* عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أحبّ الله تعالى العبد نادى جبريل إن الله تعالى يحب فلانًا، فأحببه، فيحبّه جبريل فينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبّوه، فيحبّه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض) متفق عليه.. كما قال الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه (أقربكم مني منزلة يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا) فإذا أحب الله العبد جعل له القبول في الأرض قال جلّ في علاه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) ثم حسن الخُلق والأريحية والبساطة التي ترفع الإنسان وقد ابتدأت بهذه التوطئة في تأبيني لفقيد الوطن والأمة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، فحسن الخلق وحب الناس هما الصفتان اللتان قرّبتا أبا متعب ومنحتاه هذه المنزلة ليس في قلوب أهله وبلاده ومواطنيه فحسب، بل في قلوب الآخرين. * وفي مقام (الإنسانية) أسوق مواقف للمثال وليس الحصر: فقد كان إنسانًا بما تحمله هذه الكلمة من معان سامية لا يدركها العديد من الناس لأنه كان يحسّ بألم وتعب غيره ويحاول التخفيف عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلًا مما أهّله إلى لقب ملك الإنسانية، الذي لم يرتح له رحمه الله وقال ملك الإنسانية هو ملك الملوك الخالق وما أنا إلا عبد ضعيف. * وتحسّ حين تُسلّم عليه- يرحمه الله- وتقف أمامه بعفوية وبساطة فأنت أمام ملك يتجاوز برتوكول المُلْك والجاه وينزل إلى مستوى الذي يسلم عليه أو يحادثه. * حضرت في بدء إعلان مشروعه رحمه الله لصندوق معالجة الفقر واطلّعت عن كثب على أهدافه وبرامجه التي لو تم تنفيذها، كما أراد لتحقق الكثير فيه ورأينا كيف كان الأثر على وجهه حين زار الفقراء في بعض المناطق واطّلع على أحوالهم. * رأينا بساطته حين زار الغرب وحين زار بعض المناطق في الوطن وكيف كان يأكل مع الناس ويخالطهم. * اجتهد في إنشاء وقف باسم والديه- يرحمهما الله- مما يدّل على برّه بوالديه وحرصه على العمل فيما يرضيهما عنه.. * تَجلّى حرصه على شعبه وأحوال مواطنيه في دعمهم في غير موقف ومنها رفع الرواتب والأمر بإعانات وغيرها من الدلائل، التي تؤكد إحساسه بهم، بل إنه كان يؤكد ويصرّح أمام وزرائه ومن حوله ويقولها صراحة إنها أمانة مني إليكم فيحّملهم إياها حتى يدركوا عظم المهمة. * على المستوى الإقليمي استطاع- يرحمه الله -أن يلّم شمل الأسرة الخليجية، ويعيدها إلى عهدها في الأخوة والوحدة والمناصرة، وقد حقق بحق لقب حكيم وأب العرب. * وعلى المستوى الوطن الأكبر العربي والإسلامي، كانت مواقفه مشرّفة في لم شمل الأسرة الفلسطينية حين اجتماعه بهم في مكة.. ثم لَمْ شَمْل الأسرة والأطراف اللبنانية واجتماعه بهم في الطائف.. وكذلك مبادرته المعروفة في السلام، التي أطلقها في القمة العربية وأعاد طرحها في غير مرّة ليؤكد حرصه على الدم العربي والوحدة العربية، فقد كان بحق زعيمًا للأمة العربية والإسلامية على كل الأصعدة.. ولا يُنسى موقفه الشجاع والنبيل لنصرة المظلومين المعتدى عليهم في سوريا وبذله كل جهد لدرء الظلم عنهم رغم اتحاد الأعداء، الذين يهمهم بقاء الوضع على ما هو عليه.. وكذلك موقفه الرائع في مصر الذي ساعد في حفظ أمنها وسلامة شعبها ودعم الحق وما يريده الشعب فيها. * وعلى المستوى الدولي: - حرصه- يرحمه الله- على رفع شأن المملكة في المحافل الدولية وانضمامها لمنظمة التجارة وتحقيق سمعة طيبة تليق بها. - وكانت مواقفه مشرّفة في الصراعات الدولية ووقوفه مع الحق ومناصرته للضعفاء والسلام. * على صعيد الاعتدال والتعامل مع الآخر والتعايش مع الأديان ضرب، يرحمه الله، مثلًا رائعًا في أخلاقيات المسلم وقام بتصحيح الصورة الذهنية المشوّهة عن الإسلام والمسلمين تأكيدًا على حبهّم للسلام والتعايش مع الآخر ونبذ العنف والتعاون في صَدّ الإرهاب. * أما ما يسترعي الانتباه في تلك الظروف فهو تلك السلاسة في انتقال السلطة بشكل أزعج الأعداء والمتربصين وهي آلية تستحق الإعجاب والإشادة. * ونبايع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، وأيدّه بنصره، فهو خير خلف لخير سلف.. والحديث عنه يطول فهو الرجل الحكيم الذي عاصر ملوكًا عدّة وكان داعمًا لهم فكرًا وجهدًا وتدبيرًا. ثاقب النظرة، دقيق الملاحظة، لا يعرف أنصاف الحلول لأنه رجل ملتزم إداري محنّك يدعمك ويوجّهك بَيد أنه لا يقبل منك التهاون أو التردد ولا يرضى إلا بسرعة وسلامة الإنجاز.. صديق الإعلاميين.. بابه مفتوح فهو مستمع جيد يتدّبر القول ويحسن الإنصات، وهي مقوّمات وأساس رجل الحكم والاتصال مع الناس والأمة فهنيئا للوطن به نبايعه على السمع والطاعة. * كما نبايع ولي عهده الأمير مقرن السياسي الخبير الذي كان يأتمنه الراحل كمبعوث شخصي له في كل الشؤون وله ميزة إضافية هي البساطة والعفوية مع من يقابله، وكان محط إعجاب من حوله في لقاء دفعة من المبتعثين لأمريكا كنت حاضرًا فيها، وأخيرًا ولي ولي العهد الأمير محمد الذي يعدّ بحق مهندس الأمن في الوطن الخبير المتمرّس في مدرسة والده فبفضل الله ثم جهوده تعيش بلادنا الزاهرة في أمن وسلام، وقد ورث عن أبيه الأمير نايف رحمه الله الحنْكة والحزم. * دوحة الشعر: أرض البلاد وكم تبكي مصيـــبتها تدّفق الحزن في أرجائها انســـكبا غاب المليك حنون القلب أسعدنا وحـــوّل الرمـــل في أحــلامنا ذهبا تبـــقى عـــطاياك عــبدالله تـــتصــل فالنجم يلحق في عليائه الشهبا فـي كل بيت له حظ ومنزلة يســاكن القلب والأعـيان والهدبا alshaden@live.com