×
محافظة المنطقة الشرقية

مدرب هجر: خسرنا سوما ولدينا طموح في تقديم الأفضل

صورة الخبر

ليس عبثاً أن يقع الاختيار على رواية «لا تحكم على سيدة من غلافها» ( دار ايفون - هاربر كولينز) لتكون من أفضل روايات العام 2014 وأكثرها تشويقاً. فبمجرد أن تشرع في قراءة هذه الرواية للكاتبة الأميركية الشابة سارة ماكلين، على الأرجح لن تتمكن من وضعها جانباً. رواية مغرية بكل المقاييس تأتي تتويجاً لسلسة روايات «قواعد الأوغاد» الثلاث السابقة التي حصدت نجاحاً كبيراً. لسنوات، بقيت الهوية المزدوجة لبطلة الرواية طي الكتمان. نهاراً، هي السيدة جورجيانا بيرسون، شقيقة الدوق الآثمة، التي تسعى لكي تكون غير مرئية وبعيدة تماماً عن كل العيون الفضولية. اكتسبت الفتاة سمعة سيئة للغاية في مراهقتها بعد أن حملت خارج نطاق الزوجية، عابثة بكل قيود ومحرمات المجتمع الفيكتوري. وعاشت تعاني تحت وطأة فضيحتها. أما ليلاً، فهي أقوى امرأة في بريطانيا. ملكة الظلام المتنكرة بزي رجل. إنها «تشايس»، الشريك الثالث في ملكية كازينو «الملاك الساقط» الأسطوري. هناك، حيث يخسر الأثرياء ورجال المجتمع الاستقراطي أموالهم إلى جانب الكثير من أسرارهم الدفينة، التي تصبح كلها في يد «تشايس». لا تكتفي جورجيانا بهذا القدر من التنكر، بل تقرر أن تكون آنا، سيدة الكازينو الأولى، التي يعتقد الجميع أنها عشيقة «تشايس». هكذا تقرر شقيقة الدوق أن تعيش يومها في الظل محتملة الكثير من الإهانات والتجريح، لتعود ليلاً فتنتقم من الجميع ما أن تطأ قدماها الكازينو حيث لا يتجرأ أحد على تحديها أو الإساءة لها إذ إنها حتماً ستدمره، بصفتها «تشايس». هكذا، وعلى مدى سنوات، تسعى وراء كل من احتقرها وأساء معاملتها من شخصيات المجتمع الراقي، تكتشف أسرارها، وتدمرها بقسوة. ولكن، مع نضج ابنتها كارولين وبلوغها التاسعة من العمر، باتت جورجيانا تخشى من أن تلطخ فضيحتها القديمة فتاتها البريئة، فتقرر أن تنخرط مجدداً في المجتمع وأن تجد لنفسها زوجاً ثرياً، مستفيدة مما تملكه من أسرار، علها تستعيد بعض مكانتها بما يسمح لابنتها بالعثور على زوج مناسب عندما يحين الوقت. بطبيعة الحال، أثارت عودتها إلى المجتمع نهم كل المطبوعات الصفراء التي وجدتها وجبة دسمة لمقالاتها ورسومها الساخرة، بما في ذلك احدى المجلات المعروفة التي يملكها أحد أقطاب الصحافة دنكان ويست، والتي نشرت رسماً مسيئاً ليس لها فحسب بل لابنتها أيضاً، وهو ما أثار حنقها وغضبها. الزوج المثالي يشعر ويست بالأسف لنشر هذا الرسم، ويقرر عند رؤيته جورجيانا في حفلتها الراقصة الأولى بعد إنهاء عزلتها، وحديثه معها، أن يساعدها في العثور على الزوج المثالي. بحدسه الصحافي، يشعر أن وراء قصة جورجيانا الكثير من الأسرار، فيعتزم اكتشافها. لكنه سرعان ما يقع في حبها، فيتبعها في إحدى الأمسيات إلى الكازينو، ليصبح على يقين أنها هي نفسها «آنا» عشيقة «تشايس» الخاضعة لسلطته رغماً عنها، من دون أن يعتقد ولو لوهلة أنها هي «تشايس» نفسه. يتعهد الرجل الوسيم والثري بحمايتها لكنه في الوقت عينه يستغلها للوصول إلى «تشايس» والعمل على تحطيم أسطورته، فالأخير يملك الكثير من الأسرار عن ماضيه التي قد تدمره هو وامبراطوريته الصحافية. يعلم كل من ويست وجورجيانا جيداً أنه لن يكون الزوج المثالي الذي قد يساعدها على تحسين صورتها وسمعتها. لذلك، يقرر أن يحررها من سلطة «تشايس» لتؤسس لنفسها حياة سعيدة، لكنه يدرك بعد وقت طويل كم كان مضللاً. أسلوب ماكلين السلس والحوار الذكي بين شخصياتها، ينزلق بالقراء بسهولة بين فصول القصة، فيعرج على أحداث ماضية بتفاصيلها الدقيقة، ليعود ببطء إلى الحاضر، من دون أي تشابك عصي على الفهم. كما أن توصيفها الديناميكي للشخصيات يسهّل على القارىء تحديد أصدقائه المتعاطف معهم وخصومه في الرواية. في حين أن الأوصاف الجسدية والعاطفية الخصبة تبقيه متتبعاً للمسار الذي يسلكه البطل والبطلة نحو مصيرهم. ولكونها سيدة شابة في ذلك العصر، وابنة دوق محترم، لم تملك البطلة جورجيانا أية سلطة حقيقية. كل خياراتها في الحياة كانت عبارة عن تنفيذ أوامر والدها، ومن ثم شقيقها. إلا أنها تمكنت بمبادرة جريئة منها من تهشيم القواعد المفروضة عليها، وتحويلها لمصلحتها. بعد هروب حبها الأول وتركها لتواجه قساوة المجتمع، ترفض بصرامة الإفشاء عن اسمه وتتحمل وحدها تبعات ما جرى. بدهاء كبير، تتحرى عن ثلاثة رجال ارستقراطيين «سابقين» ممن لحقهم العار وباتوا منبوذين جراء أزمات مختلفة ألمّت بهم، فتحرضهم على مشاركتها لتأسيس أكبر كازينوات لندن وأكثرها شهرة. أما دنكان ويست فهو أشبه باللغز. قد يبدو رجلاً قوياً، لكن الأسرار التي يحملها تثقل كاهله وهي كفيلة بتدميره. هو يشبه جورجيانا إلى حد كبير بعناده وغيرته وإفراطه في حماية من يحب، معاً يشكلان ثنائياً جميلاً لكن أياً منهما لا يثق بالآخر ولا يفرّط له بأسراره، وهو ما يباعد بينهما وإن كانا يعشقان أحدهما الآخر. إلى جانب البطلين، تكاد الرواية تطفح بالشخصيات الثانوية. مع ذلك لا يشعر القارىء بالإرهاق. تستعيد ماكلين بعض الشخصيات من الروايات الــثلاث الســابقة ضمن هذه الســـلسلة لتمنحها خواتيم ملائمة، وتبتكر شخصيات أخرى جديدة لإغناء حوارها. ورغم إدراك القارىء أنها رواية رومنطيقية قد تحظى غالباً بنهاية سعيدة، إلا أن ماكلين تمكنت من زرع بذور الشك طوال فصول الرواية، عبر وضع الكثير من العراقيل وإثقال الشخصيتين بالكثير من الأسرار والأغلال، لتكون النهاية كما يتمناها معظم القراء. تجدر الإشارة إلى أن هذه الرواية احتلت المرتبة الرابعة على قائمة النيويورك تايمز لأكثر الروايات مبيعاً في نهاية عام 2014، وقد كرست كاتبتها سارة ماكلين واحدة من أهم الروائيات الشابات لا سيما أنها سبق وحصدت جائزة الكتاب الأميركيين الرومنطيقيين (ريتا) لثلاث مرات متتالية.