×
محافظة الرياض

الملك يوجهنا لخدمة المواطن .. ومحاسبون على أي تقصير

صورة الخبر

تُعدُّ مهنة المحاماة من أشرف المهن وأنبلها وأكثرها قُدسيَّة، فهي تتشارك المسؤوليَّة مع الجهات القضائيَّة الأخرى لتحقيق العدالة من خلال جهود "المحامين" الذين يحاولون الوصول إلى الحقيقة وإعلاء صوت الحق، عبر إيصال صوت مُوكِّليهم إلى الجهات القضائيَّة، إلى جانب توفير كافَّة حقوقهم التي كفلها لهم النظام، في الوقت الذي لابُدَّ فيه أن يكون "المُحامي" بمثابة المُتحدِّث الرسمي لمُوكِّله في جميع مراحل التحقيقات ووصولاً إلى مرحلة النطق بالحكم. قد يبحث عن «دليل البراءة» حتى لو كان زوراً وبهتاناً وربما ساوم بمبالغ كبيرة للتنازل عن القضية وهناك من يرى أنَّ لهذه المهنة خفايا وممارسات سلبيَّة قد يُقدم على ارتكابها بعض "المُحامين" -غير الشُرفاء- في سبيل الحصول على براءة مُوكِّله مهما كان نوع القضيَّة، أو سلوك المُوكِّل، كما أنَّ هناك من يصف هذا النوع من "المُحامين" ب "المحامي الفهلوي"؛ كونه قد يتمكَّن من بعثرة الأوراق متى ما أراد ليجعل الحق باطلاً والباطل له أكثر من وجه ولينجو بمُوكِّله من العقاب، أو على الأقل الحصول على أقل عقوبة مُمكنة، وذلك مُقابل الحصول على أتعاب قد تختلف بحسب حجم القضيَّة ووضع المُتَّهم والبُعد الإعلاميّ الذي سيُحقِّق له الشُهرة التي ينشدها. ويبقى السؤال المطروح للنقاش متمحوراً حول ماهيَّة الأسباب التي تدفع المحامي للدفاع عن مُتَّهمٍ ظالم تُثبت كُل الأدلة أنَّه يستحق العقوبة. قناعة منقوصة وقال "د.يوسف الجبر" -محام، ومستشار قانوني-: "أحياناً تكون هناك قناعة منقوصة في كون هذه الواقعة واقعة جريمة أم لا، كأن يُقدِّم أهل الجاني أو المتهم بعض الوقائع والمستندات؛ ليصبح لدى المحامي تصور ابتدائي أنَّ الجاني مظلوم، وهذا في الحقيقة أمر قد يحدث، وفي النهاية فإنَّ المحامي بشر وقد يجتهد"، مُضيفاً أنَّ الاجتهاد البشريّ يعتريه أحياناً اندفاع أو حماس أو سوء ظن، وربَّما إنَّ الإدعاء ومجريات التحقيق بُنيت على ضغوط، وبالتالي فإنَّ صوت الشارع قد يطغى على صوت العقل والتفكير أحياناً، وقد يستسلم لهذا الضغط ويبدأ بشحن العبارات ويُقدِّم ادعاءً ضد متهم ربما لا تصل الأمور لحجم الاتهام الذي قدَّمه، وأضاف أنَّ ترافع المحامي مسموحٌ به في النظام، ففي المواد الأولى لنظام المحاماة يحق للمحامي أن يُشارك في القضايا الجنائيَّة الكبرى، وقد كفل له النظام الدخول بكامل طاقته من جانب الضمير وقواعد المهنة. وأضاف أنَّ تدخُّل المحامي يُعدُّ مشروعاً إذا لم يقتنع بصحة التهمة ورأى أنَّ هناك نقصاً في إجراءات التحقيق أو القبض أو أنَّ لديه ظروفاً مُخفَّفة، مُوضحاً أنَّه قد يرسم صفحة سوداء لمهنة المحاماة فيخون ضميره ومصلحة وطنه ومستقبل مجتمعه؛ وذلك من أجل الحصول على المال، مُشيراً إلى أنَّه قد يبدأ باختلاق الحيل لإنقاذ شخص مجرم، مُؤكِّداً على أنَّ هناك من يتعمد التصدِّي للقضايا التي يُثيرها الإعلام من أجل لفت الأنظار إليه، لافتاً إلى أنَّ هذا النوع من المحامين رُبَّما كانوا يُعانون من خلل في الأخلاق القويمة. وأشار إلى أنَّ المحامي الناجح الشريف هو من يُثبت نفسه ويُسوِّق لها بمكانته العلمية وترافعه المُحكم وانضباطه المهني، إلى جانب حُسن اختياره للقضايا، وكذلك تكوينه علاقات جيدة مع الجميع، إضافةً إلى إسهامه في نشر الثقافة القانونية بمقالات في المطبوعات والصحف والمشاركة في المؤتمرات والملتقيات القانونية وتبنيه قضايا إنسانيَّة لضحايا العنف؛ ليُدوِّن اسمه في تاريخ المُحاماة بأحرف من نور. مُحاكمة عادلة وأكَّد "د.ماجد قاروب" -مُحام- على أنَّ الأنظمة المُتعلِّقة بحقوق الإنسان كفلت للمتهم حق الدفاع عن نفسه بأن يُوكِّل محامياً للدفاع عنه أمام القضاء؛ وذلك ليضمن لنفسه المحاكمة العادلة أمام جهات الضبط والتحقيق ومن ثمَّ المحاكمة الإستئنافيَّة في القضايا الجنائيَّة أمام المحكمة العليا، مُضيفاً أنَّ المحامي في "المملكة" لديه ثلاثة أسباب تمنعه من الترافع عن المُوكِّل المُذنب، ومن أبرزها الأسباب الدينيَّة بحيث لا يكون مدافعاً عن المجرمين ومخالفي الشرع والقانون، إلى جانب وجود سبب آخر نظاميّ يتعلَّق بنظام المحاماة، مُشيراً إلى أنَّ نظام المُحاماة في "المملكة" تفرَّد عن جميع أنظمة المحاماة في العالم بكونه نظاما حذرا ونبَّه من الترافع في القضايا التي يثبت للمحامي فيها خطأ أو ارتكاب مُوكِّله للجريمة، مُوضحاً أنَّ ثالث الأسباب سببٌ مهني، فالمحامي يبحث عن القضية التي يستطيع عبرها الحصول على حكم يحقِّق النفع لموكِّله وليس حُكماً يخسر فيه الدعوى. وأضاف أن النظام كفل للمتهم الحق في الحصول على مُحاكمة عادلة، مُوضحاً أنَّه ليس بالضرورة أن يكون الدفاع عنه من أجل تبديل الحق إلى باطل أو الباطل إلى حق بقدر ماهو التأكُّد من أنَّ عمليَّة الضبط والتحقيق تمت وِفق النظام وأنَّ المُحاكمة تمَّت بأسلوبٍ عادلٍ ونظاميّ ووِفق نظام الإجراءات الشرعيَّة والإجراءات الجزائيَّة وأنَّ الحق في الاستئناف والتظلُّم من الحكم تمَّت مُمارسته وصولاً إلى التنفيذ العادل للأحكام بعيداً عن تنفيذ الحكم بأسلوب لا يتفق مع ما صدر فيه القرار القضائيّ، مُشيراً إلى أنَّه من الضروري أن يكون المحامي شريكاً للقاضي في إحقاق العدالة، لافتاً إلى أنَّ كليهما يسعىان للوصول إليها لتحقيق العدالة المجتمعيَّة عبر القضاء، مُؤكِّداً على أنَّ لكُلِّ قاعدةٍ استثناءات، وبالتالي فإنَّنا لا نستطيع أن نعلم حقيقة ما يعلمه المُحامي المُوكَّل في قضيةٍ ما. ولفت إلى أنَّه من الصعب جداً أن تتبدَّل قناعات المحامي خلال سير إجراءات التحقيق ضدَّ مُوكِّله؛ لأنَّ ذلك يعني أنَّه لم يقرأ ملف القضية بشكل صحيح، مُضيفاً أنَّه وبحسب نظام المحاماة فإنَّه لايجوز للمحامي أن يتنازل عن الوكالة دون موافقة مُوكِّله؛ لأنَّه بذلك يكون قد غرَّر به، كما أنَّه يجب أن يتأكَّد من صِحَّة الأُسس التي تُبني عليها الدعوى؛ كي لا تتغيَّر أو تتبدَّل قناعته، ففي منتصف الطريق لا يجوز له التنحِّي عن الدعوى، مُوضحاً أنَّ من ضمن الالتزامات المهنيَّة التي على المحامي وفق نظام المحاماة العالمي والمحلي أنَّه لايجوز له أن يتنحِّى إلاَّ لأسباب معروفة، على أن تكون قبل قبوله القضية وليس بعدها. آداب مهنة المُحاماة وأوضح "ريان مفتي" -مُحام- أنَّ دور المُحامي لا يقتصر على الحصول على براءة المُتهم فحسب؛ وذلك لوجود جهة تفصل في قضيَّة البراءة من عدمها، مُضيفاً أنَّه لو وُجِد أدنى شك في أنَّ المُتهم يستحق المحاكمة والعقوبة لما كان هناك فترة تقاض، ولكان هناك اتهام مباشر، ولكانت العقوبة تسبق التهمة، مُوضحاً أنَّه لا يتضَّح وجود مُتهم قبل فترة التقاضي، سواءً للقاضي أو المحامي، مُشيراً إلى أنَّه قد توجد أحياناً أدلةً تفصل خلال فترة التقاضي وتتضح فيها بعض الأمور، إلى جانب وجود مستندات قد تكون مغلوطةً وغير حقيقيَّة، وكذلك وجود شهود قد يتضح فيما بعد أنَّهم شهود حق أو زور؛ لذا فإنَّ دور المحامي هو إظهار الحقيقة بمساندة الجهات القضائيَّة، ثمَّ تكون المحاكمة هي الفيصل في الحكم العادل. وأضاف أنَّ لمهنة المُحاماة آداباً عامَّة مثلها في ذلك مثل باقي المهن الأُخرى، مُوضحاً أنَّ من أهم أساسيَّات مهنة المُحاماة أن يُظهر المحامي حقيقة القضيَّة أمام مُوكِّله، وأن يُوضَّح له جميع العقبات والأمور التي في صالحه أو ضِدَّه، مُشيراً إلى أنَّ المُحامي النزيه لايقبل أيَّ قضيَّة يعترف فيها مُوكِّله أمامه بارتكاب هذا الجرم أو ذاك، لافتاً إلى أنَّ عليه أن يُوضِّح له أنَّ الهدف لايكمن في الحصول على براءته من التهمة فحسب، بل التأكُّد من صِحَّة القضيَّة، إلى جانب ضمان كامل حقوق المُتَّهم، سواءً في فترة توقيفه أو في فترة التقاضي، مُؤكِّداً على أنَّ الموافقة على الترافع لا تعني التأكيد أنَّ المُتَّهم بريء، مُبيِّناً أنَّ لكُلِّ قضيَّة قاضٍ ومدعٍ عام يُمثِّل الدولة في الحق العام، كما أنَّ لكُلِّ مُتَّهم محامٍ يدافع عنه حتى إن كان مُداناً في نظر القضاء والرأي العام قبل الحكم عليه. وبيَّن أنَّ بعض الدول تشترط وجود محامٍ للمتهم، وإذا لم يستطيع هو أن يدفع أجره فإنَّ الدولة تتكفَّل بمصاريفه، مُضيفاً أنَّ لكُلِّ قضيَّة ظروفاً مُشددة وأُخرى مُخفَّفة للعقوبة، مُشيراً إلى أنَّ من حق المحامي أن يستخدم ظروف التخفيف؛ من أجل أن يحصل المُتَّهم على عقوبةٍ مُخفَّفة، لافتاً إلى أنَّ ذلك يُعدُّ من حقوق المُتَّهم والفيصل هنا هو القضاء وليس المحامي؛ على اعتبار أنَّه طرف يُمثِّل العدالة ولا يعني وجوده أنَّه يدافع عن الظلم ضد الحق، بل هو يُساعد في إظهار الحقيقة ومُحاربة الجريمة، مُوضحاً أنَّ بعض أفراد المجتمع قد يرون أنَّ المُحامي يُدافع عن الظالم متناسين أنَّه لا يستطيع تزوير المستندات أو الحقائق الثابتة. إجراءات المُحاكمة من جانبه أكَّد "ياسين خياط" -رئيس لجنة المحامين بجدة- على أنَّ ترافع المحامي عن مُوِّكله يجب أن يكون وِفق المعايير المهنيَّة والأحكام الشرعيَّة، مُضيفاً أنَّ المحامي إن كان يعلم يقيناً أنَّه يُساعد المُتَّهم فإنَّه من الناحية الشرعيَّة يأثم، كما أنَّ النظام يُجرِّم هذا الفعل، خاصَّةً عندما يشتمل ذلك على صناعة مُستند أو تزويره أو تحضير بعض الأدلة غير الصحيحة أو المُماطلة في الجلسات، مُشيراً إلى أنَّ من يُمارس هذا الفعل فإنَّه يعبِّر بذلك عن سوء سلوكه وسوء أخلاقه وعدم احترامه للمهنة، لافتاً إلى أنَّ على المُحامي مُساعدة مُوكِّله والدفاع عنه في حال كان الدافع لذلك مُتابعة إجراءات المُحاكمة ومُراعاةً لظروفه والنظر في بعض الظروف المُحيطة بالقضيَّة، إلى جانب وجود بعض الأسباب التي أدَّت إلى اتّهامه ودخوله غمار هذه القضيَّة. وأضاف أنَّ دور المحامي يقتصر غالباً على متابعة إجراءات المُحاكمة بشكلٍ عادلٍ، ومنح مُوكِّله حقوقه النظاميَّة، ومُساعدته للحصول على حُكمٍ مُخفَّف، مُشيراً إلى أنَّ جانباً من دور المحامي يكون اجتهاديَّاً يتعلَّق في البحث عن النصوص القانونيَّة، والظروف المُخفَّفة، واستمالة الطرف الآخر في موضوع الصلح، إلى جانب السعي إلى الإصلاح أو إسقاط حق مُعيَّن بالتراضي، لافتاً إلى وجود حالات لمحامين يتحايلون على القانون؛ من أجل الشهرة والمال، وذلك أُسوةً بماهو موجودٌ في باقي المهن، مُستشهداً في ذلك بطبيب قد يبيع ذمته ويُجري عمليَّات مُخالفة للشرع والقانون؛ من أجل حفنةٍ من الريالات. عقوبات رادعة وأشارت "خلود الرواشدة" -مُستشارة قانونيَّة- إلى وجود العديد من الأسباب التي تدفع المحامي للدفاع عن المُتَّهم الظالم، ومن أهمها الحصول على المال وتحقيق الشُهرة، إلى جانب كون المحامي مُتمرِّساً في المهنة ولديه القدرة على تضليل القاضي وكسب القضيَّة، مُضيفةً أنَّ بعض المُحامين يتطلعون لمن سبقهم في سلك المحاماة، وبالتالي فهم يريدون اختصار الوقت للوصول إلى شهرة هذا المحامي أو ذاك، حتى لو حقَّقوا ذلك بالدفاع عن الظالم مُقابل مبلغ كبير من المال، مُرجعةً ذلك إلى ضعف الوازع الديني والرغبة في الظهور الإعلامي، مُشدِّدةً على ضرورة أن يكون المحامي مُطَّلعاً على جميع العلوم؛ وذلك لتعدُّد أنواع القضايا التي تُعرض عليه، لافتةً إلى وجود مُحامين ينصرون الظالم على المظلوم ويتخصَّصون في النصب على النساء بشكلٍ خاص. وقالت إنَّ مهنة المُحاماة أصبحت مهنة من لا مهنة له، إلى جانب اتجاه العديد من العاطلين عن العمل أو المتقاعدين لمُمارستها –على حد قولها-، وذلك في ظل عدم وجود الرقابة والتأهيل الكافي للمحامين، مُستشهدةً على ذلك بوجود العديد من مكاتب المُحاماة المُنتشرة حول مباني العديد من المحاكم، داعيةً الجهات المعنيَّة إلى الإعلان عن أسماء المُحامين النظاميين عبر الصحف، وأن يتم تشكيل فريق عمل لتنفيذ جولاتٍ رقابيَّة على أداء مكاتب المُحاماة، خاصَّةً القريبة من المحاكم، إلى جانب إصدار عقوبات رادعة للمُخالفين؛ لأنَّ هناك من وقع ضحيَّةً لمحامين استغلوهم بعد استلامهم الدفعة الأولى من الأتعاب، في حين ظلَّ المُوكِّل يُلاحق المحامي دون جدوى.