×
محافظة المنطقة الشرقية

أستراليا تتوج بكأس آسيا

صورة الخبر

يستبد بنا الألم والأسى لرؤية طفل يتيم، وقد فقد أباه وأضحى وحيداً يواجه قسوة الحياة وصروفها. ولكن الألم الاكثر قسوة وتروعاً هو أن يشاهد المرء جموع يتامى، ملايين منهم، وهم يستسلمون لأقدار اللوعة بلا حيلة وبلا قدرة على فعل الشيء، سوى ان يريقوا الدمع وأن يطلقوا حناجرهم للصراخ، وان يدعوا الله أن يلطف بهم ويغمر عفوه الراحلين. هذا المشهد لم يكن خيالاً في فيلم هوليودي، ولا قصة منتحلة ولا لوحة تشكيلية، بل صورة حية في الأسبوع الماضي للسعوديين الذين فقدوا حبيباً امتزجوا بروحه وامتزجت روحه بهم، ولم يقصر بحبهم، ولم يكفوا عن حبه. وكانت عيونهم تدمع وقلوبهم تحزن وهم على فراقه لمحزونون، تأسياً بألم رسول الهدى «صلى الله عليه وسلم» إذ يرثي ابنه إبراهيم. كان عبدالله بن عبدالعزيز الملك الصالح الذي نسج له المواطنون تاجاً من أمشاجهم ومشاعرهم، أباً وأخاً وقطعة من قلوبهم، قبل أن يتوجوه حاكماً. كتب أَبُو الدَّرْدَاء إِلَى مسلمة بْن مخلد: سَلام عَلَيْك أما بعد، فَإِن العَبْد إِذا عمل بِطَاعَة الله، أحبه الله، فَإِذا أحبه الله، حببه إِلَى عباده، وَإِن العَبْد إِذا عمل بِمَعْصِيَة الله أبغضه الله، فَإِذا أبغضه، بغّضه إِلَى عباده. وقد أحب أغلب الناس عبدالله بن عبدالعزيز، وأرجو الله أن يكون ذلك بشرى له بمغفرة من الله، نظير ما أنجز وسعى لخير العمل. وكانت كل دمعة تدعو له بالرحمة والمغفرة، وكل خفقة قلب تدعو أن يضاعف الله حسناته ويتجاوز عن ذنوبه. أسكنه الله فسيح الجنات وجزاه عنا كل خير، وأنار قبره وثبته عند السؤال. ونرجو أن تكون أعماله الخيرة شاهدا له يوم يبعثون، وليس أقلها عمارة المسجد الحرام الذي تضاعفت مساحته وأصبح يستوعب ملايين المصلين الملبين، ليشهدوا منافع لهم ويؤدوا ركن الإسلام الخامس بكل طمأنينة وسكينة وخشوع. وعمارة الحرمين الشريفين هي أوسع عمارة في تاريخ المسجد الحرام، وسوف يذكرها المؤرخون على مدى مئات السنين القادمة باحترام وإجلال. لم يكن عبدالله مجرد حاكم تهيأت له الظروف لوراثة الحكم، كان ملكاً صالحاً ومصلحاً وأبا رؤوما وأخاً رؤوفاً وصديقاً وفياً ومغيثاً سريع الاستجابة، وعفوّاً سريع الغفران وزعيماً شجاعاً مهاباً يقود أمة تحيط بها النيران. وفوق ذلك كان شخصية عالمية، إذ هلت الوفود من جميع أنحاء العالم ومن كل جنبات الأرض، وقاراته بأرفع المستويات، معزية مودعة شمسنا التي أفلت، ومواسية لنا ومعزية عاهلنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، سليل أسطورة الجزيرة، وخريج مدرسة الزعماء في مجلس الأب الفاتح المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل. ولا يوجد شك أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبمساندة أعوانه الأمير مقرن والأمير محمد بن نايف، سوف، بإذن الله يستمر على النهج، في قيادة المملكة، وحكمة القرار وهيبة الحضور، والشجاعة وصواب الرأي، والتروي، وهي مواصفات خريجي مدرسة الملك عبدالعزيز الدبلوماسية، وفوقها شخصية سلمان العملية، وجلده في العمل الدؤوب، وثقافته الواسعة ورؤيته الفكرية، واستلهامه وسطية الدين القويم واعتدال الفكر، والموضوعية في القول والفعل. وتر تبكيك ثكلى إذ تعاصي الدموع.. وأرملة يتناهبها الغلاظ.. وطفل يتضور، ينتظر إغاثة الحليب في مخيمات اللاجئين. يا يد الخير.. ولسان الحق.. ومهجة الروح.. يبكيك القلب والعين وشمس تضيء الأعالي، وبيد نجد والحماد ومرتفعات السروات وشاهقات الجنوب وسيوف البحور.. وكرائم الوادي الخصيب ومآذن الحرمين.. ومسبحين تلهج السنتهم بدعاء، وملبين يوحدون الله في البيت العتيق..