سأبتدئ اليوم من حيث انتهت أسئلة الزميل العزيز، حسن الحارثي وهو يقرأ الرقم الهلامي الذي استطاع حساب إبراء الذمة البنكي أن يحصده في سنوات سبع: مجرد 251 مليون ريال ولكم أن تقسموه على سبعة لتعرفوا (فراطة) إبراء الذمم في العام الواحد. قرأت الرقم وعدد السنين ثم قلبته على كل الأوجه كي أصل لمكمن الخلل الذي جعل كعكة الفساد بالمليارات ثم نكتشف أن براءة الذمة لا تصل إلا لما يقرب من 30 مليوناً في العام الواحد. عرفت أن لب المشكلة يكمن في الأماكن التي وضعنا فيها هذا الحساب البنكي لإبراء الذمة. دعونا نجرب أن نضع صندوقاً مقفلاً لهذا الحساب على بوابات مقابر النسيم بالرياض أو الشرف في أبها أو رويس جدة، وللإخوة الفضلاء من الكرام أن يزودونا بأسماء بقية المقابر في مدنهم المختلفة. دعونا نعمم فكرة صندوق إبراء الذمم بجوار (محاريب) المساجد التي اشتهرت بالجنائز: مساجد الراجحي في الرياض وأبها وللإخوة القراء أن يزودونا أيضاً بأسماء المساجد التي اشتهرت بالصلاة على الميت في مدنهم المختلفة. تقول معلوماتي غير المؤكدة إن ثلث المبلغ المرصود لإبراء الذمم في سبع سنوات جاء من (شيكين) اثنين وإن ثلثي المبلغ برمته جاء من آلاف (الفراطات) الصغيرة التي يرميها آلاف الموظفين النزهاء تكفيراً عن غياب لدوام أو توبة من انتدابات وهمية. دعونا نفكر في حلول الصندوق على (المقبرة) أو بجوار محراب الجنازة لتعرف آلاف (المليارات) كيف أكلت هذه الأموال (بالحرام) ثم تذهب عارية، إلا من الكفن في الرحلة الأخيرة ثم يتحول الحرام، إلى (حلال) مكتمل الأركان لدى الورثة: دعوهم يقرؤون يوم الرحيل تراتيل القبر والمقبرة ثم يعرفون الحقيقة أن (وارثاً) واحداً لم يقف على قبر أبيه يوم الرحيل لساعة مكتملة. تخيلوا، وأستغفر الله عز وجل في علاه من هذا الخيال، لو أن لدينا بنكا يفتح منتصف المساء الدامس في قلب كل مقبرة: بنكا يذهب إليه الأموات، حين تقاعس الأحياء: كم ستكون الحصيلة!!