لم يكن سقوط القصر الرئاسي اليمني إلا الحلقة الأخيرة من مسلسل الانقلاب الذي قادته جماعة الحوثي بتسهيل من جماعة الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 21 سبتمبر الماضي؛ إذ استولى الحوثيون على المؤسسات العسكرية والأمنية والرئاسية ووسائل الإعلام الحكومية والصحف الورقية، وباتوا يتحكمون في القرارات الرئاسية، وهو ما أعلنته وزيرة الإعلام اليمنية نادية السقاف في حوار مع السي إن إن الأمريكية عند سؤالها عن الصعوبات التي تواجه الحكومة اليمنية، فأجابت: في الحقيقة، ليس في أيدي الحكومة الكثير لتعمله فعلياً. كل مؤسسات الدولة باتت تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين. وقدم الرئيس عبدربه منصور هادي المغلوب على أمره كل التنازلات الممكنة للحوثيين لتجنب هذه اللحظة، لكن ذلك لم يشفع له نظراً إلى أن قرار الحوثيين بيد طهران؛ إذ استولى الحوثيون بشكل رسمي اليوم على دار الرئاسة في اليمن، ولم يكتفوا بذلك بل سيطروا على منزل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في شارع الستين في صنعاء. وتراجع الحوثيون عن استهداف منزل الرئيس، وعمدوا إلى إخلائه من المسلحين قبل قليل. من جهته، قال زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي بعد استيلاء الحوثيين على قصر الرئاسة إن الرئيس اليمني لم يكن جادًّا في الحوار خلال الأشهر الماضية، متهماً السلطات اليمنية بالتعاون مع القاعدة لنهب البنوك ومخازن الأسلحة لصالح القاعدة. مضيفاً بأنهم مصرون على فرض أي إجراءات ضرورية لتنفيذ اتفاق السلم والشراكة. وتحاشى زعيم الحوثيين التصريح بحصول الانقلاب العسكري وبمصير الرئيس خشية من تفاقم الأزمة، وما زال يسمي عبدربه بالرئيس اليمني. وكشفت مصادر إعلامية مقربة من الرئيس اليمني عن أن هناك ترتيبات لإنشاء مجلس عسكري لقيادة البلاد، وإجبار الرئيس اليمني على الموافقة على هذا المجلس عبر تسهيله عملية انتقال الحكم ليحظى بالشرعية، وستكون للحوثيين وجماعة علي عبدالله صالح اليد الطولى في إدارة البلاد عبر هذا المجلس، الذي من المتوقع إعلانه في الساعات القادمة. وأعلنت وزيرة الإعلام اليمنية نادية السقاف على حسابها في تويتر تسارع الأحداث في اليمن، مؤكدة أنها ستنتظر حتى تنجلي الأمور، وستوافي الجميع بالأخبار عندما تستقر الأوضاع لأي جهة كانت. ولا يمكن عزل أحداث صنعاء عن حادثة القنيطرة في سوريا أمس الأول بعد مقتل قادة كبار من حزب الله وإيران بصواريخ إسرائيلية واستهداف مباشر، وأرادت إيران التغطية على الحادث وعجزها عن الرد بتصعيد الملف اليمني نظراً لفقدانها العديد من الأوراق الضاغطة في المنطقة؛ فهي مستنزفة في سوريا، وتكافح في العراق لمنع سقوط بغداد. هذا، بخلاف الأنباء التي تحدثت عن إصابة قاسم سليماني بجروح بالغة، وهي ضربة مؤلمة لطهران، ولم يبق لديها إلا الملف اليمني، وبالأصح دار الرئاسة في اليمن؛ إذ كشفت مصادر أمنية يمنية أن الاشتباكات أمام قصر الرئاسة في صنعاء اندلعت بشكل مفاجئ، وبدون مقدمات، ولا توجد أسباب مقنعة لذلك. وفي موازاة ذلك، قال مصدر أمريكي على اطلاع بخطط إخلاء السفارة الأمريكية في اليمن إن بارجتين تابعتين للبحرية الأمريكية قد وصلتا إلى مواقعهما الجديدة في البحر الأحمر، استعداداً لإخلاء موظفي السفارة الأمريكية في العاصمة اليمنية صنعاء، إن صدر الأمر بذلك. وتابع المصدر في تصريحات إلىCNN : إن أمر الإخلاء لم يصدر، ولم يجرِ إخلاء موظفي السفارة. لافتاً إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن الاستعداد لصدور أمر مشابه. وأشار المصدر إلى أن الخيار الأول للإخلاء هو عن طريق مطار صنعاء. سياسياً، أعلنت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي عقد اجتماع وزاري عاجل لوزراء الخارجية الخليجيين يوم غد في الرياض لبحث التطورات المتسارعة في اليمن. وفي أول رد فعل من طهران، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن سياسة إيران هي إطلاق محادثات مفتوحة وشفافة وشاملة مع السعودية، تشمل جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك. واعتبر شمخاني في لقاء مع سفير إيران لدى السعودية حسين صادقي أن الوضع المضطرب الحالي في العالم الإسلامي يستوجب المزيد من المساهمة الواقعية من قبل الحكومات، مثل الحكومة الإيرانية والحكومة السعودية، موضحاً أن هذه المساهمة يجب أن تؤدي إلى مواجهة جادة وصادقة مع التطرف والإرهاب الذي يظهر جلياً في سلوك المجموعات التكفيرية مثل تنظيم داعش. من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الثلاثاء إلى وقف فوري للمعارك في اليمن؛ إذ استولت ميليشيات الحوثيين على مجمع القصر الرئاسي في صنعاء. وأعرب بان عن قلقه العميق للأزمة في هذا البلد، في حين عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مغلقة حول اليمن للبحث في محاولة الانقلاب الرامية إلى الإطاحة بالرئيس عبد ربه منصور هادي. وأعرب المجلس عن إدانته للحادث، مجدداً دعمه للرئيس اليمني عبد ربه منصور.