×
محافظة المنطقة الشرقية

الصفا ينتزع درع صغار أم الألعاب

صورة الخبر

عقدت أخيراً في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، ندوة «طباعة القرآن الكريم بين الواقع والمأمول»، نوقش خلالها 58 بحثاً، غطت محاور عدة. قدّم عبد الله بن عبد الرحمن الخطيب بحثاً حول «تاريخ طباعة القرآن الكريم في أوروبا حتى منتصف القرن التاسع عشر»، جاء فيه أن الأوروبيين سبقوا الشرقيين في هذا المضمار عبر مسارين، أولهما طباعة القرآن كاملاً وحده أو مترجماً، وثانياً طباعة القرآن غير كامل. وقدم ميخائيلو يعقوبوفيتش بحثاً في الموضوع نفسه لإبراز بعض التوجهات التاريخية والحديثة تجاه هذه المسألة، مع دراسة أصول هذه النصوص لجهة الدقة وإعدادات الطباعة وغير ذلك. وتناول أنور محمود زناتي «تاريخ طباعة القرآن الكريم لدى المستشرقين»، فرصد طبعاتهم الأولى، ووصفها، وقدَّم صوراً عنها، وكيفية ضبطها، والأصول التي اعتمدت عليها، وأكد الباحث أن محاولات تشويه طباعة القرآن الكريم لم تنجح، وهذا يدل بجلاء على أن الله سبحانه هيأ لكتابه كل أسباب الحفظ والصون. وشارك يوسف ذنون عبد الله ببحث عنوانه «أضواء على المصاحف المطبوعة في أوروبا في المكتبة التراثية في الدوحة»، وتناولت آمال رمضان طباعة المصحف الشريف في مصر. وألقت الباحثة أضواءً كاشفة على الدور الريادي لمصر في طباعة القرآن الكريم ونشره في مختلف بقاع العالم، الى جانب التعريف بالنظم الرسمية لطباعة المصحف، والعقوبات المقررة على المخالفين، ودور لجان مراجعة المصحف وتصحيح طباعته وجهود الأزهر في ذلك. وتطرقت سماح عبد المنعم السلاوي إلى الموضوع نفسه مع التركيز على عهد محمد علي باشا وأسرته، منذ إنشاء مطبعة بولاق، وموقف علماء الأزهر من فكرة طباعة كلام الله في ظل بدائية الطباعة آنذاك وكثرة الأخطاء؛ ما أدى إلى منع تداول المحاولات الأولى لطباعة القرآن في مصر، حتى شكَّل الملك فؤاد الأول لجنة من كبار المختصين الذين عكفوا على مراجعة المصحف الذي خطّه الخطاط الملكي جعفر بك وصدرت أول نسخه عام 1942. ومع ولاية الملك فاروق، أولى المصحف الشريف عنايته فصحّح بعض الهنات البسيطة في الطبعة السابقة، وصدر المصحف الأميري الذي يعتبر المصحف القياسي، أو أصح الطباعات في مصر. وشارك كاتب هذه السطور ببحث عنوانه «الشمرلي تاريخ عريق في طباعة القرآن الكريم». يقوِّم البحث جهود مؤسسة رائدة في طباعة المصحف الشريف، وكان لها الشرف في النهوض بهذه المهمة الجليلة، ألا وهي مؤسسة الشمرلي. وتناول محمد إدريس عبدو موضوع «عناية المغاربة بطباعة القرآن الكريم ونشره»، مؤكداً أن المغاربة اعتنوا بكتابة المصحف منذ دخول الإسلام المغرب حتى عصر الطباعة، مع إبراز عناية ملوك المغرب بكتابة المصحف ونشره منذ الجهود التي بذلها ملوك الدولة العلوية، كما ألقى أضواء كاشفة على أهم الطبعات التي اعتنى بها المغاربة، بخاصة مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف المسمى بالمصحف المحمدي، مع الاعتناء بالجوانب الفنية والعلمية لهذه الطبعة من القرآن الكريم. وحمل بحث حسن إدريس عزوزي عنوان «تاريخ طباعة القرآن الكريم في المغرب»، ورصد ثلاث مراحل لتطور طباعة المصحف الشريف في المغرب وهي مرحلة البدايات، واقتصرت على استعمال الطباعة الحجرية على رغم صعوبتها. والمرحلة الثانية هي مرحلة التطور، وبرزت خلالها جهود المغرب في طبع المصاحف برواية ورش وباعتماد الخط المبسوط، ثم تأتي مرحلة النضج، وتميزت بإحداث مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف. وتناول أحمد محمد السعيدي موضوع «طباعة القرآن الكريم في المملكة المغربية» في الفترة بين 1879 و2011، وفصَّل البحث في تاريخ طباعة القرآن الكريم في المغرب من حيث الجهود الأولية والمحاولات التي سبقت في طباعة القرآن الكريم، ثم قدَّم البحث لائحة ببليوغرافية في هذا الموضوع، وبعض الملحوظات المنهجية والفنية. ومن خلال البحث، يتضح اطراد جهود المغاربة في طبع القرآن الكريم تعبيراً عن تشبّثهم بشريعة الإسلام السمحة، وتطلّعهم الدائم الى خدمة كتاب الله العزيز، الى جانب استفادة المصاحف المغربية من تطور تكنولوجيا الطباعة وحركة انبعاث الخط المغربي والزخرفة، إضافة إلى تشابه حالة المغرب مع بلدان العالم الإسلامي بخصوص التأخر في طبع المصاحف، وتمكنه من تجاوز ذلك العائق. كما كشف الباحث اللثام عن التعاون بين المغرب والمشرق في إنتاج المصاحف الذي يبرز انفتاح المغاربة على جهود غيرهم، واستفادتهم منها في تطوير قدراتهم الذاتية. وقدمت رضوى إبراهيم لخشين بحثاً حول «طباعة المصحف الشريف في الجزائر»، متضمناً نشاط المطبعة الثعالبية ودورها المبكر في طباعة المصحف الشريف منذ 1911، كما أصدرت المطبعة الثعالبية مصحفاً بقراءة ورش بين عامي 1924 و1971. وعرض البحث جهود المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية التى أنشئت عام 1983، وأصدرت أربع طبعات من المصحف مختلفة الأشكال والأحجام. وتطرق عبد الهادي لعقاب إلى الموضوع نفسه، وعلى رغم تشابه البحثين في العنوان، إلا أن كلاهما يكمل الآخر في إعطاء صورة واضحة عن الجهود الجزائرية لطباعة المصحف الشريف. وقدم محمد أحمد سالم أحمدو بحثاً عن «تاريخ طباعة القرآن الكريم في موريتانيا»، أوضح من خلاله أن المصحف لم يطبع في موريتانيا حتى عام 2012، ووصف أهم ملامح المصحف الموريتاني برواية ورش، وتلتزم هذه الطبعة في الرسم والضبط والتجزئة والسجود وعدد الآي والوقف ما جرى به العمل لدى الشناقطة، وقد خط بالخط الشنقيطي المبسوط، وحُلي بزخارف مستوحاة من الفن الموريتاني القديم والزخرفة الإسلامية. ونوقش كذلك بحث عن تاريخ طباعة القرآن الكريم ونشره في باكستان لمحمد أكرم، أشار فيه إلى مراكز الطباعة في دولة باكستان وهي لاهور، وبيشاور، وكراتشي، وتحدث عن تاريخ طباعة المصحف في باكستان، وجهود وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وما وضعته من ضوابط لتنظيم هذه المهمة الدقيقة، ثم أشار البحث إلى المطابع المشهورة في باكستان، وعرَّف بمصحف جمعية حمايةالإسلام، وتحدث عن مصاحف التجويد وأنواعها. وتناول الموضوع نفسه أبو طلحة محمد يونس الكشميري، وركز على أشهر الشركات التي عملت في مجال طباعة المصحف الشريف، كما قدم فكرة عن نشأة الطباعة في شبه القارة الهندية وتطورها. وتناول الشيخ صاحب عالم قمر الزمان «تاريخ طباعة المصحف الشريف في الهند» سواء من جانب الأوروبيين أم المسلمين المحليين، وأبرز إسهامات المطابع الحكومية والأهلية في طباعة المصحف الشريف خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وناقش المؤتمر بحث محمد نصير خان ثاقب، «طباعة القرآن الكريم في شبه القارة الهندية... تاريخ ونماذج»، وقدم أبو بكر زكريا بحثاً في موضوع طباعة القرآن الكريم في البنغال. ومما سبق، يتّضح اتساع الرقعة الجغرافية التي غطتها بحوث محور طباعة القرآن، والتي امتدت من البنغال شرقاً وحتى المحيط الأطلسي غرباً، مصداقاً لما وعد به الله عز وجل من حفظ كتابه ليكون للناس بشيراً ونذيراً. * كاتب مصري