من شاهد مباراة المنتخب أمام كوريا الشمالية لا شك بأنه سيندهش تماماً من المستوى العالي جداً الذي قدمه الجميع من لاعبي المنتخب، وهذا نتاج ضغط إعلام الألوان الذي سبق المباراة، ولا استغرب حقيقة مثل هذه الأصوات، فالرياضة لدينا أولوياتها الأندية، ثم الأندية، ثم المنتخب للأسف، وهذا الأمر أصبح ديدن النسبة العظمى للإعلام، هذا الإعلام الذي وضع لبناته الرعيل السابق الذي أصّل التعصب ووثقه في المدرجات إلا من رحم ربي، نعم نعيش رياضة تناحرية تعدت أفق الأدبيات جداً، نعم نعيش بعقلية رياضية منفرّة تماما للدخول في الوسط الرياضي، فالكل يعلم بأن الإعلام رسالة سامية ذات أهداف بناء فقط، ولكن ما يحدث في إعلامنا الرياضي ليس هو إلا تسابق على شهرة بصورة فضائحية مخجلة جداً، وللأسف بأن هذه الأفكار المتسوسة امتدت للمنتخب، فأصبح تناحر الإعلامي بين الأندية هو ذاته تناحر ألوان بين المنتخب، فيتسابقون على نشر الشائعات على لاعبي المنتخب من باب الميول، وما يجعل الأمر لا يطاق، شاهد من يدافع عن الحق بنظره وقاطن المدينة الفاضلة في الإعلام، وشاهد حسابه الرسمي في مواقع التواصل الاجتماعي، ومدى السقوط بالألفاظ السوقية والسب العلني، وللأسف تجاوز عمره العقد الخامس والسادس، ومع ذلك تجده بؤرة للسب العلني والقذف، بل الأمر تعدى السب كثيرا، ولامس عبارات شوارعية، هذا هو أغلب إعلامنا الذي ينتقد المنتخب من باب الميول، إعلامنا يتراقص طرباً بخسارة المنتخب لأن لاعبه المفضل لم يُضم، كيف لي بأن أتقبل رأيه، إعلام ينشر صورا ضد المنتخب، كيف لي بأن احترمه، إعلام يقوده (ساذج ومتملق) كيف لي بأن أثق به، إعلام يدخل في جدلية جماهيرية وينحاز مع طرف ضد آخر كيف لي بأن احترم حيادية برنامجه، وأخرها إقرار مقدم برنامج بأن الأهلي هو الملكي وليس الهلال، إعلام يُعرّض بالمنتخب بكل صغيرة وكبيرة كيف لي أثق بطرحه، إعلام في النهار يقذف المسلمين علنا ويدافع عن الفضيلة ليلا في التلفاز كيف لي بأن اعترف بإعلام هكذا.. ! - شاهدت بكل حُرقة حشرجت صدر النزيه والإعلامي الذي يمثلني بكل حرف ينطقه، عندما انطلقت كلمات الحق من حنجرة النقاء، ومن فم الوطنية الحقيقية، عندما أطلق سراح المكنون علنا، فيصل المنتخب، فيصل الحُرقة، فيصل الصفاء، وجفن العدالة وبريقها، عندما نطق حرفيا: هذا منتخب السعودية، هذا منتخبنا ياغافلين، شعرت بالفخر بعقلية سعودية كهذا الرجل، هذا الرجل يمثل إعلام النزاهة والمنطقية انفجر وطنية فانفجرت معه مدرجات تصفق بحرارة، مللنا من إعلام ذو أقنعة، مللنا إعلاما يقوده (رعيل متعصب)، إعلاما جمع الفلورز متهالك ونخر في جسد مدرج، انتجوا منه عقليات تردد بلا دراية، الشهرة في إعلامنا أصبح طريقها فقط بـ (السقطات) قليل جداً من إعلامنا من اشتهر بالإيجابية، بل النسبة العظمى كانت شهرتهم إما بالفضائح أو بالطرد أو بالشكاوي أو بسلبيات أخرى، اشتهروا سلبا فاصبحوا يتحدثون عن الإيجابيات، عذرا فمهنة (إعلامي) أصبحت مهنة مَن لا مهنة له!