) عاد الأمير خالد الفيصل أميراً لمنطقة مكة المكرمة؛ بعد أن غاب عنها قرابة سنة ونيّف، وكان أميرها من مطلع العام 2007م حتى أواخر العام 2013م، قبل أن يُستوزر في التربية والتعليم، حيث وضع الإمارة بمحافظاتها ومراكزها وقراها كافة، على خارطة التنمية الشاملة الممنهجة، وأشرك الشرائح الاجتماعية فيها كافة؛ من إدارية ودينية وقضائية واقتصادية وأدبية وشبابية.. أشركها في تكوين التصورات التنموية والتطويرية كافة، التي كانت تصاغ وتبلور في (مجالس الأمير). هذه المجالس الأسبوعية الشهيرة، التي ارتبطت باسم (خالد الفيصل) منذ إمارته على عسير قرابة أربعة عقود؛ قبل استلامه قيادة منطقة مكة المكرمة، التي هي بوابة المملكة الدينية والاقتصادية، وحتى السياسية أحياناً على العالم كله، لوجود الحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة في حياضها. * كان (خالد الفيصل) وما زال؛ أميراً أميناً على ما يُستودع من القيادة الحكيمة من تكليفات وتوجيهات، وقد عرفناه عن قرب، وعرفنا درجة الانضباط في علاقاته بقيادات المنطقة، وكذلك بالمجتمع في منطقته صغيراً كان أو كبيراً، ففي أقل من سبعة أعوام، غرس في محيطه حب العمل، ودقة التنفيذ، واحترام الوقت، وقيمة الكلمة، وزرع في النفوس الأمل والطموح، ونبذ التواكل والإحباط، وهذه هي الثقافة البناءة بين المواطن وقيادته ووطنه. * العالم الأول.. كان هذا هو شعار الخطة العشرية الذي اختطها أمير منطقة مكة المكرمة (خالد الفيصل) في مرحلة ولايته السابقة. طرح وقتذاك؛ نظريته الإدارية المميزة رغم الصعوبات التي كانت تكتنفها، فتحوّلت مدن المنطقة إلى ورش عمل كبرى لا تهدأ. أطلق مشروع الرؤية التنموية لمنطقة مكة المكرمة: (بناء الإنسان وتنمية المكان)، وكان حريصاً على تحقيق أهدافها التي وضعت من أجلها، وأطلق التنظيم الإداري لإمارة المنطقة، الذي وصل إلى المحافظات والمراكز، وتابع كل ذلك شخصياً من خلال متابعة المشروعات والجولات السنوية للمحافظات، والحرص على استقطاب الكفاءات المتميزة للعمل بالإمارة. * توالت في عهده المشروعات التنموية الكبرى التي أقرتها الدولة، وكانت مكارم توزع على مدن المنطقة. بدأها (خالد الفيصل) أوان ذاك في عهد والدنا الكبير (خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز) تغمده الله بواسع رحمته، وها هو اليوم؛ يُتم هذه المكارم في عهد (خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز) -حفظه الله-. * ومن هذه المكارم التي بدأها (خالد الفيصل) في وقت مضى ويتمها الآن: التوسعة الكبرى للمسجد الحرام وصحن المطاف غير المسبوقة في التاريخ، ومشروع مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، والعمل على تحسين الصورة العمرانية لمكة المكرمة ومشروعاتها العمرانية الكبيرة، كمشروع الملك عبدالله لإعمار مكة وتطوير الأحياء العشوائية، وإنشاءات مبنى الأمانة، ونقل وترحيل الخدمات المعترضة للطرق، إضافة لتشييد جسور على الأودية، وإنشاء حدائق في قرى المحافظة وساحات وممرات مشاة، إلى جانب مشروعات السفلتة والإنارة وتحسين المداخل؛ إلى غير ذلك من المشروعات الخدمية والتنموية والعمرانية بالمنطقة. * وضع حجر الأساس لمشروعات صحية وتعليمية وخدمية كثيرة؛ مبنى مستشفى الجموم العام، ومبنى المركز الصحي بمدركة، ومبنى الكلية الجامعية (بنات)، ومبنى المعهد الثانوي الصناعي، ومخطط المركز الحضري للدوائر الحكومية في المحافظة، ومشروعات اقتصادية بالمحافظات؛ مثل ميناء الليث، والمشروعات الاقتصادية الكبرى، كمدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ وما يخص تنميتها اقتصادياً، والمخطط الهيكلي لمشروع بوابة مكة، ومشروعات بلدية في محافظة الطائف بمليارات الريالات. * ومجتمعياً؛ فإن الأمير خالد الفيصل؛ أدار حراكاً اجتماعياً فريداً، فكان قصره الواقع شمال جدة، مقراً للمجالس الأسبوعية التي تجمع مختلف فئات المجتمع تحت سقف واحد، فتارة يلتقي رجال الثقافة والأدب، وأخرى طلاب العلم ورجال الدين، ومرة كُتاب الرأي وقادة الصحافة، وجلسة يخصصها للقاء رجال الأعمال، ويستضيف في أيام أخر؛ مشايخ القبائل وأعيانها، وفي كل مرة يستمع خلالها لضيوف مجلسه، ويناقشهم حول هموم المنطقة، حتى صارت تلك المجالس التشاورية، المصدر الأهم للقرارات الإيجابية الحاسمة، التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن. وتعد (أسبوعيات المجلس)، حاضنة لاستقبال وإطلاق الأفكار والمقترحات والمشروعات المقدمة من مختلف شرائح المجتمع، كما أنها قناة اتصال تتيح للمواطن شراكة حقيقية وفاعلة في التطوير والبناء، مستكشفة احتياجاته وآراءه وتطلعاته حيال الخدمات والمشروعات التنموية. * إن تطوير عملية إدارة الحجيج، كانت وحدها من المكارم التي تشهد لخالد الفيصل بالفطنة والإدراك، فقد سيّر قطار المشاعر المقدسة، وتابع مشروع قطار الحرمين، وأطلق الحملة الإعلامية: (الحج عبادة وسلوك حضاري)، بهدف تعديل سلوك الحجيج، والحد من المفترشين غير النظاميين. * تولى (أمير الكلمة الشاعرة)؛ ملف سوق عكاظ التاريخي بالطائف، ونقل الفكرة إلى أجواء عربية وعالمية في فترة زمنية قصيرة، تحول موقع السوق في الطائف إلى مزار لمئات الآلاف من محبي التاريخ العربي والشعر الأصيل خلال فترة إقامة السوق سنوياً، وعاد عاشقو الأدب العربي للاستماع لقصائد النابغة الذبياني وامرؤ القيس، من خلال مشاهد عالية الروعة داخل السوق التراثي النادر الذي يعقد سنوياً. * مكرمة أخرى كانت من ابتكارات (الأمير خالد الفيصل)، هي ملتقيات وجمعيات الشباب التنموية والتطوعية، التي من أهمها ملتقى شباب منطقة مكة، وإتاحة مشاركة الشباب بما يخص تنمية المنطقة، إضافة إلى مشروع (اكتفاء) الذي يهتم بدراسة حالات الفقراء والمساكين بالمنطقة، وتحسين وضعهم المعيشي، والعمل على تطوير جمعية مراكز الإحياء التنموية، ودعم الجمعيات الخيرية بالمنطقة. * ومن هذه المكرمات: مشروع تصريف مياه الأمطار والسيول وردم بحيرة المسك؛ وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي للري في جدة، وتفكيك (البيروقراطية) الإدارية، ومعالجة ضياع المسؤولية بين مختلف الأجهزة الحكومية، وكذلك: إنشاء فروع للجامعات بمحافظات المنطقة، وإنشاء مركز الأزمات والكوارث بجدة، وإنشاء مدينة وادي التقنية بالطائف، وكورنيش جدة الجديد، وإيصال الكهرباء إلى نحو (104 قرى)، وتأسيس كرسي علمي لتأصيل منهج الاعتدال والوسطية السعودي في جامعة الملك عبدالعزيز، ومشروع النقل العام في مدينة مكة المكرمة، المشتمل على القطارات والحافلات، وتصحيح أوضاع الجالية البرماوية. * هذه نماذج فقط مما بدأ به (الأمير خالد الفيصل) في منطقة مكة المكرمة في وقت مضى، ومضى فيه، ثم جاء اليوم ليُتمّه. * من بدأ المكارم يا أبا بندر يُتمها، ويزيد عليها، وأنت أهل لكل هذا وفقك الله.