خرجت أرباح الربع الأخير من نتائج المصارف المحلية في السعودية لتكشف حجم قوة ومتانة هذا القطاع الحيوي المهم، الذي يشكل أحد محاور استقرار الاقتصاد الوطني ومن أهم لاعبيه، بعد نجاحات إدارية ومالية يحققها هذا القطاع، وفق رؤية عملية مدعومة بمجموعة من التوازنات الاقتصادية، التي تمنحها الحكومة لتلك المصارف ورساميل محلية تغذي تلك التوجهات بالشكل المطلوب. أكثر من 42 مليار ريال نتائج متوقعة لأرباح المصارف المحلية في العام 2014 بعد صدور معظم نتائج الربع الأخير لتلك القطاعات، وعلى الرغم من الهزة الاقتصادية التي طالت أسواق النفط العالمية وأوصلت سعر البرميل ليلامس أربعين دولاراً أمريكياً، وأثرت بشكل مباشر على الموازنة العامة للدولة، التي أخرجتها بعجز 145 مليار ريال، إلا أن الحكومة أصرت على أن تخرج بنفقات قياسية جديدة وصلت إلى 860 مليار ريال، وهو ما يجعلنا ندرك أن القطاع الحكومي لا يزال هو الراعي الأمثل والمحرك الحقيقي للاقتصاد الوطني، وأن القطاع الخاص لا يزال يلعب دور (المراهق) في التصرفات المالية ودعم المشاريع والبنى التحتية. لربما يكون الملاذ الطبيعي للحكومة لسداد العجز في الموزانة للعام 2015 هو المصارف المحلية، التي تستحوذ الحكومة على بعض منها عن طريق صناديق استثماراتها والخيار الآخر المحبب هو صناديق الدولة من مصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إلا أن الدور الحقيقي لإدارات تلك المصارف يجب أن يظهر خلال السنوات الخمس المقبلة، في مشاريع تنموية ملموسة، تدعّم احتياجات المواطن وتلبي تطلعاته في مؤسسات وقطاعات خاصة، أدارت له ظهرها إلا من برامج كانت ولا تزال تحقق الفائدة لوجه واحد من العملة وهي المصارف نفسها من خلال الفوائد والعمولات المركبة. الحراك الحقيق المنتظر من المصارف في ظل توقعات باستمرار تذبذب السوق النفطي وتأثيراته إلى ثلاث سنوات قادمة، يجب أن يظهر اليوم من المصارف ليس من خلال برامج إقراض سكن أو تمويل سيارة أو حتى قروض شخصية، إن لم تسهم تلك المصارف بشكل حقيقي في مشاريع تنموية للدولة بشكل بارز في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم وغيرهما من الأولويات، فستستمر الفجوة بين المصارف والمواطن في نظرة الثاني بأن تلك القطاعات تعمل لمصلحتها ليس إلا.