بعد أن أسدل عليها الستار قبل أيام، جاءت التعاقدات والصفقات في سوق الانتقالات الشتوية دون المستوى المأمول، لتتماشى رغبات الأندية الأوروبية في ضم لاعبين جدد وبيعهم مع طقسها المثلج، لتبقى التعاملات باردة وقليلة وكئيبة. دائماً ما تأتي أبرز الصفقات وأغلاها من أندية الدوري الإنكليزي أو من عملاقي الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة، أو من عملاق الكرة الفرنسية باريس سان جيرمان، وهو ما تعودناه من هذه الأندية خلال فترة الانتقالات الصيفية، لكن رويداً رويداً بدأت سوق الانتقالات الشتوية تكسب وتيرة وصفة ملازمة في العامين الأخيرين، فلم تعد السوق الشتوية أساسية في حسابات الأندية، بل باتت وسيلة إنقاذ وتصليح وتعديل فحسب، أو بمعنى آخر أصبحت «سوقاً اضطرارية» أو للحالات الطارئة، وليست سوقاً يهدف منها النادي بناء فريقه، خصوصاً أن البيع والشراء يأتي في منتصف الموسم، فيكون النادي البائع مضطراً إلى مضاعفة سعر نجومه كونه سيهدم مخططاته الذي اعتاد عليها على مدى الموسم، ما يعني أن على النادي المهتم بالشراء أن يدفع مبلغاًً زائداً إن لم يكن مضاعفاً على المبالغ التي قد يدفعها خلال فترة الانتقالات الصيفية. فمن الأندية التي تلجأ إلى سوق الانتقالات الشتوية تلك التي تعاني من إصابات كاسحة، فتضطر إلى تعويض الغيابات في ظل صراعها في المسابقات المختلفة، فمثلاً أرسنال الإنكليزي اضطر لدفع 15 مليون يورو للمدافع البرازيلي غابرييل باوليستا من فياريال، لدعم خطه الدفاعي الذي نهشته الإصابات طوال النصف الأول من الموسم، على رغم أن أصواتاً كثيرة طالبت المدرب آرسين فينغر بتعزيز خطه الهش والقليل العدد خلال أسابيع الصيف، لكنه لم يفعل، فعانى خلال الأسابيع الماضية من إصابة ماثيو ديبوشي ولوران كوشيلني وكيران غيبس ليعتمد فقط على بير ميرتيساكر وناشو مونريال والصاعد كالوم تشامبيرز. مانشستر سيتي سار على النهج ذاته بعقده أكبر صفقة خلال الفترة الشتوية بضمه مهاجم سوانزي ويلفريد بوني في مقابل 28 مليون جنيه إسترليني، عقب إصابات نهشت خطه الهجومي المكون من أغويرو ودجيكو ويوفوتيتش، وبعدما تخلى عن مهاجمه الإسباني نيغريدو خلال الصيف. لكن هذه الفترة أيضاً يلجأ إليها من يجد نفسه في أزمة، وعادة ما تتعلق بإخفاق في الدوري، والتي تكون مصاحبة لإقالة مدرب، مثل ما فعل كريستال بالاس ووست بروميتش البيون، إذ ضم مدرباهما آلان باردو وتوني بوليس أكثر من ثلاثة لاعبين لدعم الصفوف وإبقاء فريقيهما في الدرجة الممتازة الإنكليزية، ومثلما فعل أيضاً روبرتو مانشيني عندما تولى تدريب إنتر ميلان الإيطالي، إذ ضم لوكاس بودولسكي من أرسنال وشيردان شاكيري من بايرن ميونيخ، وكلاهما على سبيل الإعارة، مثلما لفتت صفقة المهاجم الإسباني فيرناندو توريس الذي وجد نفسه على مدى خمسة أشهر متنقلاً بين تشلسي اللندني وميلان الإيطالي وأخيراً عاد إلى بيته الأول مع أتلتيكو مدريد، ويبدو أنه استعاد بعضاً من غريزته التهديفية التي فقدها على مدى الأعوام الماضية. أيضاً يلجأ إلى سوق الانتقالات الشتوية من يبحث عن عقد صفقات ليس لها تأثير مباشر وفوري، مثل ما فعله ريال مدريد بضمه صفقتين للمستقبل بضم البرازيلي لوكاس سيلفا من كروزيرو في مقابل 13 مليون يورو، والمراهق النروجي اوديغارد (16 عاماً)، ليلتحقا مباشرة بكاستيا، الفريق الثاني للنادي الملكي. في حين كان جاره برشلونة مجبراً على الابتعاد عن سوق الانتقالات، مثلما سيحدث خلال الصيف المقبل تنفيذاً لعقوبة «فيفا» وحرمانه من عقد أية صفقة حتى شتاء 2016. هناك نوعية أخرى من الأندية التي تلجأ إلى سوق الانتقالات الشتوية، وهي الأندية التي تعاني مادياً، والتي تسعى إلى بيع نجومها لإنقاذ خزانتها من الإفلاس، وهنا يدخل الاستغلاليون على الخط، فبنفيكا البرتغالي اضطر إلى بيع نجمه انزو بيريز إلى فالنسيا في مقابل 25 مليون يورو، مثلما باع نجمه فيرناندو سيلفا إلى موناكو الفرنسي في مقابل 16 مليون يورو. ولعل الساعات الأخيرة من سوق الانتقالات شهدت إثارة أكبر من سابقاتها بانتقال الكولمبي خوان كوادرادو من فيرونتينا الإيطالي إلى تشلسي الإنكليزي، في صفقة تضمنت إعارة المصري محمد صلاح من الأخير إلى الأول، وفي صفقة فاجأت الكثير خطف نادي فولفسبورغ الألماني نجم المانشافت الدولي آندري شورله من تشلسي في صفقة بلغت 29 مليون يورو. وعلى رغم هذا وذاك، تظل سوق الانتقالات طبيعية في الأحوال العادية وبحســـــب التطـــورات الأخيرة، لكنها باتت أقرب إلى درجات حرارة الطقس الغربي أكثر من حرارة مبارياتها.