بندر الدوشي- سبق: أثار القرار الملكي الأخير بدمج وزارة التربية والتعليم بالتعليم العالي، وتسميتها بوزارة التعليم، ردود فعل حذرة من العديد من الأكاديميين والتربويين حول التركة الثقيلة التي سيتحملها الوزير الجديد عزام الدخيل، الذي سيتنقل من حياة التنظير إلى الميدان العملي بعد أن ألّف كتباً تعليمية ملهمة. وبعد القرار الملكي الجديد تحولت الوزارة الجديدة إلى أضخم وزارة في التاريخ السعودي، بميزانية تجاوزت 217 ملياراً، أي ربع الميزانية العامة للدولة. وسينضوي تحت مسؤولية الوزارة الجديدة، أي تحت إدارة الوزير، 24 جامعة حكومية، تضم 45593 عضو هيئة تدريس، بين أستاذ وأستاذ مشارك ومحاضر ومعيد، و898251 طالبًا جامعيًا، إضافة إلى 34749 مدرسة، تضم 501111 معلمًا ومعلمة، و5187498 طالبًا وطالبة، فضلاً عن مؤسسات التعليم الخاص من جامعات ومدارس. وسيجد الوزير الجديد نفسه تحت ضغط مهول حول كيفية إدارة هذه التركة المثقلة بالبيروقراطية. ورأى مراقبون وأكاديميون أن دمج الوزارتين في وزارة واحدة قرار جريء، وسيعجل باستقلالية الجامعات كمؤسسات تعليمية استثمارية مستقلة، تستطيع أن تمول بعض برامجها بنفسها، مع الاعتماد على المنح الحكومية في تمويل تشغيلها، وهو النظام المعمول به في الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. أما الجامعات الأهلية فهي شبه مستعدة لخطة الانفصال عن الوزارة نظراً للرؤية الاستثمارية التي أُنشئت من أجلها، وهذا لا يعني أنها قادرة على تمويل تشغيلها فقط، ولكن ستكون هناك العديد من التساؤلات يتعين على الوزير الجديد الإجابة عنها حول مخرجاتها، والكيفية التي ستدار بها في الفترة المقبلة، ومدى ملاءمتها لسوق العمل، إذا ما علمنا أن وزارة التعليم العالي تمول برامج الدراسة فيها عن طريق الابتعاث الداخلي إلى هذه الجامعات. من المؤكد أن وزارة التعليم العالي ستكون مستقبلاً مسؤولة فقط عن برنامج الابتعاث، وخصوصاً إذا نجحت خطط استقلال الجامعات؛ لتكون شبيهة بجامعة الراحل الملك عبدالله كاوست. كما أنه من المتوقع أن تقوم كل جامعة باعتمادها دليلاً تنظيمياً، يجعلها هي المخولة بإصدار الأنظمة والخطط الدراسية؛ وبالتالي ستتحول إدارة الجامعة إلى مرجعية لها كلمة الفصل في استصدار أي قرار يكون مناسباً في مصلحة عمل الجامعة بعيداً عن أعين الوزارة التي من المنتظر أن تحل في المستقبل، وخصوصاً إذا ما نظرنا إلى القرار الملكي الأخير بحل مجلس التعليم العالي، لكن هذا يعتمد على مدى نجاح الخطط التي ستدار بها هذه المعضلة، والشجاعة في اتخاد القرار. ورأى مراقبون أن القرار لن يكون ناجعاً إذا رأينا الأمور بواقعية بعيداً عن التنظير، وطرحوا العديد من التساؤلات حول مسمى الوظائف في الوزارة الجديدة، وأعداد الموظفين الكبيرة والأقسام الإدارية والأنظمة والتشريعات في الوزارتين، وكيفية دمجها وهيكلتها في وزارة واحدة، وخصوصاً أن وزارة التربية والتعليم تئن من زيادة الأعباء والبيروقراطية بعد دمجها بتعليم البنات، بخلاف المشاكل الكبيرة والمربكة التي يعانيها العاملون فيها، مثل قضية حوادث المعلمات ومشاكل النقل ومستويات المعلمين، والعنف المدرسي والقضايا السلوكية، وجودة التعليم، وتعثر المشاريع المدرسية، ومشاكل النقل المدرسي، إضافة إلى التساؤل الأكبر: ماذا عن برنامج الملك عبدالله لتطوير التعليم العام بـ80 ملياراً، الذي اعتمده الوزير السابق بموافقة الملك الراحل؟ من المؤكد أن الوزير الجديد مؤلف كتاب تعلومهم سيكون على صفيح ساخن، وسيواجه سيولاً من الانتقادات، وهو يعلم ذلك جيداً نظراً لارتباط الوزارة بمستقبل أجيال السعودية، التي تسعى للنهوض بتعليمها إلى مصاف الدول المتقدمة، ولا ينقصها في ذلك الإمكانيات ولا المال، سوى أنها لم تجد الطريق بعد.