلد كاستجابة حمقاء لإحداث متغير لا يحمل من رائحة المستقبل شيئا بل جاء مرتدا على كل القيم الحضارية والإنسانية ومستحضرا بربرية الإنسان في أولى تشكلاته. هذه وقائع عشناها، وقائع تقوم على إسقاط الدولة بكل مؤسساتها حتى إذ سقطت بحث المحرضون عن رقاع جديدة لإدخال الفوضى والعنف على أراضيها.. وحين وقعت مصر في براثن الإخوان وانتفض الشعب في ثورته الثانية، وتفاعلا مع الموقف المصري سارعت المملكة بإعلان واعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية – وهو الأمر الذي سبق القرار المصري – هذه الحقائق القريبة جدا تناساها بعض الإعلاميين وكأنها لم تكن، وكان يفترض بهم معرفة مسار الأحداث. لهذا كان الاستغراب يملأ الأحداق والأسماع لتبني بعض الإعلاميين حملة إعلامية ادعت عن تغير سياسة المملكة، ولأن الأحداث لا تزال طرية ولم يجف عرقها كان علينا جميعا التنبه لهذه الدسيسة ومجابهتها والقضاء عليها في المهد.. فمن المهم جدا بقاء دول محورية ورئيسة في حالة تماسك وانسجام لتفويت أي فرصة يمكن لها العبور من خلال إشاعة أو ادعاء لتقويض ذلك التماسك ..فالمنطقة لم تتجاوز بعد القضاء على الجماعات والتحزبات المولدة للإرهاب في شكله العام وتخريب الديار في شكله الخاص. ومع سقوط دول عربية رئيسة وضياعها داخل فوضى عارمة من المهم سلامة الأوطان لأن الخيار الاستراتيجي لأمن المنطقة بقاء هاتين الدولتين قويتين متماسكتين لمواجهة أخطار لازالت تقف على الأهداب.