×
محافظة الرياض

“الشركة البحرينية لإنتاج الأفلام” تنطلق اليوم

صورة الخبر

ناهز التسعين عاماً، وهو يحمل في قلبه هذا الحب العظيم لشعبه، انحنى ظهره لهم الأمة، إذا تحدث صدق، وإذا وعد أوفى، لا يعرف تنميق الكلمات كما يفعل معظم الساسة، مباشر وواضح، يستخدم كلمات بسيطة يفهمها الشيخ الكهل في قرى الجنوب، والمرأة العجوز في أقصى الشمال، ويبكي لها طفل مكة. ارتقى ببلاد الحرمين في (10) سنوات، فأصبح لدينا (34) جامعة ما بين حكومية وأهلية، (5) مدن اقتصادية، وأمر بإنشاء وزارة الإسكان لتوفير الحياة الكريمة والسكن الملائم لأبنائه المواطنين، دعم صناديق التنمية، اعتنى بالمسجد الحرام، وأمر بمطار يليق بضيوف الحرمين، وقطارات تسهل وصولهم، اهتم بالتعليم فأمر بابتعاث أكثر من (250) ألفاً من أبنائه وبناته. هذا الملك الذي حمل بين أضلعه (لا إله إلا الله محمداً رسول الله)، لم يبخل على هذا الوطن، فأمر بمليارات وأوكل أمرها إلى وزراء ومسؤولين أصابوا وأخفقوا، وسيقفون أمام ملك الملوك يوم لا ينفع مال ولا بنون وسيحاسبون على هذه الأمانة التي وضعها رحمه الله في أعناقهم. لست هنا بصدد حصر إنجازاته ومآثره، فلو لم يكن له من إنجاز إلا أن حفظ بأمر الله أمن واستقرار بلاد الحرمين في ظل البراكين التي تحيط بالمملكة من كل صوب لكفاه. أسس لانتقال الحكم بسلاسة داخل بيت الحكم السعودي، فأوجد هيئة البيعة، وأوجد منصب (ولياً لولي العهد)، وأدرك الشعب السعودي مغزى هذا المنصب بعد وفاته، فانتقل الحكم بهدوء من ملك إلى ملك في دقائق، دون فرض لحالة طوارئ، أو حاجة لحكومة انتقالية، أو تنازع داخل الأسرة. تعجز أعظم وأقدم نظم الحكم في العالم أن تبني نظاماً سياسياً قادراً على نقل الحكم في دقائق. والدي عبدالله، أشهد الله وأنا أحد أبناء هذا الوطن، أنك اجتهدت وأوفيت ولم تخن العهد والأمانة، وسأقف أمام الله، أشهد بما كتبت اليوم. بكاك الوطن يا والدي، وافتقد شعبك أباً حنوناً، بكتك النساء، وانهمرت دموع الرجال بصدق بعيداً عن وسائل الإعلام، افتقدك الأطفال ولم يجف بعد تراب قبرك، وسيبكي العالم الرجل الحكيم، وسيدرك الحاقد قبل المحب، بأن العالم افتقد قائداً صادقاً أميناً، ومسلماً حمل هم الأمة على قدر استطاعته، وعربياً مد أياديه البيضاء لكل بلد عربي ومسلم. ولن تنسى دول الغرب هذا القائد المسلم العربي الناصح، الذي قدم مبادرته لحل الأزمة الفلسطينية، وتزعم محاربة الإرهاب، ودعا إلى حوار الحضارات والأديان. رجل بألف رجل، اهتم لأبنائه داخل الوطن وخارجه، رتب البيت الخليجي قبل وفاته، ومنع العالم العربي من الانزلاق إلى مزيد من التفكك، وكسب احترام الشرق والغرب. استمد قوته من إيمانه بالله، ونيته الصادقة، وحب شعبه له، الأمر الذي لا يمكن أن يتأتى لأي حاكم بسياسة أو بمال، إنها قدرة إلهية، صدق الله فصدقه الله، ولا نزكيه على الله ولكننا شهداء الله في أرضه. طب ميتاً أيها الملك الصالح، فالألسن تلهج بالدعاء لك، سراً وعلانية، ليلاً ونهاراً، فرحمك الله عدد ما لاح نجم في السماء ولمع، وعدد ما زار البيت الحرام من حجاج وركع، وعدد ما أشفق الباكي ودمع.