ضج الوطن حزنا على رحيل ملك حكم شعبه بحب وعطاء، وساد الحزن بغيمته على كل من لمس طيبة قلب الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. رحم الله ملكا حكم المملكة العربية السعودية فنشرها عدلا ورخاء وحكمة، رحم الله ملكا خاطب القلوب ثم العقول، رحم الله ملكا أدخل الفرح والسرور إلى كل دار، رحم الله ملكا أعز وطنه وساده بحب وحنكة وتدبير. وبين سحابة الحزن على الرحيل وبوادر الأمل القادم والتي لاحت في الأفق جاءت تباشير الفرح مهللة، فحنكة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هي أمر عرف عنه وصفة لازمته حفظه الله ورعاه، وما إن غدت سبع ليال إلا وأتت الأوامر الملكية السامية التي كان لها وقع مميز على أفراد الشعب. أن نحظى بملك تكون له قرارات حاسمة ونابضة هذا يعني أننا شعب محظوظ ومحفوف بعين الرعاية والاهتمام. فما لتلك القرارات من مجال إلا وقرعته؛ وما لتلك الأوامر من إصلاح إلا وقصدته وما من نهج للتنمية إلا وأرادته ووطدته. فدخول الوزراء الشباب في وزارات الدفاع والعدل والإعلام دليل مؤكد على حرصه حفظه الله على ضخ الدماء الشابة في مجلس الوزراء، ورؤيته الثاقبة في قدرتهم على الإنجاز والإبداع فيما يناط بهم من مهام والتزامات، و نسأل الله لهم العون والسداد. كما جاء الأمر السامي بدمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي كخطوة جريئة لوزارتين ضخمتين منشأهما واحد و موردهما واحد ومصبهما واحد، ولكل منهما هدف موحد وهو إعداد الإنسان والرقي به وتهذيب فكره والصعود بمداركه وتعليمه إلى أن يصبح مواطنا صالحا لنفسه ودينه ووطنه. وعندما يكون الإنسان هدفا تلتقي حوله المحاور وتوحد من أجله الجهود فلا نستنكر مثل هذا القرار بل نستبشر به خيرا ونعلق عليه الآمال وننشد من خلاله التطوير والرقي والازدهار وشمولية القرار لم تترك من هموم المواطن شيئا إلا وحفته بعين الرعاية، فصرف راتبين كاملين للموظفين مدنيين وعسكريين وشمول الطلاب والطالبات والمعاقين والمستفيدين من أصحاب الضمان الاجتماعي لهو دلالة واضحة لتلمسه رعاه الله لحاجات شعبه واحتوائه لهم. كذا اهتمامه الملحوظ بالأندية الأدبية الذي جاء تشجيعا للثقافة والمجالات الأدبية والفكرية وتأكيدا لدورها الملموس في الرقي وبناء الحضارات والمجتمعات. كما دعم حفظه الله الجمعيات الخيرية تحقيقا للتكافل الاجتماعي بين كافة شرائح المجتمع، وجاء إعفاؤه المشروط عن اصحاب الحق العام وتسديد الديون لمسة إنسانية حانية هدفها توطيد أواصر الأسرة السعودية. والحقيقة هي أن تلك الأوامر جاءت كإعادة لهيكلة الدولة مع التأكيد على ضرورة توطيد روح المحبة وتعزيز هوية الانتماء. و بخطواته الحكيمة وأوامره السديدة رعاه الله بدأ سياسته وزرع محبته وغرس الأمل.. فهو خير خلف لخير سلف. أدام الله عز آل سعود، وحفظ وطننا ومليكنا من كل سوء، ورحم الراحلين من ملوك السعودية أهل الطيب والشيم. * عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى