إذا أردنا أن نقرأ مستقبل سوريا استنادا إلى حقائق وتجارب تاريخية سابقة، فتاريخ الشعوب يفيض بالحروب والمعارك، ولكن مهما طال الأمر ستعود المياه إلى مجاريها، لتسير الحياة بشكل طبيعي، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح. يقول المثل «إذا ما كبرت ما بتصغر» فهذا البركان المتفجر في سوريا ليس إلا نتيجة تراكمات وضغوط نفسية واجتماعية وسياسية واقتصادية ومعيشية وحياتية تعود إلى عقود مضت، وهذه الأحداث ليست إلا متنفسا ومنبرا يعبر عن الآلام والمعاناة والقهر والذل والأحقاد الدفينة والأمراض النفسية. التاريخ علمنا أن المعارك والحروب تنتهي بجلوس المتخاصمين والمتحاربين على طاولة واحدة، وتوقيع معاهدات أو اتفاقات بينهم، فعلى سبيل المثال نراجع تاريخ لبنان الذي تقاتل أهله على مدى خمس عشرة سنة وذهب نتيجة الحرب الأهلية عشرات آلاف القتلى ومئات آلاف الجرحى والمعوقين واليتامى والمهجرين والثكالى، ولكن بعد كل هذه الويلات انتهى الأمر بتوقيع اتفاق الطائف وإنهاء الحرب، كما نراجع في التاريخ الحديث الحرب العراقية الإيرانية مثلا أو الحرب العالمية الثانية التي أفضت إلى تأسيس الأمم المتحدة، بعد استعمال الطيران والبوارج والغواصات والراجمات والمدافع وصولا إلى القنبلة النووية. إذا، فإن وقف نزيف الدم وإطفاء الحريق المشتعل، لا يتم عبر تصريحات الشجب والاستنكار والإدانة، وإنما عبر أعمال واقعية ملموسة، فالأسد لن يستطيع إنهاء المعارضة والعكس صحيح في ظل الوضع الدولي الحالي، وسيبقى الدم يجر الدم، وهذا أمر بديهي، لكن إلى متى؟ اليابان نهضت من كابوسها بكل قوة، وكذلك فعلت كوريا وألمانيا وغيرهما، وهذا ما ستفعله الشام رغم أنف أعداء الإسلام والعروبة، ستنهض سواء عبر مؤتمر جنيف أو غيره.. بإرادة أبنائها كلهم.