هذا الكتاب الذي يحمل عنوانًا «فلسطين تتحدث - قصص عن الحياة تحت الاحتلال» لمؤلفيه الناشطين في مجال حقوق الإنسان كاتي مالك وماتيو هوك عبارة عن مجموعة من المقابلات التي أجراها مع مواطنين فلسطينيين عاديين. أهمية هذا الكتاب الصادر في ديسمبرالعام الماضي (2014) عن مؤسسة «صوت الشاهد» أنه يعتبر مصدر قوي لأولئك الذين يبحثون عن فهم أعمق وأشمل للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني المستعصي على الحل من خلال إلقاء الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني. شهادة تعبر عن المأساة رغم أن احتلال إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة على مدى أربعة عقود يعتبر أحد أكثر الموضوعات تداولاً في وسائل الإعلام العالمية، إلا أن القليلين فقط على علم بانتهاك حقوق الإنسان الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين تحت ظل هذا الاحتلال. هذا الكتاب يستمد مادته من لقاءات أجراها المؤلف مع أشخاص فلسطينيين من فئات مختلفة، رجالاً ونساء بما في ذلك أحد الصيادين، وأحد مسؤولي التسوية، وعداء ماراثون، وغيرهم، يصفون بعفويتهم كيف تشكلت حياتهم بسبب الأزمة التاريخية التي تعرضت لها بلادهم. من هذه النماذج - عبير: صحفية شابة من مدينة غزة بدأت مهنتها في الصحافة من خلال تغطيتها الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، وابتسام شابة فلسطينية أخرى من الضفة الغربية تعمل مديرة مركز أطفال لتعدد الأديان (أي يضم أطفالاً مسلمين ومسيحيين ويهود)، لكن حلمها يتعثر بسبب إغلاق الحدود، غسان : فلسطيني مسيحي ناشط من بيت لحم ويعمل أستاذ فيزياء، شارك في تأسيس حركة التضامن العالمية. المعاناة عند الجدار يقول المؤلفان في المقدمة تحت عنوان «بيننا عيش وملح» إن الدخول إلى الضفة الغربية يحتاج إلى اجتياز العديد من الحواجز، وعلى سبيل المثال فإن الانتقال من مدينة القدس إلى مدينة بيت لحم القريبة جدًا، يعني ضرورة الالتزام باتباع طريق شاق عبر جدار أسمنتي بارتفاع 26 قدما (جدار الفصل) للوصول إلى هذه المدينة التي تتراءى لك من القدس عبر الأفق. وإذا أردت التوجه إلى بيت لحم سيرًا على الأقدام، فإنه سيتعين عليك المرور على مركز أمني يسمى «نقطة تفتيش - 300»، وهو أحد مناطق العبور التي تمتد عبر 440 ميل في الضفة الغربية. مثال للمعاناة يقول المؤلفان إنه خلال رحلتهما إلى غزة عام 2013 قابلا أحد صيادي الأسماك في القطاع مرتين في مارينا حيث ترسو مراكب الصيادين. هذا الصياد يدعى جمال بكر، وهو بالمناسبة لم يكن يصطاد، وإنما كان يكتفي بمراقبة الزوارق الأخرى المزودة بشبكات صيد باهظة الثمن، والتي يشغلها أناس يتقاضون أجورًا عالية، والذين غالبًا ما تكون حصيلتهم من سمك السردين الذي يكثر في المناطق القريبة من الشاطئ، وهي المناطق المسموح بها للصيد من قبل إسرائيل. ويستطرد المؤلفان بأن هناك ما يربو على 4000 صياد في غزة يعتمدون على الصيد من خلال الوصول إلى المياه المفتوحة في البحر الأبيض المتوسط من أجل كسب قوت عيشهم. لكن المدى المسموح لهم بالصيد فيه تراجع عدة مرات خلال السنوات الماضية، فاتفاق أوسلو 1993 سمح لأولئك الصيادين بالدخول إلى البحر حتى مسافة 20 ميلا بحريا، وهي المسافة التي تتيح لهم صيد أسراب الأسماك الكبيرة. مع الانتفاضة الثانية عام 2000 انخفض هذا المدى إلى 12 ميلا بحريا، ثم أصبح 6 أميال فقط بعد الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع عام 2007. المؤلفان: عملا معًا لأول مرة في العام 2001 عندما كانا يدرسان الصحافة في جامعة كلورادو - بولدر حيث أظهرا اهتمامًا واضحًا بصحافة حقوق الإنسان من خلال مشروع أمضيا فيه ثمانية أشهر بحثا فيه ظاهرة الهجرة غير الشرعية للمكسيكان وظروف حياتهم اليومية. كاتي تقيم في الوقت الراهن في الضفة الغربية تعلمت الإنجليزية والكتابة، وقد عملت في السابق كصحفية وحازت على العديد من جوائز مؤسسة كلورادو للصحافة، أما ماتيو فيحمل درجة الماجستير من جامعة كاليفورنيا - بيركلي، حيث تخرج من مدرسة الصحافة، إضافة إلى عمله في الشرق الأوسط، وحاز هو الآخر على العديد من جوائز الصحافة منها جائزة مؤسسة نادي الصحافة عبر البحار، ومؤسسة الفرسان. المزيد من الصور :