×
محافظة المدينة المنورة

واجهنا حـر «مكة» بالشراشف المبـلولة .. وتوقفت عن صيام الزير في التاسعة

صورة الخبر

تأسف أمين عام المجلس الشرعي الأعلى في لبنان الشيخ الدكتور خلدون عريمط لأن شهر الخير يطل هذا العام وأمتنا العربية والإسلامية تعيش مؤشرات فتنة عمياء يغذي أجواؤها ومؤشراتها أعداء الإسلام والمسلمين. ورأى في حوار خاص مع «عكاظ» أن الاعتدال في التعامل مع الناس والوسطية في فهم العقيدة الإسلامية هي إحدى الوسائل لنهوض الأمة وانتصارها على التخلف والفرقة والجهل الذي استغله الأعداء لاحتلال بيت المقدس والعديد من بلاد المسلمين. فتنة عمياء * شهر رمضان جاء هذا العام وسط فتنة عمياء، غايتها تمزيق الأمة الإسلامية. كيف يمكن لأن يكون الشهر الكريم مناسبة لجمع الصف؟. رمضان شهر الرحمة والإحسان، شهر القرآن الكريم، شهر انتصارات المسلمين ووحدة المسلمين لقوله تعالى (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون)، ومن المؤسف والمؤلم أن شهر الخير يطل علينا وأمتنا العربية والإسلامية تعيش مؤشرات فتنة عمياء يغذي أجواؤها ومؤشراتها أعداء الإسلام وتحرك الفتنة عصبية فارسية تغطي مشروعها التوسعي بغطاء مذهبي بشعارات تعود إلى عصور خلت عاشت فيها الأمة مرحلة من الآلام والتمزق والانقسام، في ذلك الحين كان صراعا على السلطة بغطاء ديني، وتعود الصفحة من جديد بأهداف توسعية وبغطاء مذهبي وبحجة محور المقاومة لتحرير بيت المقدس من العدو الصهيوني، والسؤال الذي يجب أن يطرح في هذا الشهر الكريم: هل تحرير فلسطين من العدو الصهيوني يمر من البحرين؟ ومن العراق؟ ومن سورية؟ ومن المدن اللبنانية؟. وحدة المسلمين هي واجب شرعي وضرورة وطنية وعربية وإسلامية لكن على الفريق الذي يدعي الدعوة إلى وحدة المسلمين وأعني به المشروع الإيراني أن يكون صادقا بهذه الدعوة وأن يكون مخلصا لمبادئ الإسلام وأن لا يمارس العنصرية والعصبية وأن يضع حدا لهذا الجنوح في تشويه ثقافة الأمة الإسلامية التي هي نتاج 1400 عام من الانتصارات والحضارات والانتشار، وبعض الإخفاقات التي حدثت وتحدث لكل أمة أو مشروع ينتصر ويتوسع ويمتد ويخفق في بعض الأحيان. إن أمة العرب هي أمة القرآن الكريم، وأمة الدعوة، منها انطلق الإسلام وفيها ولد نبي الإسلام، وإلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة يتجه المسلمون بصلاتهم وتقربهم إلى الله، فلا يمكن لأي مشروع أن يغير ثقافة الأمة وعقيدتها، وليكن شهر رمضان المبارك شهر لتقوى الله ومراجعة الذات لتبيان أين الخطأ وأين الصواب وليكن الشهر الكريم شهر العودة إلى التضامن والتراجع عن الخطيئة والخطأ الذي يمارسه النظام الحاكم في إيران انطلاقا من قوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا». ضد الغلو * نزل القرآن الكريم في شهر رمضان على عدد من الغايات والأهداف، منها تأكيد وحدة الأمة والامتناع عن الغلو كيف يمكننا تحقيق الغايات في ظل الظروف التي يمر بها العالم الإسلامي؟. شهر رمضان شهر القرآن الكريم، أي أنه شهر الإنسان المسلم المستقيم، والقرآن حدد الخطوط العريضة لغايات وأهداف ودور الإنسان المسلم الذي أراده الله تعالى أن يكون رحمة للناس لقوله تعالى للرسول محمد عليه الصلاة والسلام (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وحتما فإن الرحمة تعني أن يقدم الإنسان الخير والهداية والنصح لكل إنسان، ولكي تكتمل الصورة الإيمانية والحضارية فتماسك الأمة ووحدتها تعاونها هي إحدى الأهداف والغايات التي جاء بها الإسلام، والامتناع عن الغلو والتطرف والتعصب هي الأساس لاستمرار مشروع التعارف والتراحم الذي دعا إليه الإسلام. إذن فالاعتدال في التعامل مع الناس والوسطية في فهم العقيدية الإسلامية هي إحدى الوسائل لنهوض الأمة ووحدتها وانتصارها على التخلف والفرقة والجهل الذي استغله الأعداء لاحتلال بيت المقدس والعديد من بلاد أرض العرب و الإسلام. أوهام السيطرة * هناك فرقة واختلاف على مستوى الفرد كما على مستوى الأمة الإسلامية. بماذا تتوجهون للفرد المسلم وللقيادات الإسلامية من أجل الوحدة والتلاحم؟. صحيح أن الفرقة والاختلاف تسود ويسود الأفراد والجماعات في أمتنا وهذا سبب أساسي من أسباب تداعي القوى الكبرى للاستفادة من التفرق واستغلال الاختلاف، وما يحدث في فلسطين والعراق وسورية ولبنان وبعض البلدان العربية شاهد على آثار الفرقة وتداعيات الاختلاف بين القيادات، ولا يمكن للأمة الإسلامية أن تعود إلى دورها وريادتها إلا بعودة الوعي إليها ونشر ثقافة التراحم والتعاون بين أبنائها ووضع حد لأوهام القوة وأحلام السيطرة التي تعشعش في نفوس بعض الذين يتوهمون بأنهم يقودون ثورة إسلامية لتصحيح مسار التاريخ والإسلام حتى ثقافة وتاريخ الأمة. فالعودة إلى الالتزام بكتاب الله وبما جاء به رسول الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام هو الأساس للفرد وللقيادات لنعود كما أرادنا الله خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، وهذا لا يمكن أن يطبق إلا بالخروج من كهوف العصبيات العرقية والغلو والتحجر فاختلاف الفقهاء رحمة ولم يكن يوما من الأيام نقمة والمهم أن تكون آراء المذاهب مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وهو الخلاص الوحيد في سبيل وحدة الأمة وتلاحمها وهجرة الفرقة والاختلاف المتعارضة مع رسالة الإسلام التي جاءت لخير الناس في الدنيا والآخرة. تقاطع المصالح * في الفهم الصحيح للقرآن الكريم ينتشر الإسلام ويحقق المسلمون ما يصبون إليه. من المسؤول برأيكم عن تشويه واقع الأمة الإسلامية؟. من المؤسف والمؤلم في آن، أن واقع الأمة الإسلامية الآن مشوه، وهذا التشويه يشترك فيه أعداء المسلمين وبعض الفرق التي تريد أن تنسف تاريخ المسلمين ماضيا وحاضرا ومستقبلا، فأعداء المسلمين تتقاطع مصالحهم مع بعض المجموعات وبعض الدول الطامحة لتحقيق أحلامها العرقية والقومية بغطاء الثورة الإسلامية وكل هذا وذاك يعمل على تشويه واقع الأمة الإسلامية وتطلعاتها ودورها في تكريم بني الإنسان. تصحيح المسار * كيف نعيد لشهر رمضان مفاهيمه الصحيحة وروحانيته وكيف يمكن للمسلم أن يستفيد على مستوى السلوك العام في المجتمع؟. شهر رمضان المبارك هو شهر تربية النفس، وتصحيح مسارها وتجديد الالتزام بروح الإسلام قولا وفعلا حيث يتسابق فيه المسلمون على قراءة القرآن الكريم والالتزام بمبادئ الإسلام وأركانه والبعد عن كل ما يؤذي الناس أيا كانوا ولأي جهة انتموا لقوله عليه الصلاة والسلام: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده»، وشهر رمضان المبارك الذي يأتي كل عام هو مدرسة إيمانية سلوكية يستفيد منها الإنسان المسلم لينعكس على سلوكه في المجتمع الذي يعيش فيه أو يتواصل معه، وشهر رمضان هو الشهر الذي يجدد فيه المسلم عهده مع الله للالتزام بما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ليكون هذا الفرد المسلم فردا صالحا مستقيما يفخر به رسول الله عليه الصلاة والسلام لأنه تخرج في نهاية الشهر من مدرسة الإسلام بأسمى آيات التراحم ليكون هذا الشهر المبارك شهر المغفرة والالتزام وشهر الرحمة من الله والعتق من النار. المراجع العلمية * كيف ترون دور المراجع العلمية والشرعية في الشهر الكريم في وقت كثرت فيه الفضائيات ووسائل التواصل؟. هذه المراجع هي المسؤولة أمام الله تعالى لأن يبينوا للناس رسالة الإسلام، رسالة الالتزام والخير والإحسان وعبادة الله الواحد والنظرة إلى بني البشر بأنهم جميعا عباد لله، ومن حقهم على هذه المراجع أن تسعى إليهم بكل الوسائل لإرشادهم وهدايتهم والتواصل معهم ليعرفوا حقيقة الإسلام أنه دين التوحيد لا الإشراك ودين السلام لا التطرف ودين الوحدة لا الفرقة ودين الرحمة لا الانتقام ودين الأخلاق لا الفساد، ودين البناء لا الخراب، ودين حياة الإنسان لا قتل الإنسان، ودين الكمال الإنساني، دين الإنسان الذي أراده الله تعالى أن يكون خليفة في ملكوت الله. ودور المراجع العلمية والشرعية ليس محصورا في هذا الشهر المبارك وإنما هو واجب عليهم وعلى كل مسلم ومسلمة في كل الأيام والأسابيع والشهور منذ بداية التكليف لشرعي إلى نهاية عمر كل مسلم ومسلمة في هذه الحياة.