زيارة الرئيس باراك أوباما وزوجته ميشيل إلى الرياض امس تحمل معاني كبيرة. إن للسعودية وزناً عالمياً وإقليمياً يجعل القوة العظمى مهتمة باستمرارية سياسة المملكة على الصعيد السياسي والاقتصادي العالمي. ان كل ما قيل عن تقليص وزن السعودية في السياسة الأميركية الولايات نتيجة استقلالية الولايات المتحدة النفطية خطأ. فالسياسة الإقليمية للسعودية بالغة الأهمية للولايات المتحدة خصوصا بالنسبة الى مكافحة الإرهاب و «داعش» والتهديدات الإقليمية. كما أن الولايات المتحدة ترغب في معرفة توجهات القيادة السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز بالنسبة الى السياسة النفطية. وقد حرص الملك سلمان على تأكيد استمرارية السياسة النفطية التي كان اشرف عليها مع أخيه الراحل الملك عبد الله، فالسعودية مصرة على حماية حصتها في سوق النفط العالمية وهي بحوالى ٩،٦ مليون برميل في اليوم، على رغم أن سعر برميل النفط في أسواق لندن بلغ حوالى ٤٧ دولاراً وفي الولايات المتحدة ٤٥ دولاراً. إن السعودية، وبلسان وزير النفط علي النعيمي، لا تحدد الأسعار، فالسوق النفطية هي التي تحددها. والسعودية لا تقبل تخفيض إنتاجها كي يستفيد منتجون آخرون في أميركا أو في روسيا من زيادة إنتاجهم، فمستوى الأسعار الحالي أدى إلى إغلاق عدد من الشركات الصغرى التي تبحث عن استكشاف النفط الصخري المرتفع الكلفة في أميركا وكندا، كما انسحب عدد من الشركات في أماكن مختلفة من أميركا من هذه الصناعة بسبب كلفة الإنتاج المرتفعة التي تجعل عملياتها خاسرة. السعودية غير راغبة في القيام بالدور لتهيئة الظروف المناسبة لزيادة الإنتاج الصخري الأميركي على حساب مصالحها، إضافة الى أن أسعار النفط المرتفعة تمكن دولاً نفطية مثل روسيا وإيران من صرف مبالغ هائلة لدعم النظام السوري و «حزب الله» والحوثيين. صحيح أن السعودية لا تحدد الأسعار، ولكن لماذا تخفض إنتاجها فتساهم في تمكين سياسات خطيرة في منطقة الشرق الأوسط من الاستمرار بالتهديدات وزعزعة الاستقرار؟ أوباما سيبلغ القيادة السعودية أنه ماض قدماً في الانفتاح على إيران وأنه يولي أهمية كبرى لاتفاق نووي معها، معتبراً أنه سيفتح صفحة جديدة على صعيد سياسة إيران في المنطقة. وهو تحليل خاطئ، لان عودة العلاقات الأميركية مع إيران لن تفك تحالفات إيران مع «حزب الله» وبشار الأسد والحوثيين، خصوصاً إذا تم رفع العقوبات من دون قيد أو شرط فور توقيع اتفاق حول الملف النووي. مهمة هي زيارة أوباما إلى السعودية، إذ إنه رئيس الدولة الأكبر في العالم. لكن سياسة أوباما الإقليمية أساءت كثيراً للمنطقة، إن على صعيد عدم اهتمامه بالملف السوري وحصره بمكافحة «داعش»، الذي لم يكن لينمو لو تم علاج الوضع السوري منذ البداية، فأوباما جاء الى الرياض لتقديم التعزية بوفاة الملك عبدالله وأيضا لمعرفة اتجاهات القيادة السعودية بالنسبة إلى الملفات التي تهم الإدارة الأميركية والتي قد يكون حولها خلاف في الرأي، وذلك على صعيد ملفات سياسية إقليمية واقتصادية. فالحوار حول كل هذه المواضيع بين أوباما والملك سلمان وولي عهده الأمير مقرن وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف المعروف بمهارته في مكافحة الإرهاب، هو حوار بالغ الأهمية حتى لو كان هنالك اختلاف في الرأي. إن التعارف والاتصال بين الحكام أفضل من البعد وعدم الاتصال، فالعلاقة الشخصية عنصر مساعد دائماً في تجاوز الخلافات.