بإبتسامة عريضة وواثقة حذر الأمين العام لحزب الله في لبنان في مقابلة اجريت معه في الآونة الأخيرة أنه من حق الحلفاء الإقليميين للرئيس السوري بشار الأسد الرد إذا استمرت هجمات إسرائيل داخل سوريا. لم يكن متوقعا أن توضع كلمات السيد حسن نصر الله على المحك سريعا إذ بعد ذلك بثلاثة أيام نفذت إسرائيل ضربة داخل سوريا متسببة في مقتل عدد من العسكريين البارزين في حزب الله منهم قائد عسكري ونجل القائد العسكري الراحل عماد مغنية وضابط إيراني. وتقول مصادر أمنية وسياسية مقربة من حزب الله إن الهجوم قد يكون له تداعيات. فهو يضع حزب الله تحت ضغط للرد وقد يهز أيضا الهدنة بين سوريا واسرائيل. ولم تعلق قيادة الجماعة على الهجوم بعد. وقال مصدر أمني رفيع مقرب من حزب الله العدو اقترب من الخطوط الحمر في الصراع الأمني مع حزب الله ومن المؤكد ان قواعد اللعبة قد تغيرت. ويعتبر حزب الله إسرائيل أبرز عدو له. ولكن مقاتليه في سوريا ومحافظة القنيطرة تحديدا حيث وقع الهجوم الإسرائيلي كانوا قد غضوا النظر عن وجود الجنود الاسرائيليين على الجانب الآخر من الحدود حتى الآن. وأغارت إسرائيل على سوريا عدة مرات منذ بدء الحرب الأهلية هناك وغالبا ما كان القصف يستهدف تدمير أسلحة مثل الصواريخ قال مسؤولون إسرائيليون إنها كانت في طريقها إلى حزب الله. ولم يعترف حزب الله علنا بتلك الهجمات. لكن أهمية الذين قتلو هذه المرة ورمزيتهم بالإضافة لتهديدات نصر الله تجعل من الصعب تجاهل الهجوم. وقال مصدر امني لرويترز في السابق كانت كأنها قواعد غير معلنة: تتجاهلوننا ونحن نتجاهلكم وألا تصل الهجمات إلى حدود الاستفزاز الكامل. هذا الذي حصل إستفزاز كامل لحزب الله ولكنها سقطت الآن. أَضاف قوله إذا لم يرد الحزب فسيظهر كانه غرق في الوحل السوري وهذا غير صحيح وخسر قدرته على الردع. وقال مسؤول سياسي قريب من حزب الله يجب ان نتوقع الرد على البارد فحزب الله لن يمارس رد فعل عشوائيا وغير محسوب وهو سيرد وفق قواعد اللعبة التي رسمها لنفسه في التوقيت والمكان المناسبين. وتبدو خيارات حزب الله للرد محصورة فهي قد تكون إما الضرب من معقله في جنوب لبنان مما قد يؤدي الى حرب شاملة مع اسرائيل وإما مهاجمة مواقع أو شخصيات داخل اسرائيل والجولان أو ضرب مصالح إسرائيلية في الخارج ولكن لكل من هذه الخيارات ثمنها. وقال مسؤول دفاعي اسرائيلي لرويترز ان الرد من حزب الله متوقع لكنه أضاف انه سيكون هجمات على نطاق أصغر ومن غير المرجح ان تقود إلى حرب. وقتل ستة من أعضاء حزب الله في غارة اسرائيلية في محافظة القنيطرة بالقرب من الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل حيث ما زالت اتفاقية الهدنة جارية بين الجانبين السوري والإسرائيلي. واتفاقية الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة لا تزال نافذة منذ عام 1974 اي بعد عام على آخر حرب بين سوريا واسرائيل. ومنذ معاهدة وقف إطلاق النار على الحدود بين البلدين كانت الهدنة سارية حيث تفادى الطرفان استفزاز بعضهما بعضا. ولكن لم يعلن حزب الله قط التزامه بالهدنة لأنها كانت اتفاقا بين دولتين. لكن هذا قد يتغير الآن. وقال مصدر أمني مقرب من وقع المعارك في سوريا إن الغارة وضعت مستقبل الهدنة على المحك. وقال كان هناك التزام غير معلن من جانب الجماعة لكنه سقط الآن. قد يصبح الجولان تحت وقع ضربات الحزب مثلما كان جنوب لبنان قبل انسحاب الإسرائيليين. أنشئ حزب الله في الثمانينات بمساعدة ايرانية لمحاربة اسرائيل. وغالبا ما يتهمه خصومه بأنه يتصرف كدولة داخل الدولة. وتقع أجزاء كبيرة من لبنان ضمن سيطرته لاسيما منطقة جنوب لبنان على الحدود الشمالية مع إسرائيل. وقد نمت قوة وتأثير الحزب إلى أبعد من لبنان. ففي وقت نأت الحكومة اللبنانية بنفسها عن الصراع في سوريا أرسل حزب الله مقاتلين لمساعدة الرئيس بشار الأسد. ويقول مسؤولوه انه على الرغم من أنه خسر عددا من مقاتليه في المعارك الدائرة هناك فإن التأثير الكلي للحرب على الجماعة كان ايجابيا فقد ازدادت ترسانته العسكرية بشكل كبير وتمكن من تدريب مقاتليه في معارك حية وحقيقية وفي أراض غير مألوفة لهم سابقا وايضا بات مقاتلو الحزب متدربين في الهجوم بعد ان كانوا في الدفاع. وقال مسؤول في الحزب لأول مرة منذ نشاة حزب الله فان مجاهدينا يقاتلون في أرض غير أرضنا وفي ظروف ومناطق جغرافية لم نقاتل بها من قبل وهي مختلفة كليا عن ظروف قتالنا في جنوب لبنان. وأضاف قوله كما اننا نقاتل كجيش الآن ومع حلفاء وهذا الأمر لم يحصل قبل. كنا قبلا نقاتل كمجوعات صغيرة منفصلة وهذا يعتبر تطورا كبيرا في قدرات مقاتلينا العسكرية. ولكن في ظل الانقسامات السياسية والطائفية في البلاد سيكون من الصعب على حزب الله أن يحظى بتأييد محلي كامل لأي هجمات تنطلق من لبنان والتي قد تؤدي الى حرب مع إسرائيل. وقال مصدر مقرب من حزب الله لرويترز حتى الآن قواعد اللعبة هي للرد خارج لبنان إلا إذا جلب الإسرائيليون الحرب إلى لبنان. موضحا أن الحزب يريد تفادي حرب شاملة. ولا يزال لبنان يتعافي من خسائر الحرب التي استمرت 34 يوما مع اسرائيل عام 2006 وانقسمت البلاد بين داعم لحزب الله في حربه ومناهض له. ويحاول حزب الله احتواء الأضرار الناجمة عن اعتقال أحد كوادره الذي اعترف بأنه كان يعمل جاسوسا لصالح اسرائيل في اختراق هشم صورة الحزب الذي كان يعتبر نفسه محصنا من أي اخترق. وكان الجاسوس المشتبه به أحد الضباط المسؤولين عن العمليات الخارجية للجماعة ويعتقد أنه قام بتسريب خطط حزب الله لتنفيذ هجمات انتقاما لمقتل القائد العسكري البارز عماد مغنية. وكان مغنية الذي قتلت إسرائيل ابنه الأسبوع الماضي قد قيل إنه ضالع في تفجيرات السفارة الأمريكية وثكنات القوات الأمريكية والفرنسية في بيروت في عام 1983 وفي هجمات على أهداف إسرائيلية. ويتهم حزب الله إسرائيل بقتله وهو ما تنفيه إسرائيل. وقال أحد المصادر الأمنية حاول الحزب الانتقام لمغنية ولم تنجح هذه العمليات لعدة اسباب منها لأسباب فنية والبعض تم تسريبه الى الإسرائيلي من الجاسوس. وقال نبيل بومنصف المحلل اللبناني ان الحزب ليس مهيأ للعمل لإشعال حرب شاملة مع اسرائيل من لبنان. وبدلا من ذلك قد يكون الرد هجوما محددا لا يصل إلى حد المواجهة الكاملة. رابط الخبر بصحيفة الوئام: حزب الله تحت ضغط الرد بعد الهجوم الإسرائيلي