قال مصدر ديبلوماسي غربي التقى أخيراً ديدييه شابير، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية، إن الدول الغربية تتطلع إلى غطاء سياسي من القيادة الإيرانية لأي اتفاق يطوي ملف طهران النووي. وأبلغ «الحياة» أن شابير ذكر أن المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في باريس الأسبوع الماضي، تركّزت على المفاوضات النووية ولم تتطرق إلى مسائل إقليمية، مشيراً إلى أن كل طرف في المفاوضات مقتنع بأنه نفّذ 75 في المئة مما هو مطلوب منه، وأن الخطوات الإضافية مطلوبة من الجانب الآخر. ولفت شابير إلى أن باريس تولي أهمية للاتفاق على الوقت الذي يلزم طهران لتطوير قدرة نووية عسكرية، بمعنى أن المطلوب ليس فقط جعل البرنامج النووي الإيراني سلمياً، بل تحديد المهلة التي يحتاجها ليتحوّل عسكرياً، والضمانات التي يجب أن تقدّمها طهران للحؤول دون ذلك. ونقل المصدر عن شابير قوله إن «التحدي أمام إبرام اتفاق مع طهران هو ذو شقين: الأول تقني ويتعلق بتحديد المهل والبرامج والحدود، والثاني سياسي، وهو الأكثر أهمية، بمعنى أن التوصل إلى اتفاق يتوقف على موافقة مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي على إعطاء الغطاء المطلوب لظريف والرئيس حسن روحاني، إذ إن «الاتفاق يعني أن طهران قدّمت تنازلات، وسيتوجب على القيادة الإيرانية أن تعترف بذلك أمام شعبها، ولن يجدي خطاباً انتصارياً في تبديد الحقيقة». ملفات إقليمية ويرى شابير أن «النظام الإيراني لن يستطيع في حال إبرام اتفاق نووي، التفريط بجناحه الأمني- العسكري الذي يحتاجه على الحدود وفي حربه ضد تنظيم داعش، وسيكون صعباً على هذا الجناح أن يتحمّل تبعات أي تنازل إيراني». ويرجّح أن «يتشدد النظام في مرحلة ما بعد الاتفاق في ملفات إقليمية ساخنة، مثل الملف السوري، حيث الكلمة الفصل للحرس الثوري»، مستدركاً أن «من مصلحة النظام الإيراني أن يتعاون في ملفات إقليمية أخرى، مثل العراق واليمن ولبنان، اذ يحتاج إلى الغرب بمقدار ما يحتاج الغرب إليه، لأن زعزعة الوضع في الدول الثلاث يعرّض طهران لخطر». وتابع: «يمكن أن يكون لإبرام اتفاق نووي مع إيران تأثير إيجابي على هذه الملفات الثلاثة، إذ سترغب طهران في التعاون لتأكيد دورها في المنطقة ومصالحها الاستراتيجية». وتطرّق شابير إلى تطورات العراق، لافتاً إلى «تنسيق غير رسمي» بين التحالف الغربي والإيرانيين لـ «تجنّب حدوث صدام وضمان نجاح الضربات ضد العدو المشترك»، في إشارة إلى «داعش». لبنان وأشار إلى أن مصلحة «حزب الله» في لبنان «تهمّ إيران»، خصوصاً لجهة تأثره بـ «خطر دخول داعش عبر البقاع، كما أنه يشكّل تهديداً ضخماً بسبب وجود سوريّين سنّة في لبنان». ورأى أن لإيران «مصلحة واضحة في التعاون، وهذا تقدير الإدارة الفرنسية، لا سيّما في تواصلها مع طهران في شأن الملف اللبناني». وتحدث عن زيارة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو طهران والرياض أخيراً، قائلاً إن مواقف العاصمتين كانت «إيجابية». وأضاف أنهما «متفقتان على أن تعطيل انتخاب رئيس يؤذي لبنان، وأن أحداً لا يملك مفتاح الخروج من التعطيل، سوى العماد ميشال عون». وتابع أن البلدين «ينظران بإيجابية إلى استئناف الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، والذي ما كان ليحدث لولا ضوء أخضر» من الجانبين. ونقل عن شابير قوله إن الرياض وطهران «تدركان أن كمّاً هائلاً من الملفات العالقة بينهما طابعها متفجّر ومعقد»، لافتاً إلى أن إيران «ترى صعوبة في الفصل بين الملفين اللبناني والسوري، ولو كان موقفها إيجابياً في شأن ضرورة الخروج من مأزق شغور الرئاسة في لبنان». وذكر شابير أن جيرو استشفّ من الرياض وطهران انهما لا يفرضان «فيتو» على أي مرشح، «بعد تخطي مرحلة ترشيح عون ومناقشة أسماء أخرى». وأشار إلى أن جيرو طرح على الجانبين فكرة عقد جلسات متتالية للبرلمان اللبناني لا يقاطعها أحد إلى حين الاتفاق على رئيس»، مستدركاً أنه «لم يتلقَّ جواباً». وزاد أن طهران «لم تعلن أن عون هو مرشحها، بل هو مدعوم من حزب الله»، ما يفسّره الفرنسيون بأنه استعداد إيراني لتخطي ترشيح القائد السابق للجيش إذا سحب «حزب الله» تأييده له.