ادفع ريالاً تنقذ عربياً.. شعار يعود بالذاكرة إلى حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، ليحمل لنا في نصفه الأول دعوة للمبادرة، وفي نصفه الآخر ثمرة هذه المبادرة في إنقاذ إخوة عرب ــ دون تمييز ــ تموج بهم الأزمات في الشرق الأوسط. هذا الشعار والمبادرة التي كانت تستهدف فلسطين في قلبها لدعم أبنائها، لرفع مستوى صمودهم أمام آلة البطش المحتلة لديارهم. اعتبرت تلك المبادرة رسالة الحكومة السعودية لابنائها في الداخل لدعم إخوانهم في الخارج في العالم العربي وفلسطين، كانت وستبقى في محل القلب من هذا العالم، لذا تجلى هذا الدعم على الأصعدة كافة، فقدمت المملكة كل أنواع الدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين، وكان سلمان بن عبدالعزيز حين كان أميرا للرياض، أول رئيس للجان الدعم المقدمة من أبناء المملكة لإخوانهم في الأراضي المحتلة. ظهر ذلك بصورة كبيرة بعد أحداث حرب يوليو 1967، عندما أطلق الملك فيصل نداء بتشكيل اللجان الشعبية في مختلف مناطق المملكة لدعم أسر شهداء ومجاهدي فلسطين، وعهد برئاسة تلك اللجان إلى الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وقد شكلت في مختلف مناطق المملكة لجان بلغ عددها في المدن الرئيسة اثنتي عشرة لجنة مركزية، إضافة إلى عدد من المندوبين في مختلف المدن المنتشرة في المملكة. ويشير كتاب "المملكة العربية السعودية وقضية فلسطين" لمؤلفيه الفلسطينيين رفيق شاكر النتشة وعبد الفتاح حسن أبو عليه، إلى أن الأمير سلمان ــ وقتها ــ تابع تنفيذ سياسة الحكومة السعودية في دعم أنشطة تلك اللجان في جمع التبرعات من أبناء الشعب العربي السعودي، ومن الفلسطينيين والعرب المقيمين في المملكة، وأطلق شعارا عمل به الصغار والكبار خاصة الطلاب منهم: "ادفع ريالا تنقذ عربيا"، وجاءت الحملة ردا على الشعار الصهيوني: "ادفع دولارا تقتل عربيا". وقد بلغت حصيلة التبرعات من تلك اللجان الشعبية مئات الملايين من الريالات، مما جعلها سباقة في هذا المجال على الصعيد الشعبي. ويلفت الكاتب السعودي عبد الرحمن آل الشيخ إلى أن شعار" ادفع ريالاً تنقذ عربياً"، وهو الشعار الذي كان يمثل تبرعاً بريال واحد من كل طالب مدرسة في ذلك الزمن، ومن كل مواطن، إلى أن طلاب ذلك الزمان كانوا يتسابقون بشغف لا حدود له إلى التبرع بذلك المصروف المدرسي أو جزء منه لإخواننا أبناء الشعب الفلسطيني المجاهدين، بكل فخر وسعادة وشعور وطني يحمله كل طالب انغرست فيه روح المساعدة منذ طفولته. ووصف سلمان بن عبدالعزيز يوما أخاه الراحل سلطان بن عبدالعزيز، بأنه مؤسسة خيرية تمشي على قدمين ثناء على حبه الفطري لفعل الخير، هو رجل كما يبدو ظل يسعى إلى أن تكون ثقافة الخير والبذل عامة لا تختص بها نخبة أو أغنياء، فكان يغرس في الأبناء عبر العقود الماضية حب المساهمة في فعل الخير، لتكون المملكة شعبا وحكومة ممن يسعون في الأرض صلاحا ولا يهدمون.