للأوطان حقها في الحصول على الانتصارات المجيدة، لتسجلها في أجندات التاريخ فعلاً بطولياً لأبنائها عندما يبذلون دماءهم وأموالهم وكل غالٍ ونفيس في سبيل رفعتها وسيادتها. للأوطان كل حق في أن تمارس علينا سلطتها لنقبِّل ثراها، ونرفع رايتها عالياً، ونحن نتغنى بعنفوانها، وشعاراتها، وقد لا يستدعي الأمر أحياناً الدخول إلى معارك طاحنة تجر ذيولها لتحقيق هذه الانتصارات، وإنما يمكن اختصار آلاف المواجع في وقفة واعية، وفكر مدرك، يمكنه أن يحقق نتائج رادعة وبطولية وفاصلة. هذه الوقفة التي قام بها الشعب السعودي للحفاظ على كيانه، متجاوزاً كافة التحليلات السياسية، والادعاءات، والمزايدات التي راهنت على قراراته، هذه الوقفة التي سجلها المواطن السعودي الواعي والبسيط، الذي تشبث بقيادته، ويقينه، ووطنيته، للحفاظ على بلاده، والانتصار لها، ضارباً عرض الحائط بكل كواليس السياسة، وما يجري في أروقتها، مفسداً كل القراءات والتنبؤات بوعيه. ففكرة المبايعة أصبحت سهلة وتلقائية في مملكة استوعب أبناؤها دروس الوطن، وتمعنوا في قراءة واقع الربيع العربي، ورياحه التي خطفت الأوطان من أحضان أبنائها، وشردتهم، ليصبحوا مادة دسمة، وخطيئة يومية تقترفها نشرات الأخبار. انتصر السعودي لوطنه ووطنيته دون بندقية، وقرَّر أن يكمل مشوار منجزاته، وتمسكه بأمان بلاده، ليرد على تساؤلات عيون العالم المترقبة، التي كانت تنتظر ردة فعله، التي عبر عنها بابتسامة رضا و«لسان حاله» يقول: إنني أبايع لأنتصر لمجد وطني، ولأمان أبنائي، ولبناء مستقبلي، إنني أبايع لأصنع هذا القرار بالسيادة، وبإكمال المسيرة، والالتفاف حول القيادة، والمحافظة على مقدرات وطنٍ هو قبلة المسلمين ومصدر أمانهم. لقد كنت «شاهدة عيان» على كل هذه الوقفات، وكل هذا الحب، والتمسك بسيادة الوطن. كنت أراقب حالة احتواء كبيرة، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي، وبوصلة سعودية تتجه بسهمها إلى قلب الوطن ليعلن انتصاره. يقول الشاعر السعودي جاسم الصحيح: وطني.. أُفَتِّشُ في فصولِ دراستي فأَراَكَ أضيقَ ما تكونُ مَدارا ما لم يَقُلْهُ (النحوُ) أنَّكَ (فاعلٌ) (رَفَعَتْهُ) أذرعةُ الرجالِ مَنارا ولعلَّ أستاذَ الخرائطِ حينما رَسَمَ الخطوطَ وحَدَّدَ الأَمْصاَرا لم يَدْرِ أَنَّكَ لا تُحَدُّ بِرَسْمَة كالشمسِ وَهْيَ تُوَزِّعُ الأنوارا