×
محافظة مكة المكرمة

مرور الطائف يعلن إغلاق طريق جبل "كرا الهدا".. غداً

صورة الخبر

قصة وفاء ورفقة شارفت على خمسة عقود من الزمن، يرويها الفريق عبيد بن غثيث العنزي نائب قائد الحرس الملكي سابقاً، الحارس الشخصي الذي رافق الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله- في كافة مراحل حياته، بداية من الوقت الذي كان فيه رئيسا للحرس الوطني آنذاك، مرورا بعدة مراحل، آخرها توليه مقاليد الحكم عام 2005 للميلاد، وكان الفريق عبيد العنزي مسؤولا عن حماية الملك، وأمن القصور والمواكب والضيوف. التقت «اليوم» بالفريق متقاعد عبيد غثيث العنزي، وتحدث عن بداية عمله في الحرس الوطني عندما كانت رئاسة وهو ابن الثامنة عشرة من عمره، وعاصر خلال تلك الفترة تطورات الحرس الوطني حتى أصبح وزارة في عهد الملك عبدالله، وتطرق إلى بعض تفاصيل الملك الراحل فيما يخص الأعمال الإنسانية التي كان يقوم بها. كما تحدث عن مرافقته للملك الراحل طوال تلك الفترة، وغالبته دموعه وهو يتذكر مواقف الملك الإنسانية، وبعض الأحيان كان يتوقف عن الحديث ليمسح دموعاً ذرفتها عيناه عند سرده لقصة أو موقف إنساني كان شاهداً عليه عند مرافقته له في كثير من الأماكن. وفي الزيارة الشهيرة غير الرسمية التي قام بها الملك عبدالله لأحياء وسط الرياض الفقيرة، قال العنزي: كانت تلك الزيارة مفاجئة لنا جميعاً، حيث لم يُرتب لها في السابق، وإنما كانت بطلب مباشر من الملك عبدالله، كما أمر في حينه أن لا يرافقنا أي من رجال الأمن، حيث أراد بذلك لقاء المواطنين والحديث معهم مباشرة. وأضاف: كان رحمه الله ينزعج بشدة إذا علم أن هناك أحدا محتاجا في بلاده، وكان يتحدث بعد زيارته لوسط الرياض، بأن هناك عوائل في المملكة تعيش بمثل هذا المستوى المتدني، لذا شكل لجانا لتطلع على أحوال الناس في كافة المناطق المختلفة، وأمرها بمساعدة جميع المحتاجين. وبين أن الملك رحمه الله إذا سمع أن هُناك عائلة محتاجة فإنه في كثير من الأحيان كان يذهب بالخفاء للوقوف على أوضاع بعض الأسر سواء في الرياض أو جدة، وكان يقول ان المحتاجين في شمال المملكة وجنوبها شرقها وغربها يحتاجون إلى تحسين أوضاعهم بشكل عام. ولفت إلى أن الملك عبدالله لم يغفل رحمه الله عن أوضاع القبائل النازحة في الشمال، حيث طلب من الملك خالد آنذاك أن يُنظر في وضعهم، وكان يردد: «هؤلاء منا وفينا، ذهبوا للشمال وعادوا إلى ديارهم»، وأمر ببطاقات أحوال لهم، إضافة إلى اهتمامه بالقبائل الأخرى، فكان يسعى كثيراً في اعتاق رقاب الناس، حتى لو تطلب ذلك أن يدفع من جيبه الخاص. ويروي الفريق متقاعد ابن غثيث العنزي، بعضاً من مواقف الملك عبدالله– رحمه الله– التي حدثت في الآونة الأخيرة، خاصة مع أصحاب الدم، وقال: أتذكر موقفاً مر بنا في طريق عودته من العمل في جدة، حيث فوجئ برجل كبير بالسن، وبيده ورقة، وأمر بالرجوع إلى ذلك الرجل وتفقد أحواله، وماذا يريد، فرجعنا إليه، فسأله الملك عن حاجته. وأضاف: قال الرجل المُسن، لدي أغنام وسرقت، فرد عليه الملك أبشر بالخير، فأمر حينها بمبلغ مالي كبير لذلك الرجل، وأمرني شخصياً بأن أرجعه إلى منزله الواقع في منطقة «مجيرمة» جنوب جدة، حيث استغرقت عملية البحث عن منزله من الظهر وحتى أوقات متأخرة من الليل، كونه رجلا طاعنا في السن، ولا يتذكر موقع منزله. وفي شهر رمضان، يذكر ابن غثيث، أن الملك- رحمه الله– كان يفطر غالبية أيام صومه مع الناس البسطاء والمحتاجة، وبعد إفطار رمضان كانوا يتقدمون له بطلب قضاء حاجياتهم، فلم يكن يتأنى عن ذلك، وكان يأمر بشكل مباشر وعاجل بحل مشاكلهم والوقوف على أوضاعهم، وإجابة كافة طلباتهم. أما في الأيام الأخرى، فكان يأتي المواطنون اليه في كل يوم ثلاثاء من كافة مناطق المملكة، وكان– رحمه الله– يقيم وجبة عشاء ويتناول معهم تلك الوجبة، وكان يستأنس بكبار السن، ويأمر بقضاء حوائجهم، حتى ان البعض منهم يجلس بجانبه ويقول: «يا عبدالله خلص لي شغلي»، ويرد عليهم مبتسماً بكلمة «أبشروا». وترجع الذاكرة بالعنزي، ويتحدث عن سر كلمة «صبر أيوب»، التي كان يقولها له الملك عبدالله، فقال: كان –رحمه الله– يلاطفني بالحديث لدماثة خُلقه، ويقول لي أنت الوحيد يا عبيد لقد صبرت علي صبر أيوب، نظير تجاوبي الفوري مع أي طلب يأمر به في أي وقت طيلة فترة خدمتي له التي تشرفت بها. وذات مرة حضرت مجموعة من الرجال في قصره من أهل الدم، فطلب منهم العفو والتنازل عن قاتل ابنهم، فرد عليه أبو المقتول بالقبول لشفاعة الملك فنزلت دمعة الملك الغالية، وأغُمي على أبي القاتل، فكان لا يتحمل أي منظر إنساني، ويتأثر عدة مرات في كذا موقف، منها ماحصل مع بنت شهيد الواجب في القصيم عندما ذرفت عيناه. وعن رجال الحرس الوطني، يبين ابن غثيث أن الملك الراحل كان دائماً ما يقول عنهم إنهم رجال مخلصون، وكان يجتمع بمجموعة من القادة منهم كل يوم اثنين، يتناول وجبة الغداء معهم، ويطلع على أحوال الحرس الوطني كافة، مبيناً أنه لم يدخر أي شيء عن الحرس ورجاله. وبعد توليه مقاليد الحكم، بين ابن غثيث العنزي، أنه قبل وبعد تعيينه، لم يكن همه غير الشعب السعودي، وكان يحرص كل الحرص على الاهتمام بالكبير قبل الصغير، كذلك ذوو الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى الأرامل والمطلقات، وقضايا الحق العام، وكان يطلب كثيراً من وزارة الداخلية معاقبة المخطئين، وعمل على حل كثير من القضايا التي وقع بها ظلم. وفيما يخص حياته الخاصة، يبين ابن غثيث أن الملك الراحل كان يخصص جزءا من وقته وبعد رجوعه من عمله في زيارة كافة أفراد أسرته، فكان يجلس مع كل بيت وقتا ثم يذهب إلى الآخر، إضافة إلى تخصيص جزء من زياراته لأخواته ضمن جدول زياراته العائلية. أيضاً بين خلال حديثه، حرصه– رحمه الله– على رعايته وتفقده جميع أفراد عائلته، مبيناً أن أبواب القصر كانت تقفل عند الساعة 11 مساءً، ويمنع الدخول بعد ذلك الوقت، إضافة إلى تكليفه بمتابعة بعض أفراد أسرته في القصر بحسب توجيهاته وحرصه عليهم. وترجع الذاكرة بابن غثيث، لعام 1378هـ، إلى تعليمه في مدارس العشائر في الشمال، ومن ثم حصوله على الشهادة الثانوية، بعد ذلك دخوله الحرس الوطني وعمره 18 سنة، برتبة جندي، ثم تم ابتعاثه إلى أمريكا لمدة عام ونصف العام للدراسات العسكرية، كان منها ستة أشهر لتعلم اللغة الإنجليزية. عاد بعد ذلك ليتم ترقيته إلى «مرشح» وهو بمثابة «رئيس رقباء» في الوقت الراهن، بعدها تم توزيع خريجي تلك الدفعة في المناطق، كان نصيبه منها جازان لمدة ستة أشهر، ليعود إلى الرياض ويدرس في مدارس الحرس الوطني الواقعة في أم الحمام، عام 1388هـ. بعد ذلك كُلف للعمل في جدة لمدة ثماني سنوات متتالية، ليعود مرة أخرى إلى الرياض، وكان آنذاك بداية عهد تطوير الحرس الوطني من مشاة إلى آلي، وتم تعيينه في الوحدات الآلية عام 1396هـ، كقائد وحدة المدرعات، ثم ما لبث أن بدأ التطوير على أيدي خبراء ومستشارين أمريكيين. وقال ابن غثيث العنزي: جلست مع الأمير بدر بن عبدالعزيز وعبدالعزيز التويجري- رحمهما الله– في جلسة خاصة، بعدما سمعا الجهود التي كنت أبذلها في الحرس، واطلعا على ملفي، وعلما أنني ضابط مُخلص في العمل وقالا لي إن رئيس الحرس طلب حارسا ومرافقا له، وتم اختيارك أنت لهذه المهمة، ووافقت من حينها، وقلت سمعاً وطاعة. وبعد رحلة استمرت نحو 45 عاماً مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز– رحمه الله– يوضح الفريق عبيد بن غثيث العنزي، سر تقاعده، فقال: «بعد تلك الخدمة التي تشرفت بها في خدمة والدنا، لم يكن لدي خيار بعدما بلغ بي العمر عتيا إلا التقاعد، خوفاً من أي تقصير قد يلم بي». وأضاف: «رفض– رحمه الله– جميع طلبات التقاعد التي قدمتها، حتى إن بعضا من أولاده أصابهم الحزن بخصوص موضوع التقاعد، إلا أنه في النهاية وافق على مضض، رغم عدم رغبتي بذلك، إلا أن الخوف من التقصير في عملي كان العامل المساعد على تقديم طلب الاعفاء». الملك الراحل يقلد رتبة فريق للعنزي بعد تعيينه مساعداً لقائد الحرس الملكي الملك عبدالله «يرحمه الله» عند نزوله من سلم الطائرة ويظهر الفريق عبيد بن غثيث الفريق ابن غثيث خلال حديثه للزميل خلف الخميسي