×
محافظة المدينة المنورة

عام / تنظيمية بيئة المدن تعقد اجتماعها التحضيري الحادي عشر

صورة الخبر

ماذا نعني بالعقل المريض؟.. هل هو العقل العاطل عن التفكير جراء ما يرى والذي أصابه الشلل وأصيب بالعمى والذي أصابته الصدمة فلم يعد يسأل وليس لديه جواب عن أي سؤال يطرحه ويطرحه الواقع عليه فأصيب بمرض الخوف والهلع وتراجع عن وظيفته وهي وظيفة التفكير. ولأن العقل هو الطاقة التي قامت من خلالها حضارة الشعوب والمجتمعات وهو الضوء الذي تبنى عليه ومن خلاله القيم الإنسانية من خير وعدالة وحرية يعيش هذا العقل الإنساني اليوم في أزمة حقيقية نتيجة اندلاع الحروب وتفاقم أزمة الفقر والفروقات الاجتماعية ونتيجة غياب العدالة ولذلك يظل هذا العقل في حالة صراع بين سقوط المجتمعات في المجاعة والحروب وارتفاع صوت الرصاص وتراجع صوت العقل نفسه ويظل العلماء والباحثون والمخترعون يبحثون عن كيفية خروج المجتمع الإنساني من أزماته ونكساته واحتقاناته من خلال اختراع الجديد في عالم الطب والتقنية والمعرفة واختراع الحلول التي من شأنها أن تخرج البشرية من مآزقها ومشاكلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. هناك العقل المستريح كما سماه المفكر الراحل عبدالله القصيمي، وهو العقل الذي يعيش في حالة استرخاء والعاطل عن التفكير والذي لا يعنيه ما يدور وما يحصل في هذا العالم والعقل المستريح هو العقل الذي هو في حالة استئناس وتصالح، أما العقل المريض فهو العقل الذي يختزن ثقافة التكفير التي هي ضد وظيفة التفكير المدجج بالأفكار السامة، والذي يكرس مسألة إقصاء الآخر.. ومعاداة كل قيم التجديد والحداثة، والذي يرى أنه هو وحده الذي يملك المعرفة ويحتكر الحقيقة. ومن هنا فإن العقل في معانيه وعناوينه ليس عقلا واحدا هناك ملايين العقول في هذا الكون.. ولكن كل عقل له طريقته في قراءة الأشياء والظواهر وله طرقه في التفكير. ومن هنا فإن العقل كما قلت ليس عقلا واحدا.. انه متعدد متنوع ويتعدد ويتنوع وفق الثقافة واتساع افقها وضيق هذا الأفق أيضا وتنوير وظلامية هذا العقل. إن العقل هو نتاج انعكاس لمكتسبات معرفية واجتماعية، إذ لا يمكن فصل العقل ووظيفته وأدواره ووظيفته عن السياق الاجتماعي الذي ينتمي إليه، ولكن هل تظهر العقول الكبيرة والخلاقة في مجتمعات متواضعة وبسيطة. ما أود التركيز عليه هنا هو العقل المريض.. المعادي.. المحارب.. الظلامي الذي لا يؤمن بقيم التسامح.. المغلق الذي هو ناتج النصوص التقليدية المغلقة، والذي لا يرى العالم إلا من خلال الذات المريضة، عقل وظيفته زراعة الشر فقط.