تل أبيب: «الشرق الأوسط» على الرغم من جهود الوساطة التي بذلتها «اليونيفيل» (قوات الأمم المتحدة في الجنوب اللبناني) للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» (عبر محادثات مع الجيش اللبناني) والجيش الإسرائيلي، أبقت إسرائيل على حالة استنفار حربي على حدودها الشمالية. بينما تخبطت قيادتها السياسية ما بين الاكتفاء بتبادل النيران، الذي أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة 7 بجراح، إضافة إلى مقتل جندي إسباني من قوات «اليونيفيل»، وبين الرد بعمليات قصف، فأغلقت مطارين في حيفا وروشبينا (الجاعونة) وأنزلت سكان قرية المطلة إلى الملاجئ وأغلقت كل الطرقات على مقربة من حدود لبنان، ورفدت قواتها المدرعة بمئات الدبابات، التي نقلتها من الجنوب. وأطلقت طائرات المراقبة والمقاتلات إلى الأجواء والسفن الحربية إلى المياه الإقليمية اللبنانية. وقطع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جولة له على الحدود مع قطاع غزة، مهددا الحكومة اللبنانية بمصير شبيه بمصير قطاع غزة، قائلا: «الجيش الإسرائيلي مستعد للرد بقوة على أي جبهة، وكل من يحاول اختبارنا على جبهة الحدود الشمالية الإسرائيلية، أقترح عليه أن يرى ما حصل بالقرب من سديروت، في قطاع غزة التي عانت منها حماس الصيف الماضي من الضربة الأكثر إيلاما لها منذ قيامها، والجيش الإسرائيلي مستعد للتعامل بقوة على جميع الجبهات». وكانت مصادر عسكرية إسرائيلية، قد أعلنت أن 5 قذائف هاون أطلقت قبيل ظهر أمس، على دورية عسكرية من 3 مجنزرات في منطقة مزارع شبعا. واعترفت فقط بعد 3 ساعات أن هذا القصف أدى إلى مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة 7 آخرين بجراح، بينهم مصاب بجروح متوسطة. وأن المدفعية الإسرائيلية ردت بقصف على مصادر النيران. وهدأت الجبهة بشكل مفاجئ بعد ساعة من الحادث، ليتبين أن «اليونيفيل» تسعى لوقف إطلاق النار. وبعد مشاورات كثيفة بين نتنياهو ووزير دفاعه موشيه يعالون ورئيس أركان الجيش، تم استدعاء المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية للبت فيما يجب عمله. وطرحت عدة سيناريوهات على الاجتماع، بينها توجيه ضربات أخرى لـ«حزب الله» ولمواقع لبنانية استراتيجية، أو الاكتفاء بما حصل، باعتبار أن اغتيال جهاد مغنية وعدد من قادة «حزب الله» وبضعة ضباط إيرانيين الأحد الماضي، يشكل ضربة قاصمة لأهداف «حزب الله» وهيبته، ويكفي لإيصال الرسالة الإسرائيلية القائلة إن «إسرائيل لن تقبل بفتح جبهة ضدها في الجولان». وقد دعا وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إلى عدم الاكتفاء بما حصل والرد بقوة على عملية القصف التي تبناها «حزب الله». وقال ليبرمان، في حديث له عقب لقائه في بكين مع نظيره الصيني وانغ أيي، إنه «يجب تغيير السياسة التي تنتهجها إسرائيل أخيرا على الحدود الشمالية، ويجب الرد بصورة قوية جدا على القذائف التي أطلقت من هناك باتجاه إسرائيل، كما يتوقع من الصين والولايات المتحدة أن تردا في حال تعرضتا لهجوم مشابه». وعبّر ليبرمان عن «أمله بحصول إسرائيل على دعم دولي لأي رد إسرائيلي محتمل على العملية»، داعيا العالم إلى «تبنّي طريقة جديدة في محاربة الإرهاب، من خلال رد قوي ومجد وليس من خلال التسامح مع مثل ما قام به (حزب الله)، فكل التنظيمات الإرهابية حول العالم تحمل أسماء مختلفة، ولكنها تنشط لنفس الهدف في منطقة الشرق الأوسط». وعلى الرغم من أن نتنياهو صادق على التصعيد العسكري ووافق على عملية الجيش بحماس لخدمة أهداف معركته الانتخابية، فإن منافسيه في المعارضة وقفوا إلى جانبه. وقال رئيسا (المعسكر الصهيوني)؛ إسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني، في أول تعقيب لهما على العملية، إنهما «قاما بجولة على الحدود حيث وقعت العملية برفقة مرشحهما لمنصب وزير الأمن عاموس يدلين، بهدف مساندة الجيش في المعركة». وعقّب هرتسوغ قائلا: «إذا اعتقد أحد من (حزب الله) أنه ممكن أن يهددنا أو يمزّقنا عشية الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، سيدرك تماما أننا أقوياء جدا وموحدون للحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي ومواطنيه، ومستقبل الجولان واضح وسيبقى بأيدينا، ونحن نهتم بدورنا بأمن مواطنيه. لا توجد ولن تكون أي تنازلات لمن يهاجم مواطني إسرائيل». أما زعيمة حزب ميرتس اليساري زهافا جلؤون، فدعت رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، إلى عدم «توتير الأجواء على الحدود الشمالية لإسرائيل»، مؤكدة في منشور لها في «الفيسبوك» أن «من حق إسرائيل بل واجبها حماية مواطنيها، ولكن ذلك لا يأتي من خلال التصعيد على الحدود الشمالية».