×
محافظة المنطقة الشرقية

فصل الدين عن المعاملة!

صورة الخبر

المهرجي من أشهر المهن القديمة في جدة، وهي من أقدم الحرف والمهن التقليدية في الجزيرة العربية منذ قرون، والتي أصبحت في الزمن الحديث من الندرة بمكان وعملةً نادرة أيضاً، بفعل تغير الصناعة ودخول الآلات العصرية في عملها، كما أن التغيير لم يقتصر على إنتاجها والتأثير على حرفييها فقط، بل طاول التغيير أيضاً مسماها، ليطلق عليه حديثاً «صانع الأختام»، غير أنها نالت شهرتها أكثر بعد توحيد البلاد قبل ثمانية عقود، وانتشرت بصورة واسعة في الحجاز. وعرف الحجاز قديماً بصناعة «الأمهار» لتوفير أختام الوجهاء والقضاة ورؤساء المحاكم، ورجال الأعمال وكذلك العمد، إذ كانت تستخدم لتوثيق الصكوك والأوراق الرسمية والرسائل المهمة والمتداولة بين الناس، إضافة إلى استخدام البعض لها بسبب عدم إلمامهم بالكتابة والقراءة والتوقيع. يقول المهرجي فواز حامد النهاري إن أصل التسمية يعود إلى كلمة المُهُر، وهو الاسم الذي يطلقه العرب على الختم، فتعارف الناس في المملكة على أن أي قائم بهذه المهنة يسمى «المهرجي»، وهو اللقب الذي يحمل صبغة اللهجة المحلية، كما أن هذه المهنة تحمل معها عبق بدايات التاريخ الإسلامي، حينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستخدم المُهر في معاهداته وكتاباته. ويشير النهاري إلى أن المهنة كادت أن تندثر بسبب الثورة التقنية ونقلات الطباعة والتصوير في الوقت الحاضر، ولكن المهرجانات نجحت في إعادتها إلى الواجهة مرة أخرى في شكل متواضع، إلا أن بعض المصارف والأوقاف الخيرية ما زالت وفية للمهنة وتستخدمها حتى الوقت الحالي، وذلك يعود إلى صعوبة تزويرها. ويضيف: «كانت تستخدم في صناعة الأمهار ملزمة صغيرة من الخشب يثبت عليها النحاس، ثم يعمل المهرجي بحفر الاسم أو الحروف عليها، وتمتاز الأختام بصعوبة تزويرها بفضل النحاس والحديد المصنوعة منهما، فضلاً عن مهارة وقدرة الصانع في التعامل مع الحجر والخشب والنحاس والحديد المتين، ونطالب باحتواء المهنة بإنشاء جمعية تضم الحرفيين والمحافظة عليها من الاندثار». «السياحة»: «الحرف» أتاحت استحضار الماضي «إنساناً» و«مكاناً» < أكدت الهيئة العامة للسياحة والآثار أنها أخذت على عاتقها ربط الماضي العريق بالحاضر، وذلك بإتاحة الفرصة لجيل الأبناء لمعرفة حياة الأجداد عن كثب، عبر مهرجان جدة التاريخية، الذي حرص المنظمون له على استقطاب الماضي إنساناً ومكاناً، وهو ما زاد من حركة السياحة في جدة بنسبة 20 في المئة خلال فترة المهرجان. ويوضح المدير العام للهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة مكة المكرمة محمد العمري لـ «الحياة»، أن مهرجان «جدة التاريخية» يعتبر أول مهرجان من نوعه في مدينة جدة يستحضر الماضي إنساناً ومكاناً، ويضع الزوار في حقبة زمنية مرت بها عروس البحر الأحمر قبل أكثر من نصف قرن، مؤكداً أن الخدمات السياحية المتوافرة في جدة من ناحية التسوق والترفيه والخدمات أسهمت في زيادة حركة السياحة في جدة بنحو 20 في المئة. وقال: «إن المهرجان يحكي قصة مدينة لها أكثر من 3000 عام، جمعت أكثر من 400 ألف زائر في أيام المهرجان، قدموا للتعرف على واحدة من أقدم المدن التجارية في العالم، وذلك من خلال العديد من الفعاليات والأنشطة الترفيهية ومشاهدة أكثر من 20 مهنة وحرفة يدوية كانت سائدة في ذلك الزمان». وبيّن أن المهرجان أسهم في تعزيز مكانة المملكة كمصدر للثقافة والأدب والتاريخ العربي والإسلامي، والمحافظة على المرتكزات التراثية والمقتنيات الحضارية، والإسهام في ربط الماضي بالحاضر. وأشار إلى أن جناح البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية «بارع» اهتم بتطوير الصناعات اليدوية والحرفية، من خلال استقطابها في المهرجانات، إضافة إلى إتاحة الفرصة للحرفيات والحرفيين لإبراز قدراتهم وتميزهم.